يا أيُّها الرجلُ المرادفُ للوطنْ يا من تشرَّب وجههُ القمحىُّ لونَ النيلِ يسري فى العروق ويرتوى منه البدنْ يا من تفتَّحت السنابلُ فوق جبهتهِ العريضةِ حينذاكَ أضاءت الروحُ المطلَّة من أسارير الجبينِ ملامحَ الوجه النبيل المطمئنّْ يا أيُّها الرجلُ الذى قد جاءنا من حىَّ سيَّدناِ الحسينِ لكى يلمَّ صفوفنا خلف الأذانِ وحولنا أصداءُ أجراسِ الكنائسِ فى محبَّتنا ترنْ يا أيُّها الرمزُ الذى قدمت لنا ( أكوادُ شفرتهِ ) على أصلاب أجدادٍ عظامٍ مثل أحمسَ أو تحتمسَ وارثاً من ناصرٍ صفةَ التحدَّى للمحنْ يا أيُّها المعنى المسافر فى التواريخ البعيدة والقريبةِ ناشراً عبقاً عريقاً عبقريّاً عابراً حقبَ الزمنْ يا أيُّها الرجلُ الملخَّص فى ملامحهِ تقاطيعَ الوطنْ يا من تشرَّب وجههُ ذهبيَّةَ اللون المراوحِ تحت قرص الشمسِ من أسوانَ للإسكندريّةِ واصلاً دمياطَ من سنباطَ متّكئاً على طابا لبعض الوقتِ محتسياً على مقهى أمام السيَّد البدوىَّ فى طنطا هنالكَ كوبَ شاىٍ عاصراً من عقلتىْ قصبٍ عليه بنجع حمَّادى سلافةَ سكَّرٍ بكرٍ وعند حلايبَ انْعطف انْعطافاً خاطفاً ليضيف للشاى اللبنْ يا أيُّها المصرىُّ جدّاً فى حديثكَ صوتُكَ الشجنىُّ يحملنا إلى أفقٍِ تغنَّى أمُّ كلثومٍ به ( مصرُ التى فى خاطرى ) إذ ذاكَ نصفو حيث يأخذنا إلى الفرح الشجنْ نُصغى إليكَ وأنت تحلمُ بالنيابة عن سواد عيوننا مصرُ التى فى حاضر الدنيا ستصبح من جديدٍ درَّةَ التاج الذى يعلو جبينَ الشرقِِ سيَّدة الثغور الساحليَّةِ والقرى الخضراءِِ سيَّدة العواصم والمدنْ مصرُ التى راحت تسرَّب فى الزمرُّد من جديدٍ ضوءَ عينيها وفى الياقوت ترسلُ من دم الشهداء نوراً بالشهادةِ محتقنْ يا أيُّها البعدُ المسافرُ فى تضاريسِ الوطنْ يا أيُّها المصرىُّ جدًّا فى ضميركَ تورقُ الدلتا فتقرأها رواياتٍ وينبسط الصعيد مردَّدًا موَّالَه المتعدَّد الألوانِ تعطيه اهْتمامكَ حين تعطيه الأُذُنْ يا أيُّها المصرىُّ جدًا فوق صدركَ ترتمى صحراءُ مصرَ الشاسعاتُ تودُّ صفرتُها اللجوءَ إلى اخْضرار مساحة الوادى المُسنّْ من بعد مؤتمر اقْتصاديَّاتِ مصرَ الناجحِ الصفقاتِ تحتاجُ الصحارى الظامئاتُ الجائعاتُ النائماتُ على حصيرٍ من رمالٍ للشرابِ وللطعامِ وللسكنْ فتقول للفلاَّح خذْها واعْطها ذوبَ الفؤادِ وضربةَ الفأس الطروبِ وملمسَ الكفَّ الخشنْ يا أيها المصرىُّ جدًّا تنتمى شطآن مصرَ إلى تمنَّى التنمياتِ لكى تصبَّ الرزق بحراً فى السياحة والملاحةِ والسباحةِ من موانى الحاويات إلى صناعات السفنْ وقناتنا تومى لنا بالخيرِ ( لوجستيّةَ ) الإيقاعِ ترتجلُ الغناءَ لراكب الغليونِ قائلةً لهُ ( عدَّى الكنالْ عدَّى .. هدَّى هنا عندى ) أجلْ ما أجملَ الغدَ فى بلادٍ تستعدُّ لهُ بصومعةٍ لتخزين الغلالِ وما يفيضُ من المُؤنْ يا قائداً لسفينةِ الوطن المقلَّةِ فوقها تسعين مليوناً عليكَ عبورُها البحرَ الخضمَّ الهائجَ الطامى عبوراً مثل شخصِكَ متَّزنْ فوظيفةُ الربَّان حين يكون ربَّاناً زعيماً بالقيادةِ أن يرى رغم الضباب الشطَّ عن بعدٍ ويدعو الله : يا أللهُ كنْ معنا ومن اسْتعان بربَّهِ أمِنَ الحزَنْ يا أيُّها الرجلُ المذكّرنا بآية يوسف الصدَّيقِِ أنتَ عزيزُ مصرَ الآنِ أنتَ على خزائنِ هذه الأرض الكريمةِ مؤتَمنْ هذى مناجمُ مصرَ حبلى بالثمينِ من المعادنِ والنفيسِ من الجواهرِ إنَّها تصبو لآلام المخاضِِ وتشتهى ( طلق الولادةِ ) إنَّها من حَملها القاسى تئنّْ قلْها لكلَََّ شباب مصرَ الكِلْمة السحريَّةَ ( السيسيَّةَ ) التشفيرِ قلْها ( خلَّ بالكَ ) مصرُ تحتاج السواعدَ شابةً حتى تشقَّ الأرض شقاً قيصريّاً حينذاك تلمُّ من ذهب الثرى حُفَناً حُفَنْ قلْها لكلَّ شباب مصرِكَ هاجروا من خلف شاشات ( التويترِ ) هاجروا من غربةِ ( اليُتْيُوبِ ) للسلِكونِ فى صحرائكم ولتجعلوها نادياً ( للتكنلوجْيا ) وادياً أغنى أغنّْ قلْها لكلَّ شباب مصرِكَ هاجروا للداخل المفضى لحضن بلادكم بدلاً من الإبحار فوق مراكبِ الموت التى إمَّا نجوتم من هلاكٍ فوقها رحتم إلى الغرباءِ تمتهنون ما لفظوه من أدنى المهنْ كونوا بظهر بلادكم سنداً وفى يدها ( مِفكّاً ) تستقرُّ به ( البراغىُّ ) اللعوبُ على ( صواميل ) المفاصل فى ( المكَنْ ) يا أيُّها الوطنىُّ حقاًّ تحتمى سينا بيمناك القويَّةِ بينما يسراك تمسحُ عاتقَ الواحاتِ من بوَّابة السلُّومِ طائفةً على الفيُّومِ هابطةً إلى شرق العوينات القصيَّةِ كى تردَّ النأى عنها آخذاً ما بين عِطْفيْكَ الحدودَ فكلُّ شبرٍ من بلادى فى ضلوعكَ مُحتَضَنْ فالنيلُ شريانُ الأورطى من فؤادِكَ دافقُُُ ُ وعلى الضفاف العندليبُ الأسمرُ النبراتِ يشدو عاشقاً صبّاً هنا ( خُضره وميَّه وشمس عفيَّه وقبَّة سما زرقا مصفيَّه ) هنا أرض الكنانة فى شغافكَ تستكنّْ أرضُ الكنانة دائماً حلمُُ ُ لديْكَ بأن تقوم من البياتِ ... شتاؤها قد طالَ حتى تستعيدَ المجدَ من فصل السباتِ وتوقظَ الأبطالَ من سِنَة الوسنْ فإذا عرابى خلف ظهركَ والنديمُ وسعدُ زغلولٍ وراءكَ ثمَّ شوقى ممسكاً يدَ حافظِ ابْراهيمَ خلفَكَ والحكيمُ ومصطفى النحَّاسِ والساداتُ إثركَ بينما العقَّاد يبدو قادماً متأبَّطاً طهَ حسينِ وبعدُ .. حقّى حاملاً قِنديلَهُِ ونجيبُ محفوظٍ وبعدهما مشرَّفةُُ ومختارُ ُ ودرويشُُُ ُ يحاول ضبط إيقاعِ المسيرةِ والجميع يردَّدون معاً بلادى ( فى جبين الدهر غرَّه .. يا بلادى عيشى حرَّه ) واسْلمى رغم الأعادى كلُّهم يشدون منبهرين بالبعثِ الجديد لمصرنا وكأنَّ موتاً لم يغيَّبْ صوتهم وكأنَّ موتاً لم يكنْ هى مصر خالدةُُ بآثار القدامى الباقياتِ وحاضر الآياتِ والمستقبل الآتى على متن المنى فى طائراتٍ من صناعتنا نتيه بها وتحمى جوَّنا من أىَّ غاراتٍ تُشنّْ هى مصرنا حلمُُ ُ لديكَ بأن تصيرَ غداً على قدَّ الدنا قَدْرِ الذى كانت عليه الأمسِ أُمّاً للدنا مَنْ غيرُ مصرَ رمى أساساً للحضارة فوق هذا الكوكب البشرىَّ مَنْ ؟! مَنْ غيرُ مصرَ يقول إنّى مطلع التاريخِ إنّى مرتعُ المدنيَّةِ الأولى إذنْ ؟! كنَّا رعاةَ الفجرِ والدنيا ظلامُُ ُ دامسُُ ُ كنَّا يمين الشمس نجلسُ بين آمونٍ ورعْ كنَّا نضفّر من أشعّتها مراكبَ هابطاتٍ فوق هامة منقرعْ كنَّا نوجَّهها تعانق وجه رمسيسَ المحاربِ مرّتين بكلَّ عامٍ فى حسابٍ هندسىٍّ ملغزٍ كنَّا الأوائلَ مبدعين لكلَّ علمٍ بارعين بكلَّ فنّْ كنَّا الأوائل فى عبادة ربَّنا كنَّا نقيم لهُ المعابدَ قبل بعث الأنبيا كنَّا نصلّى للإله الواحد الأحدِ العلىَّ الُمرتجى ربَّ العطايا والمننْ يا طيِّب الأعراقِِ يا مستجمعاً آماَلنا حُزماً من الأعمال ( لا الأقوالِ ) كالزهراتِ يجمُعها مع الثمراتِ ناضجةً فَنَنْ يا مؤمناً بضميرنا الجمعىَّ لستَ تقولها أبداً ( أنا ) ( إحنا ) تردَّدُ دائماً سنقيم دولتَنا معاً وتضمُّ كفَّيْكَ الْتزاماً بالعهودِ لكى تسدَّ على الشياطين السبيلَ لبثَّ أسباب الفتنْ يا حازماً متبسَّماً مثلَ الحريرِ على الحديدِ ترقُّ للبسطا كأنَّكَ نسمةُُ وتثور كالإعصار تضربُ كلَّ من أبدى الضغائن والإحنْ فى قبضتىْ كفَّيْكَ إصرارُُ ُ على إخراجِ مصرَ من الكهوف المعتماتِ إلى صباحات الرفاهةِ مصرُ من دم شعبها والجيشِ سدَّدت الثمنْ هى مصرُ قد ضحّت كثيراً كى تزيح عن الربوعِ عن البنادر والنجوعِ عباءةً لفَّت عليها كالكفنْ كانت تحيق بأرضنا من كلَّ عصرٍ كلُّ أصناف العدا من أوَّل الهكسوسِ للفرس المجوسِ إلى المغول أو التتارِ إلى بنى عثمانَ أو صهيونَ والإفرنج من شطآن أوروبَّا وأمريكا ولكنْ دونهم مصرُ الأبيَّةُ صخرةُُ فى ذات يومٍ لم تلنْ هى مصرُ حين تهدَّد الأخطار دلتاها وواديها وحاضرها وآتيها تعود صبيَّةً وبهيَّةً ترمى عن الأكتاف والأعطافِ أردية الوهنْ تختار مصرُ من الرجال الفارس المغوارَ حتى يدفع الأشرارَ عن حوض البلادِ ويرفع العلَم الأعزَّ يصيح : تحيا مصرُ .. تحيا مصرُ .. تحيا مصرُ ليس هناك أحلى منكِ فى الدنيا وطنْ