النعوش العائمة هذا هو التوصيف الصحيح لغرق العشرات فى نهر النيل فى حوادث متكررة كان آخرها كارثة الوراق، مما أثار العديد من التساؤلات حول منظومة النقل النهري. قى البداية توجهنا إلى مركز البحوث والاستشارات لقطاع النقل البحرى بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى كأحد بيوت الخبرة المتخصصة فى مجال النقل البحرى والنهرى والتى قام المهندس إبراهيم محلب بتكليفه بوضع خطة تأمين منظومة النقل النهرى مؤخرا.حيث يؤكد الأستاذ الدكتور إسماعيل عبد الغفار إسماعيل فرج رئيس الأكاديمية أن الاهتمام بمنظومة النقل النهرى بدأ منذ افتتاح المعهد الإقليمى للنقل النهرى فى عام 1976 والتى تولت الأكاديمية إدارته حتى عام 1991 وعقد به العديد من الدورات المتخصصة فى مجال النقل النهرى للمصريين والأفارقة باعتبار أن هذا المعهد هو الوحيد من نوعه الذى يتخصص فى مجال النقل النهرى فى إفريقيا والشرق الأوسط. ثم تم تسليم هذا المعهد ونقل تبعيته إلى الهيئة العامة للنقل النهرى فى عام 1991، كما قامت بتصميم محاكى العائمات النهرية بالهيئة العامة للنقل النهرى فى عام 2000 والإشراف على تنفيذه وتدريب العاملين به وصيانته الدورية المستمرة حتى عام 2010 بالإضافة إلى قيام الأكاديمية بتنفيذ العديد من الدراسات المتخصصة فى مجال النقل النهرى ومنها دراسة تطوير منظومة النقل النهرى فى عام 2008 والتى تعتبر المرجع الرئيسى للنقل النهرى فى مصر حتى الآن. وقد تم مؤخرا إنشاء وحدة خاصة للنقل النهرى بمركز البحوث والاستشارات لقطاع النقل البحرى وتهدف إلى مراقبة وتحليل منظومة النقل النهرى ووضع خطط التطوير اللازمة. و فى هذا الجانب تحديدا يقول الدكتور إيهاب القصاص، عميد مركز البحوث والإستشارات لقطاع النقل البحرى : إن المركز قام بتنفيذ العديد من الدراسات المتعلقة بمجال النقل النهرى والتى كان آخرها دراسة جدوى إنشاء شركة الخدمات الملاحية لمصلحة الهيئة العامة للنقل النهري، وترجمة المناهج المتخصصة للمدرسة الثانوية المتقدمة للنقل النهرى بالإضافة إلى المشاركة فى إعداد المنتدى الدولى الأول للنقل النهرى بالقاهرة فى عام 2013 كما تم تنظيم المنتدى الدولى الثانى للنقل النهرى بأسوان فى ديسمبر 2014 برعاية المهندس هانى ضاحى وزير النقل والذى ضم جميع المتخصصين وأهم المستثمرين العاملين فى مجال النقل النهرى وتوصل المنتدى إلى العديد من النتائج والتوصيات التى من شأنها أن تقلل من حوادث النقل النهرى وتنهض بالمنظومة بشكل عام. وبسؤال الدكتور مصطفى صابر، رئيس وحدة بحوث النقل النهرى بمركز البحوث والاستشارات عن أسباب زيادة معدلات الحوادث النهرية فى الفترة الأخيرة، قال : إن زيادة معدلات الحوادث تعود لعدة أسباب منها سوء حالة العديد من الوحدات النهرية وافتقارها لعناصر الأمان بالإضافة إلى السلوكيات الخاطئة وغياب الوعى الكافى لأفراد الطاقم للتعامل مع الحالات الطارئة، و يضيف أنه على الرغم من تكرار حوادث نقل الأفراد والبضائع إلا أنه يعتبر أكثر وسائل النقل الداخلى أمانا ويعتبر الأقل فى نسبة الحوادث بالمقارنة بالنقل البري. وأوضح ان هناك عدة أسباب أدت إلى وقوع حادثة الوراق إلا أن أبرز هذه الأسباب هى استخدام مكبرات الصوت التى أدت إلى عدم انتباه قائد المركب إلى تنبيهات طاقم الصندل أو ركاب المركب وأضواء المركب المبهرة التى طغت على الأنوار الملاحية للصندل وانشغال قائد المركب بأمور أخرى أدت إلى عدم توفير الانتباه الكامل المطلوب خاصة، أثناء العبور بشكل عمودى على المجرى الملاحي، بالإضافة إلى عدم توافر معدات السلامة والأمان بشكل كاف وظاهر مثل سترات وأطواق النجاه بمركب النزهة. صابر أشار أيضا الى أن المؤشرات الأولية تؤكد زيادة احتمال وقوع حوادث مماثلة حيث انه فى أثناء الاجتماع الثانى مع رئيس الوزراء لمتابعة ما تم إنجازه بعد إسبوع من حادثة الوراق أكد مسئولو وزارة الداخلية قيامهم بفحص 1222 وحدة نهرية وتبين عدم وجود مخالفات بعدد 378 وحدة نهرية فقط، أى أن هناك ما يقرب من 70% من الوحدات النهرية بها مخالفات متنوعة. و أكد أن هناك من الإجراءات العاجلة التى تقوم بها الجهات المختلفة لضبط منظومة النقل النهرى حيث تعانى هذه المنظومة من خلل واضح فى كل مكوناتها فهناك مشكلات تتعلق بالمجرى الملاحى منها الأعماق الضحلة فى بعض المناطق وعدم تحديد الممر الآمن للملاحة بشمندورات واضحة. ومشكلات تتعلق بحالة الوحدات النهرية منهاعدم توافر معدات الأمان والسلامة وسوء حالة الوحدات. ومشكلات تتعلق بالعمالة النهرية منها عدم توافر التدريب والخبرة الكافية لأفراد الطاقم، ومشكلات تتعلق بالمراسى والموانئ النهرية من حيث تجهيزاتها وتوزيعها وأعداد الوحدات النهرية غير المتناسبة مع الطاقة التصميمية لها. بالإضافة إلى المشكلات المتعلقة بالقوانين والتشريعات الحاكمة لمنظومة النقل النهرى والتى من أبرزها ضعف العقوبات المفروضة على المخالفين. وفى اثناء إجتماع وفد الأكاديمية مع رئيس مجلس الوزراء عقب حادثة الوراق مباشرة تم عرض الموقف بالكامل عليه، حيث قام بدوره بتوزيع المهام على وزراء الداخلية والنقل والبيئة والعدل والرى والحكم المحلى لاتخاذ الإجراءات العاجلة لمنع تكرار الحوادث بنهر النيل. كما قام رئيس مجلس الوزراء بتكليف الأكاديمية بوضع خطة تأمين الملاحة فى نهر النيل. وعلى الفور بدأنا بوضع خطط عاجلة للحد من الحوادث وخطط طويلة الأجل لضمان استمرار تحقيق الانضباط والأمان بمنظومة النقل النهري. وتركزت خطة الأكاديمية على تغطية المحاور الرئيسية المتعلقة بكل عناصر منظومة النقل النهرى وهى عدة محاور : أولا: تحقيق أمن وسلامة الأفراد على الوحدات النهرية، وثانيا: العمل على ضمان سلامة حالة العائمات النهرية، ثالثا: البحث والإنقاذ وإدارة الأزمات، رابعا: تأمين المجرى الملاحى لضمان تحقيق السيولة المرورية، خامسا: التعليم والتدريب النهري، سادسا: الحد من التلوث ومكافحته، سابعا: تطوير منظومة النقل النهرى ومراجعة التشريعات المختلفة ذات العلاقة. وتم وضع خطة عاجلة لتنفيذ جميع النقاط السابق ذكرها. وتم تنفيذ جزء كبير من هذه الخطة العاجلة مثل تكثيف الحملات الأمنية والتفتيشية على الوحدات النهرية ومعدات السلامة عليها وعدد الركاب ومنع مكبرات الصوت وإيقاف سير الصنادل بالقاهرة الكبرى بشكل مؤقت وإيقاف التراخيص الجديدة للوحدات النهرية وحصر كامل لحالة المراسى والمعديات بجميع المحافظات. كما أوصت الأكاديمية أيضا بميكنة تراخيص الوحدات النهرية والأفراد وذلك لمنع تزويرها وعمل قاعدة بيانات تشمل حصرا كاملا لأعداد الوحدات والعمالة النهرية وعدم مغادرة الوحدات النهرية للمرسى قبل الحصول على إذن مغادرة ومراجعة مواقع وتجهيزات البحث والإنقاذ النهرى لضمان سرعة الوصول لمكان الحادث بالإضافة إلى العديد من النقاط الأخرى الخاصة بالخطة العاجلة والتى سيتم تنفيذها قريبا. كما عرضت الأكاديمية خطة متوسطة الأجل وتبدأ من الآن لكنها تحتاج إلى نحو من ثلاث إلى خمس سنوات لتنفيذها مثل عمل لوحات معدنية غير قابلة للتزوير وتشبه اللوحات الخاصة بالسيارات وتثبيتها على جميع الوحدات النهرية وذلك لمنع انتحال وحدة لصفة وحدة أخرى أو السير بدون تراخيص وأيضا عمل كود مصرى موحد للنقل النهرى ويشمل المواصفات الخاصة بمختلف الوحدات النهرية ومواصفات أفراد الطاقم بالإضافة إلى إنشاء هيئة تصنيف وسلامة نهرية تماثل هيئة السلامة البحرية. كما تم وضع خطة طويلة الأجل وتشمل مراقبة وتتبع جميع الوحدات النهرية وخاصة الوحدات السياحية ووحدات نقل البضائع الخطيرة وتطوير العمالة النهرية، وتدريبها على استخدام الوسائل الملاحية الحديثة مثل الرادار والخرائط الإلكترونية وغيرها من المعدات.