كان كل شىء يسير طبيعيا فى منطقة المشاعر ، الحركة المرورية تميزت بالانسيابية ،قوات الأمن والدفاع المدنى كانت علي أهبة الاستعداد والجاهزية لخدمة ضيوف الرحمن. ومع فجر يوم عرفة وإشراقة شمسه وصلت وفود ضيوف الرحمن نافرين من مشعر منى إلى مشعر عرفات في رحلة تلفها البركات وتغمرها الرحمات . واستقر أكثر من مليوني حاج، امس الأول، على صعيد مزدلفة بعد أن نفروا إليها من بعد مغرب أمس قادمين من مشعر عرفات، حيث شهدوا وقفة عرفات ملبين. وأدى حجاج بيت الله أعمال يوم النحر برمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات، ثم الاتجاه للمسجد الحرام لأداء الركن الثالث من أركان الحج وهو طواف الإفاضة والسعي لمن لم يسع بين الصفا والمروة وسائر أعمال يوم النحر من حلق وتقصير وذبح للهدي والأضاحي والفدي، ثم يعودون مساءً لمشعر منى لقضاء الليلة الأولى من ليالي أيام التشريق. كانت تلك هى الصورة الطبيعية لموسم حج هذا العام إلى أن استيقظ حجاج بيت الله الحرام على فاجعة مؤلمة نتج عنها وفاة 717 حاجا واصابة 863 مصابا من مختلف جنسيات العالم بينهم 38 حاجا مصريا بين شهيد وجريح. وقع الحادث فى نقطة التقاء شارع 9 والشارع الجديد مع الطريق 204 نتيجة التدافع والتزاحم حيث اعلنت الجهات المعنية حالة استنفار قصوى لنقل المصابين وجثث المتوفين. تشير التقارير الاعلامية إلى أن رجال الدفاع المدنى وهيئة الهلال الاحمر بذلت جهودا مضنية لانتشال الضحايا والمصابين فيما يروى شهود العيان من الحجاج ان قوات الدفاع المدنى جاءت متأخرة ساعات طويلة ظلت خلالها الجثث فى الشوارع بينما حاول حجاج قريبون انقاذ الحجيج وتقديم المياه لهم ، كما القى شهود عيان اللوم على قوات الدفاع التى لم تكن مدربة للتعامل مع مثل هذه الحوادث. الشاهد -وفقا لتصريحات المتحدث باسم الدفاع المدنى - أن الحادث باشره اربعة الاف رجل أمن و220 الية انقاذ واسعاف التى تلقت الدعم والمساندة من مركز العاصمة المقدسة وتدخلت الطائرات الاسعافية فى نقل الحالات للمستشفيات الواقعة خارج مشعر منى . ووفقا للتصريحات الرسمية لقوات الدفاع المدنى أن اسباب حادثة التدافع والزحام التى حدثت امس الأول فى مشعر منى كان تعارض حركة الحجاج المتجهين شارع 204 مع حركة الحجاج على شارع 223 مما تسبب فى التزاحم والتدافع وسقوط عدد كبير من الحجاج وساهم فى ذلك ارتفاع درجات للحرارة والاجهاد الذى تعرض له الحجيج بعد الوقوف فى عرفة ونفرة الحجيج من مزدلفة. وأجمع عدد من الحجاج شهود العيان لمراسل الاهرام ان السبب الرئيسى للحادث ترك منفذ واحد على الشارع الجديد للتفويج نحو جسر الجمرات وغلق منافذ نجدة الطوارىء للقادمين من مزدلفة والعائدين من الجمرات وهنا حدث التكدس للحجاج فى شارع واحد فى حين قبل ساعة من وقوع الحادث كانت حشود الحجاج تتزايد فى الشارع الجديد . ويقول احدهم كان فى هذه اللحظة لابد من المفترض فتح المنافذ لتخفيف الضغط البشرى الهائل ولكن للأسف استمر ت المنافذ الأخرى مغلقة ومن ثم حدث التدافع بين الحجاج وسقوط هذا العدد الهائل من الحجاج . ويروى حاج جزائرى يقيم فى مخيم فى نفس الشارع أن حجاجا كثيرين قضوا خنقا ودهسا تحت الاقدام . وقام رجال الدفاع المدنى جزائريون مرافقون للبعثة الجزائرية بانقاذ عدد من الحجاج المصريين وقدموا لهم المياه والعصائر داخل المخيم.وذكروا أن شده الحرارة ادت لتسلخ اجساد الحجاج الذين لقوا على الاسفلت من شدة الحرارة ونزع جلودهم. إن الحادث المؤلم لا يجب ان ينسينا الجهود الهائلة التى تبذلها المملكة العربية السعودية لاستقبال اكثر من مليونى حاج ، وتبقى مسئولية الحكومات نشر ثقافة الحج بين حجاجها وان الله لايرضى التزاحم فى شعيرة اساسها الرحمة والحب والسلام.