مع أقتراب الاستحقاق الثالث للشعب المصرى وهو الانتخابات البرلمانية ترفع الغالبية شعار لا للاحزاب الدينية باعتبارها مخالفة لنصوص الدستور، بينما يرد المنتمون لهذه الاحزاب بأنها ليست دينية بل ذات مرجعية دينية ، وكأن ذلك هو طوق النجاة بالنسبة لهذه الاحزاب التى تسللت للحياة السياسية فى عهد حكم الاخوان . تنص المادة 74 من دستور 2013 على أن للمواطنين حق تكوين الاحزاب السياسية باخطار ينظمه القانون، ولا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى على أساس طائفى أو جغرافى أو ممارسة نشاط معاد لمبادىء الديمقراطية، أو سرى أو ذى طابع عسكرى أو شبه عسكرى، والسؤال الذى يبرز هنا كما يردده عماد عجبان الخبير القانونى، هل تم تفعيل هذة المادة وسريانها على الاحزاب الدينية القائمة وقت صدور الدستور؟ الاجابة هى أنه مازالت توجد بعض منها وإن كانت تتخفى بلباس سياسى الا أنه لا ينفى عنها كونها ذات صبغة دينية، لان من ينتمون اليها لا يؤمنون ولا يقرون بمبادىء الدولة المدنية الحديثة، التى تمنع التفرقة والتمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الاصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الاعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لاى سبب آخر، مادة - 53- من الدستور، فهناك من الفتاوى المنسوبة لقيادات هذه الاحزاب بمنع تهنئة شركاء الوطن فى أعيادهم بل تكفرهم وتقلل من شأن المرأة وقيمتها فى المجتمع أى أنها تفرق بين المواطنين بسبب الدين والجنس، ومن الغريب أنه عندما تطالب الاحزاب الاخرى لغير قائمة على أساس دينى بتنفيذ هذه المادة، والغاء الاحزاب الدينية يتساءل البعض اليس فى الغرب أحزاب دينية؟ ونقول لهؤلاء " لقد أتت الديمقراطية فى الغرب بشكل تدريجى وعلى مدى قرون من التنظير المعرفى من مفكرى عصر التنوير، رافق ذلك تراكم كبير للتجارب البشرية وأن مبادئها قد توافرت منذ العصور الوسطى فى المجتمعات الاوروبية، مقارنة بالشرق ومن أهمها فصل الدين عن أنظمة الحكم، بعد حركة الاصلاح الدينى التى أدت الى الثورة العلمية الهائلة التى استفادت منها دول العالم قاطبة، ومن هنا فان المرجعية الدينية للاحزاب الدينية فى الغرب لا تتجاوز أو تخرج عن حدود الالتزام بقيم ومبادىء ومثل أخلاقية واضحة المعالم وغير مبهمة أو غامضة مثل العدالة والمساواة والكرامة الانسانية والمواطنة الفعالة ولا يوجد من بين أعضائها من يدعو بان تكون الشريعة المسيحية مثلا فوق الدساتير أو مصدرها بل هى تقدم برامج محددة تلتزم بالمبادىء والقيم العليا كما انها لا تحتقر المرأة ولا تفرق بين الناس حسب معتقداتهم ومن ثم فلا مجال للمقارنة بين الاحزاب الدينية فى الغرب والاحزاب الدينية فى الشرق.