لأنه كان يعمل علي مدى الساعة، ولا يكل ولا يمل، ولم تكن له شلة، وكان من السهل الوصول إليه والتواصل معه دون وسيط أو حسيب، فقد استطاع المهندس ابراهيم محلب أن يصل إلي قلوب الناس بسهولة، وأصبح واحدا من أفراد الأسرة المصرية.. يستقبل الطالبة التي تتظلم من النتيجة، ويجلس وسط العمال الذين يجأرون بالشكوي لينهي مشكلاتهم، ويستمع إليهم ويصل معهم إلي حلول توافقية، ثم ينزل إلي الشارع ليتابع حجم الإنجاز في المشروعات ويستنكر القصور والخلل في الأحياء والمستشفيات مستخدما صلاحياته التنفيذية في محاسبة المخطئين والمقصرين. هكذا كان إبراهيم محلب رئيس الوزراء الذي تقدم باستقالته في الأسبوع الماضي إلي الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي قام بتكليف رئيس الوزراء الجديد المهندس شريف إسماعيل ليقود الحكومة في المرحلة المتبقية من عمر إنجاز الاستحقاق الثالث لخريطة الطريق الخاص بالانتخابات البرلمانية، وبعدها إما أن تتم إعادة تكليف رئيس الوزراء الجديد بتشكيل الحكومة مرة أخري أو تكليف شخص آخر لهذه المهمة. ما يفعله السيسي يؤكد أنه يسابق الزمن ولا يريد تضييع ساعة واحدة، فرغم ضيق الوقت، وكان من الأسهل استمرار الحكومة السابقة في استكمال مهمتها لكن قضية وزير الزراعة وتراخي بعض الوزراء والمحافظين وتقصيرهم عجل بنهاية الحكومة. رئيس الوزراء المستقيل إبراهيم محلب أدي ما عليه في ظروف عصيبة مرت بها مصر حيث رأس الحكومة ومصر في حالة غليان وتوتر، ومن خلال سياسة الباب المفتوح والحوار المباشر استطاع تخفيف حدة الاحتقان وامتصاص الكثير من الصدمات، وبذل جهدا كبيرا في عمله داخل مجلس الوزراء وخارجه، وبعد أن كانت الحكومة السابقة تهرب من مقرها بقصر العيني إلي أماكن أخري، عادت حكومة محلب إلي المقر الرسمي لمجلس الوزراء بعد أن هدأت التوترات والمظاهرات والاحتقان إلي أدني حد ممكن. كل هذا يحسب لمجلسه وحكومته ولذلك لم يكن غريبا أن يعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام طلبة الجامعة أنه سوف يضع محلب في المكان المناسب للاستفادة بإمكاناته وخبراته في إطار رؤية جديدة تحكم العمل التنفيذي في مصر في الاستفادة بكل الخبرات والإمكانات بعيدا عن التهميش والإقصاء التي كانت متبعة من قبل. ربما يكون المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء الجديد أسعد حالا لأنه جاء في ظروف أفضل كثيرا من ظروف حكومة محلب فالآن هناك حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني والشعب الآن كله يد واحدة خلف رئيسه، والحالة الاقتصادية أفضل مما كانت عليه وكذلك الحالة الأمنية، وأما الحالة السياسية فها هي أيام معدودات ويتم استكمال خريطة الطريق بانتخاب البرلمان الجديد. كل هذه الأمور تجعل فرصة المهندس شريف إسماعيل أفضل في اختيار القيادات وأسرع في الإنجاز فلا وقت للراحة، وإن كانت ظروف بيئة العمل أفضل كثيرا مما سبق. مطلوب من رئيس الوزراء الجديد أن يبدأ من حيث انتهت الحكومة السابقة، وأن يفتح ملفات الفساد بكل شفافية لاستئصاله من كل الوزارات والهيئات والمؤسسات والشركات، وأن يضع منهجا ونظاما للتعامل الدائم مع ملفات الفساد بحيث تظل قضية الحرب علي الفساد دائمة ومستدامة، وليست «موقوتة» بزمن أو بشخص أو بواقعة أو بجهة. يرتبط بملف الفساد ملف اختيار القيادات بحيث تكون الكفاءة والملاءمة هما المعيارين الأساسيين في الاختيارات بعيدا عن أى شللية أو محسوبية أو معارف، فهناك متخصصون لا يفعلون شيئا سوي «التربيط» وتسويق أنفسهم وهم «أفشل خلق الله»، كما أثبتت السنوات الأخيرة سقوط الكثير من الأقنعة وفشل هؤلاء الذين كانوا يعتقدون أنهم مضطهدون، وهم لا يملكون إلا الشعارات الزائفة والعقول الفارغة. مطلوب من الحكومة الجديدة أن تكون عونا للرئيس وأن تتقارب السرعات بينهم، فلا يعقل أن يعمل السيسي بسرعة الصاروخ، والحكومة بسرعة السيارة أو ربما أقل، فلابد أن تتقارب السرعات لتزداد معدلات الإنجاز بأقصي سرعة ممكنة لتعويض ما فات علي مختلف الأصعدة.. فهل ينجح المهندس شريف إسماعيل في ذلك كما نجح في قطاع البترول وأثبت كفاءته؟ نتمني ذلك إن شاء الله. لمزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة