يعتبر العالم أجمع أننا نعيش الآن فى عصر النانو تكنولوجي، حيث بدأ فعليا منذ نحو ثلاثين عاما فقط. فكان أول من نوه عما يعرف اليوم بالنانوتكنولوجي، هو عالم الفيزياء الأمريكى ريتشارد فينمان فى اجتماع الجمعية الفيزيائية الأمريكيةيوم 29 ديسمبر عام 1959 فى معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا بالولايات المتحدةالأمريكية، ولقد حصل على جائزة نوبل فى الفيزياء عام 1959، ثم أكمل عالم الرياضيات الأمريكى إيريك دريكسلر فى عام 1970، هذا المفهوم، ونشر بحثا له عن ذلك عام 1981.. كما أن أول من استعمل تعبير (النانو تكنولوجي) هو العالم اليابانى نيريو تانجيشى بجامعة طوكيو للعلوم عام 1974، حيث وضع الفكرة الأساسية لتلك التقنية، ثم وضعت التفاصيل الأكثر دقة بواسطة العالم الأمريكى ايريك دريكسلر الذى يعتبر المؤسس الفعلى لهذا العلم الحديث فى كتابه «آلات الإبداع». عام 1986، ولقد أدخل فيه مصطلح النانو تكنولوجي، وبسط الأفكار وأسس علم تقنية النانو، ووصف منهجه فى التصنيع ونتائجه. وأشار أيضا إلى المخاطر الكبرى المرافقة لتلك التكنولوجيا. ومن هنا بدأ العصر الفعلى للنانو تكنولوجى الذى يعنى التعامل والتحكم فى المادة عند مقياس متناهى الصغر يبلغ واحدا على بليون من الوحدات، فمقياس النانو متر هو واحد على بليون من المتر. ولتقريب هذا المقياس لمفهومنا، فإن قطر شعرة رأس الإنسان يتراوح بين عشرة آلاف إلى ثمانين ألف نانومتر، ومعدل نمو طفر الإنسان فى ثانية واحدة يساوى واحد نانومتر، وارتفاع ظفر ماء بعد بسطها كليا على سطح مساحته واحد متر مربع يساوى واحد نانومتر، وعند مقياس النانو تتغير خواص المادة كليا عما كانت عليه فى حالتها العادية، ودخلت التقنية الجديدة فى جميع مجالات العلم وتطبيقاته وتسببت فى التطور السريع المدهش للآلات والأجهزة التى نستعملها حاليا، وكذلك الأدوية وطرق العلاج. وإذا نظرنا فى التاريخ القديم فسوف نجد أن هناك «نانو تكنولوجى عرضية» حدثت بدون قصد أى تلقائيا. بمعنى أن تلك التقنية تحدث عن طريق ما بدون هندسة نانوية مقصودة هادفة إلى تكون منتجات نانوية، أو تحقيق عمليات نانوية. ومثال تلك التقنية التى استعملت لإنتاج زجاج ملون للشبابيك فى الكنائس والمعابد الرومانية، والأكواب الزجاجية الملونة فى القرون الوسطى التى استعملها الملوك والقياصرة، والتى يتغير لونها مع تغير كمية وشدة الضوء الساقط عليها معتمدة على الخواص البصرية لجسيمات الذهب النانوية التى يتغير لونها مع تغير كمية وشدة الضوء الساقط عليها وكذلك التغير فى درجة الحرارة والتى عرفناها حديثا، ولم يكن معروفا فى ذلك العصر أى شئ عن النانو تكنولوجي، أى أن تلك الشبابيك والأكواب الزجاجية الملونة قد صنعت بتكنولوجيا خاصة بصناعة الزجاج، حيث أضيفت إليها جسيمات الذهب المتكونة على أسقف الأفران الخاصة بصهر الذهب، ولم يكن معروفا أنها جسيمات الذهب النانوية فى المقياس النانوي، ولم يكن مقصودا منها صناعة نانوية من خلال تكنولوجيات نانوية وهندسة محددة تهدف إلى تصنيع الزجاج النانوي، ولكن فى الحقيقة التى عرفناها فى عصرنا الحالي، فإنها تكنولوجيا نانوية غير مقصودة، نانو تكنولوجيا عرضية، نتجت عن غير قصد أو هندسة أو تخطيط نانوي. د. مجدى مطاوع أستاذ كيمياء البلمرات بمعهد بحوث البترول