هناك اسطورة قديمة لخصها شاعر عربي قديم حين قال: نقل فؤادك حيث شئت من الهوي.. ما الحب إلا للحبيب الأول.. ومنذ شاعت هذه الكلمات وهناك من يعتقد أنه لا حب بعد الحبيب الأول.. ووجدنا مئات الشعراء والكتاب يؤكدون هذه الأسطورة ابتداء بالشعر الجاهلي وانتهاء بالوسادة الخالية عند كاتبنا الكبير الراحل إحسان عبد القدوس رغم انني سألته يوما ما هو الحب الأول.. فقال هو الحب الأخير.. وهناك من يعتقد ان الحب الأول نهاية المطاف ولا شيء بعده.. وأنا أري ان الحب تجربة قابلة للتكرار في رحلة العمر.. وان المرأة تستطيع ان تخلع امرأة اخري من عرشها في قلب الرجل.. وهناك رجل يسرق قلب المرأة من رجل أخر.. وعندما نتوقف بانبهار امام تجربة الحب الأول فلأنها أول التجارب وأول المشاعر.. وربما تكون أول الأحزان.. وعندما خلق الله الحزن خلق معه النسيان ولهذا فإن النسيان أكبر وأخطر أعداء الحب.. إنه الإحساس الوحيد الذي يغلق ابواب الماضي ويترك لنا ضوءا خافتا يتسلل إلي اعماقنا من بعيد.. وهنا تتراجع صور الأمس وترحل يوما بعد يوم حتي تخبو وتتحول إلي ذكري..والذكريات شيء جميل في حياة الإنسان لكنها لا تصنع حاضرا.. انها عملة قديمة غير قابلة للتداول.. ماذا يفيد ان تحتفظ في بيتك بملايين العملات القديمة ولا تشتري بها شيئا.. هذه هي الذكريات لا تعيد لك يوما واحدا من الأمس.. والحب الأول رصيد كبير من الذكريات التي قد لا تتكرر لأنها الأكثر براءة انها اول فرحة.. واول لقاء.. واول نظرة.. ولكن الحياة بعد ذلك تحملنا بعيدا إلي عالم اوسع واكبر وهذا هو الفرق بين ان تسكن بيتا صغيرا في ركن بعيد وان تسكن مدينة صاخبة تري فيها ملايين البشر.. في البيت الصغير تجد وجها جميلا بريئا تحبه..وفي المدينة الواسعة تري وجوها كثيرة تتغير معها المشاعر والأحزان والصور.. يبقي الحلم الجميل البريء حبك الأول.. وتبدو عشرات الوجوه في حياتك وتحتار أي الأشياء منها عاش وأيها رحل..ويبقي من ذلك كله شيء غامض نسميه الحب. [email protected]
