يخطيء من يظن أن رايات الديمقراطية لن تعلو ولن ترفرف إلا بإجراء الانتخابات البرلمانية وبصرف النظر عن توفر الاشتراطات الضرورية التى تضمن إتيان هذه الانتخابات بمجلس نيابى يعكس جوهر وروح الديمقراطية الصحيحة لأن المسألة ليست فى البحث عن شكل ديكورى يساهم فى تحسين صورة مصر أمام العالم وإنما المهم هو الوصول إلى مجلس نيابى يكون عنوانا صحيحا للديمقراطية الصحيحة. وابتداء أقول بوضوح: إن الديمقراطية الصحيحة هى حكم الشعب بالشعب ولمصلحة الشعب ومعنى ذلك أن غياب التمثيل الصحيح لكل فئات الشعب فى أى بناء ديمقراطى يعنى السماح بسيطرة طبقة بعينها أو فئة محددة على مقدرات الوطن وبالتالى نشوء ديكتاتورية طبقة أو فئة وذلك أمر يخاصم تماما جوهر وفلسفة الديمقراطية ويجعل من البرلمان جسدا بلا روح. ويزيد من أهمية وخطورة ما أتحدث عنه أننا بصدد التعامل المباشر مع تداعيات وسلبيات دستور 2014 الذى تجاهل واضعوه أن الديمقراطية ليست قوالب مصبوبة ولا معلبات جاهزة للاستهلاك بمجرد استيرادها من الخارج وهو ما أدى إلى تحجيم صلاحيات رئيس الدولة لصالح صلاحيات البرلمان ودون أدنى مراعاة لخصوصية الوضع المصرى وطبيعة الظرف الراهن فضلا عن عدم إدراك الفارق الكبير بين اقتباس المبادىء العالمية للديمقراطية التى لا خلاف عليها وبين التفاصيل والآليات التى تتباين وتتنوع من بلد لآخر حسب طبيعة ظرف وثقافة كل مجتمع على حدة. إن تعديل الدستور بات ضرورة ملحة قبل إجراء الانتخابات البرلمانية لضمان تحديد الخط الرفيع بين الحرية البناءة وبين الفوضى المدمرة تحت القبة والتى قد تنعكس على الرأى العام وتنبت الشقاق والصراع فى مرحلة نحن أشد احتياجا إلى استعادة إحساسنا بعمق الانتماء لهذا الوطن والانطلاق باتجاه مستقبل أفضل وفق أهداف محددة لا تقبل الاستسلام للأمر الواقع ولا تقترب من دوائر المستحيلات وتتناغم مع أجندة الرئيس الذى اختاره الشعب بأغلبية كاسحة. خير الكلام : قل الحق وإن أضرك.. وإياك والصمت وإن رفعك ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله