بدأت الدوائر الأمنية والإجتماعية والجهات المختصة بالدراسات النفسية فى أوروبا، تتابع تحركات أعداد من الشباب الأوروبيين الذين سافروا إلى تركيا ومنها إلى سورياوالعراق، للانضمام إلى تنظيم داعش لتدريبهم وتحويلهم من بشر عاديين إلى آلات للقتل، وكأنهم دمى مبرمجة تتبع أسلوب السمع والطاعة فى إراقة الدماء، والتفاخر بما يرتكبوه من أعمال وحشية، بعد أن يتم تجريدهم من المشاعر الإنسانية والرحمة، وبعد ذلك يعودون إلى بلادهم الأصلية ويرتكبوا فيها المذابح وعمليات القتل الجماعى. أثناء متابعة هذه الدوائر فى أوروبا لحركة هؤلاء الشباب، وجدت أن تنظيم داعش توسع فى تجهيز هذه النوعية من الأفراد فى دول عديدة، خاصة فى منطقة الشرق الأوسط، لإعطائهم تعليمات بالسفر من بلادهم العربية إلى دول خارج المنطقة، وليس الذهاب مباشرة إلى تركيا، حتى لا يلفتوا إليهم الأنظار فى بلادهم، بعد أن أصبح معروفا أنهم يستخدمون خطوط الطيران المتجهة إلى تركيا ومنها يذهبون إلى العراقوسوريا، وبعد برنامج تدريبى مكثف وخلال فترة قصيرة يخرجون من هناك، ويعودون إلى بلادهم بنفس الطريقة التى خرجوا بها منها، أى عن طريق رحلات طيران تمر بدول بعيدة عن تركيا، وفور عودتهم إلى بلادهم ينفذون عمليات تفجير وقتل تم تكليفهم بها. وهذا التغيير فى خطوط طيران سفرهم يكون عن طريق بلاد لا تثير أى شكوك تجاههم، وقد تكون هذه البلاد التى يتجهون إليها أولا قبل الذهاب إلى سورياوالعراق فى أوروبا أو آسيا، وهو ما ينبغى أن ينبه الأجهزة الأمنية، خاصة فى البلاد العربية، إلى التأكد من أى شخص يحتمل أن يكون موضع شبهة، إذا كان ينوى مغادرة البلاد بهذه الطريقة التى اكتشفتها الأجهزة الأمنية الأوروبية. وقد وضعت السلطات البريطانية يدها على هذه الطريقة بعد اعتقال أربعة أشخاص كانوا قد إنضموا لتنظيم داعش وتدربوا فى سوريا، ثم عادوا إلى بريطانيا مكلفين بشن هجمات وتفجيرات داخل بريطانيا. أحد الأربعة المقبوض عليهم أعلن إنشقاقه عن تنظيم داعش، وأدلى باعترافات كشفت عن المهمة التى كلف بها هو وزملاؤه، بعد أن أمضوا ستة أسابيع للتدريب على يد قيادات داعش، التى سهلت لهم العودة إلى بلادهم، وأمدتهم بالأموال لتنفيذ مهمتهم الدموية. هذا الإرهابى المنشق، والذى وصف ب"الجهادى السابق" أثناء تحدثه لمحطة سكاى نيوز، كشف عن أنه تولى تدريب أشخاص أجانب ليسوا بريطانيين، وبعد إتمام التدريب إنضموا إلى قوة الأمن التابعة لتنظيم داعش، وقال "نحن البريطانيون كنا على صلة وثيقة بهؤلاء الأجانب أثناء وجودهم فى معسكرات التدريب، ونتولى رعايتهم خلال فترة التدريب التى تستغرق من شهر إلى شهر ونصف، وقد جاءوا من دول مختلفة، ثم عاد بعضهم إلى بلادهم الأصلية وبقى جزء منهم معنا". هذا الحوار مع هذا الإرهابى المنشق جرى بعد أن قام إثنان من الصحفيين العاملين فى سكاى نيوز بقضاء أربعة أشهر فى أحد معسكرات التدريب التابعة لتنظيم داعش، حاولا خلالها التقرب من الإرهابيين والتظاهر بأنهما "جهاديان" ويريدان تنفيذ هجمات إرهابية. وتم تدريبهما على تنفيذ عملية تفجير بنفس الطريقة التى تم بها تفجير بوسطن فى الولاياتالمتحدة العام الماضى، كما تم تعليم الصحفيين كيفية صناعة القنابل وتسليماهما كتيبا عن كيفية صناعتها، وهو الكتيب الذى سبق أن كشفت عنه صحيفة التايمز فى أبريل الماضى. وتقول التايمز أن قناة سكاى نيوز أبلغت قيادة مكافحة الإرهاب فى الشرطة البريطانية بما اعترف به الإرهابى المنشق وزملاؤه قبل إذاعة الحوار الذى أجرته معه. وأعلن المتحدث باسم قيادة شرطة مكافحة الإرهاب، أن المساعدة التى قدمها لنا هذان الصحفيان أفادتنا كثيرا، فهم أشركونا معهم فى المعلومات التى حصلوا عليها، مثلما فعلت أيضا شبكة سكاى نيوز، وهذا يمكن أن يضع تحت أعيننا مسبقا أى معلومات عن أنشطة إرهابية وإجرامية، بحيث نسارع إلى التحقيق فيها وإتخاذ الإجراء المناسب فى وقته. إن ما إعترف به الشخص الذى وصف ب "الجهادى المنشق" أو "التائب" عن إستقبال تنظيم داعش فى سورياوالعراق لأفراد خرجوا بطريقة لا تثير الشكوك من بلادهم، ثم العودة إليها بعد تلقيهم تدريبات قصيرة، ثم تكليفهم بمهام إرهابية فى بلادهم من تفجيرات أو قتل، يكشف عن تطوير أساليب هذا التنظيم بشأن خروج ودخول أفراد قد لا يكونون محل شبهات، وهو ما يؤكد ضرورة المتابعة الدقيقة لأى أفراد يغادرون البلاد بطريقة لا تدعو للوثوق فيهم، فهم يغادرون بلادهم وكأنهم مسافرون إلى دول بعيدة جغرافيا عن سورياوالعراقوتركيا، لكنهم يغيرون خطوط سفرهم الجوية إلى مقار داعش فى سورياوالعراق ثم العودة لتنفيذ مهامهم الإرهابية فى بلادهم.