المصريون شعب، بفطرته، غني بالمواهب والموهوبين، في شتي المجالات، فقط تحتاج هذه المواهب من يكتشفها، ويقف إلي جانبها، يرعاها ويدعمها، ويأخذ بيدها إلي ساحات المجد ومنصات التتويج، فان وجدت الموهبة من يقف إلي جوارها، ويشد من أزرها ارتقت أعلي المراتب وتقلدت أرفع المناصب وحققت من الانجازات ما يعجز عنه الآخرون، وعلي مر العصور شهدت مصر نبوغ الكثيرين من أبنائها، ومنذ فجر تاريخها عرفوا الطب والتحنيط وبرعوا في علوم الفلك، وحتي يومنا هذا يقف العالم مبهورا بما شاده الفراعنة من عمارة وما ارتقوا إليه من علوم في الزراعة والهندسة. بطل رمي الرمح العالمي إيهاب عبدالرحمن الفائز أخيرا بفضية بطولة العالم المقامة حاليا بالصين أحد هؤلاء الموهوبين بالفطرة وهو الذي أدخل مصر تاريخ ألعاب القوي «أم الألعاب» من أوسع أبوابه كأول رياضي مصري يمنح بلاده ميدالية في بطولة العالم، ويعلق عليه المصريون آمالا كبيرة في الحصول علي ذهبية دورة الألعاب الأوليمبية المقبلة في ريودي جانيرو بالبرازيل. هذا البطل مثال حي ونموذج يثبت لنا أهمية »مأسسة« عملية اكتشاف المواهب ورعاية الموهوبين، ليس في المجال الرياضي فقط، وإنما في مختلف المجالات الأخري العلمية والطبية والهندسية والاقتصادية والاجتماعية، فهو رغم ما مر به من ظروف حياتية صعبة إلا أنه عندما التقطته يد الرعاية سواء من جانب وزارة الشباب والرياضة أو من جانب النادي الأهلي أثبت تفوقه ورفع اسم مصر ورايتها خفاقة في محفل رياضي عالمي يضم صفوة رياضيي العالم من أصحاب الأرقام القياسية الدولية. هناك دول كثيرة سبقتنا في هذا المجال وحققت إنجازات رياضية كبيرة، خاصة في الألعاب الفردية، من خلال الاكتشاف المبكر لهذه المواهب ورعايتها، وكما ذكرنا فإننا لاتنقصنا المواهب، فقط مطلوب زيادة الاهتمام بها ودعم المؤسسات القائمة علي رعايتها وتشجيعها ودعمها ماديا ومعنويا لصناعة الأبطال القادرين علي المنافسة واعتلاء منصات التتويج علي المستوي القاري والعالمي والأوليمبي. فالرياضة في عالمنا اليوم لم تعد مجرد مسابقات لتحقيق تفوق في لعبة أو انتصار في مباراة، إنما أصبحت صناعة يقاس بها مدي تقدم الدول والشعوب، كما أنها أصبحت تلعب دورا كبيرا في العلاقات بين الدول والتقريب بين الشعوب. لمزيد من مقالات رأى الاهرام