هذه رسالة غرامية من الثلاثينيات كتبت بخط جميل وأسلوب بديع وأدب جم، أرسلها محمد أفندى من بنى سويف لمحبوبته فاطمة عام 1934، ومزج فيها الدين بالدنيا والحب بسورة الفلق فيقول: أحييك أفضل تحية وأقبلك قبلة الإخلاص الأبدي، إننى بيد السرور تشرفت واستلمت كتابك الكريم فأكبرته حين قرأته ودعوت الله عنى وعنك أن يجعل لنا على الدوام ملكا طيبا من بين ملائكته يرقبنا ويحفظ لدينا عهدينا ويحافظ علينا من شر حاسد إذا حسد ومن شر شيطان إذا اقترب ومن عقارب الزمن إذا غدر. «الوفاء.. الوفاء» هذه ما طالعته من وجهك الوضاء وبعد ذلك سترين الوفاء يتبادل ويطفح إناؤه ويعم فتسير السفينة بحمولتها تمخر عباب البحار رافعة شراعها تتيه دلالا وعجبا على الزمان. «الطاعة الطاعة» هذا ما شاهدته ولمسته راحتى وسعادتى فى هذا، وبعد هذا ستكونين إن شاء الله من أسعد الخلق فى الدنيا والآخرة. هكذا كانت أخلاق زمان لدرجة أن الأديب الكبير فكرى أباظة كتب مقالا يهاجم فيه تدهور أخلاق الشباب، فكان الشاب الصفيق يتعمد الوقوف على رصيف محطة الترام وعندما يجد سيدة بمفردها يقول لها «بنسوار يا هانم!»، والأستاذ على الجندى عميد كلية دار العلوم الأسبق ذات مرة أغلق التليفزيون 40 يوما مراعاة للجيران عندما مات أحد جيرانه. وعن الوفاء، يحكى أن رجلا مسنا يناهز الثمانين خرج من المستشفى سريعا ليذهب الى دار رعاية المسنين لتناول الافطار مع زوجته التى تعانى الزهايمر، وعندما سأله الطبيب: هل ستقلق زوجتك لو تأخرت عنها؟ أجاب الرجل: إنها لم تعد تعرف من أنا، لكنى أنا أعرف من هي، من أسف نحن نتقدم فى الأدوات والماكينات لكننا نسير الى الخلف فى القيم والسلوكيات. محمد مدحت لطفى أرناءوط موجه عام سابق بالتعليم