المعيار الحقيقي لديمقراطية أي نظام في العالم هو مدي الإلتزام بدولة القانون, لأن البديل قد يكون دولة الفوضي أو دولة المليشيات مثلما حدث في بعض الدول كالصومال ولبنان, وهو أمر يؤدي في النهاية إلي انهيار مفهوم الدولة نفسه وضياع الوطن والمواطن. وبعض الممارسات التي نشهدها الآن تتنافي مع دولة القانون وقد تقودنا إلي منحني خطر يهدد بنيان الدولة في مصر, فماذا يعني قيام أنصار أحد من تقدموا للترشيح لرئاسة الجمهورية بمحاصرة مبني مجلس الدولة أثناء نظر قضية تخصه, واستخدام مكبرات الصوت في ترديد الهتافات التي تطالب بالجهاد وتهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا لم يصدر الحكم طبقا لما يريدون. وماذا يعني أن يتكرر نفس السلوك بمحاصرة اللجنة العليا المشرفة علي انتخابات الرئاسة, وماذا يعني أن يلجأ قيادي بحزب الأغلبية في تصريحاته إلي منهج التكفير فيصف البعض ب كفار مكة, وأن يستخدم آخرون منهج الإقصاء للتخلص من معارضيهم. لم تقم ثورة في مصر ونتخلص من نظام ديكتاتوري لنقيم بدلا منه نظاما فاشيا, وإنما قامت الثورة ودفع شباب مصر ثمنها من دمائهم الطاهرة لنقيم دولة القانون, وهي لا تعني فقط وجود قضاء مستقل ونظام قانون عادل, وإنما تعني أيضا تهيئة مناخ مجتمعي يكفل للقضاء عدم التعرض لأي ضغوط, والتسليم بأن القانون وحده هو الفيصل والحكم في أي خلاف.