عندما يسخر الفنان أشرف عبد الباقى فى مسرحيته الأخيرة ومعه أعضاء فرقته،من نادى الزمالك وملايين جماهيره ، فهو يستحق أكثر من العتاب .. أما عندما يكون تراجعه عن ذلك وفرقته بتقديم إعتذار، لا يأتى إلا بعد تهديد من نجل رئيس نادى الزمالك ، بإقامة دعوى قضائية لإيقاف المسرحية ، فهذا أمر - ورغم أنه جيد من حيث مبدأ الإعتذار- فإنه يؤكد من جديد أن سياسة رد الإعتبار، والإعتذار عن الخطأ، باتت لا تأتى إلا بالقوة ، لا عن مواقف مبدئية ، ولا لإعتبارات إنسانية ، ولا فى اطار المسئولية . الكثير من النقاد والجمهور - ونحن معهم - يشيدون بهذا المسرح الجديد الذى يقدمه أشرف عبد الباقى ، الذى يذكرنا بمسرح التليفزيون فى الستينات بتقديمه وجوهاً صاعدة أصبحت بعد ذلك نجوماً على الساحة الفنية لسنوات طويلة . فمسرح عبد الباقى جاء ضد التيار السائد حالياً، بعدم توجه النجوم للعمل المسرحى ، بدعوى ظروف السوق والإنتاج ، على خلفية الظروف السياسية التى مرت بها البلاد وتأثير ذلك بالسلب على الإنتاج الفنى فى مصر خاصة السينما والمسرح . وبرؤية مشاهد - وليس ناقداً - نرى أن عبد الباقى قد عكس فى تجربة مسرح مصر، نموذجاً جيداً ، بتقديم مواهب واعدة جديدة ، وعروض كوميدية لاتتدنى بالذوق العام ، ينقصها التخلص من بعض الأفيهات ، التى لن تقلل من أداء العمل .. فهى تأتى فى مجملها أفضل من غيرها بكثير عن أعمال كوميدية أخرى يقدمها نجوماً لايهتمون كثيراً فيها بالذوق العام ، بل وتكرس مزيداً من التدنى فيه . فى هذا السياق ينتظر جمهورأشرف عبد الباقى وتجربته الجديدة ، أن يتسم بالكثير من المسئولية ، لا أن يحاول السخرية من قطاع مهم من الجماهير المصرية تضم الملايين منهم ، وهى جماهير الزمالك فى عرض مسرحى له ويعتبر أن حصول فريقهم على بطولة الدورى هذا العام يدخل فى باب أحداث "صدق أو لا تصدق" ! لا أحد يُنكر على مسرح كوميدى إفيهات ، ومواقف ، وأقوال يضحك من خلالها الجمهور ، فى إطار من إحترام عقليته ، أو حتى من باب الترفيه ، لكن أن تتحول مسرحية يشاهدها المصريون والعرب على شاشة التليفزيون ، إلى مجال لتكريس التعصب ، والسخرية ، والإهانة لنادى يشجعه الملايين ، فهذا أمرغير مقبول ، ولا مسئول ، خاصة أننا نعيش فى ظرف إجتماعى لايتحمله أحد، يجب على فنانينا الذين يحترمون فنهم ، ويملكون الوعى التعامل معها بحذر أكثر من هذا . لقد فعل أشرف عبد الباقى خيراً عندما قررعدة محظورات وضعها فى عروض "مسرح مصر"، من بينها كرة القدم ، التى تحولت خلال السنوت الأخير الماضية من على صفحات الرياضة ، إلى صفحات الحوادث ! نعم يكفينا ماحدث من الأولتراس .. ويكفينا تلك الدماء التى ضاعت فى مباريات لكرة قدم .. ويكفينا أنها تحولت من لعبة المتعة إلى لعبة الشغب .. فهل ينقصنا الآن أن نسخر من الزمالك ؟! لمزيد من مقالات حسين الزناتى