حافظت إذاعة القرآن الكريم علي سماحة ووسطية الإسلام منذ نشأتها عام1964, وكانت قوة ناعمة لمصر في الستينيات, وكان لها دور مهم في أثناء حرب العزة والنصر1973. كما كانت من أوائل إذاعات القرآن الكريم في العالم العربي ونواة التأسيس لإذاعات مماثلة في البلدان العربية والإسلامية باعتبارها أول إذاعة متخصصة في الإعلام الديني في العالم العربي والإسلامي. أسهمت في نشر التعاليم الإسلامية والأحكام الشرعية وبيان صحيح الدين والتعريف بالإسلام وإذاعة روايات القرآن المختلفة تجويدا وترتيلا, وذلك عبر كوكبة من الإذاعيين المتميزين, تخصصوا في الإعلام الديني ونذروا أنفسهم للدعوة بحرفية ومهارة وموضوعية. ومنذ أيام احتفلت إذاعة القرآن الكريم بالقاهرة بمرور48 عاما علي إنشائها, وفي هذا التحقيق نتعرف علي رأي العلماء في دور الإذاعة الريادي في مصر والعالم الإسلامي وكيف كانت منبرا للدعوة والإعلام الديني. يسترجع الدكتور محمد كمال إمام استاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية, وأحد كبار مؤسسي الإذاعة ورعيلها الأول ذكرياته مع انطلاق بث إذاعة القرآن الكريم من القاهرة, فيقول: جاءت فكرة إذاعة القرآن الكريم وبث برامجها علي الموجة المتوسطة ردا علي التغلغل الإسرائيلي في القارة الإفريقية ببث نسخ محرفة من القرآن الكريم, وجاءت الإذاعة لتؤكد أمرين مهمين الأول, أن الإسلام لا يزال بخير في قلوب المسلمين, مما جعلها اكثر الإذاعات سماعا علي مستوي العالم, وثانيا تؤكد الريادة المصرية حيث كانت أول إذاعة في العالم العربي والإسلامي والعالم كله للقرآن الكريم في مصر مما يدل علي أن الإسلام في مصر ثري بعلمائه ومفكريه وشعبه وإعلامييه, وثالثا أن إذاعة القرآن الكريم بتنوعها البرامجي وبما تقدمه من قرآن مجود ومرتل وأحاديث نبوية وفتاوي إسلامية وبرامج عديدة في خدمة الدعوة, وما تقوم به من إذاعات خارجية في العالم الإسلامي همزة وصل لتلاقي أبناء الأمة في مشارق الأرض ومغاربها, فتصبح القضايا المشتركة محل اهتمام الجميع والعواطف جياشة أيضا. وأضاف المفكر الإسلامي الدكتور كمال إمام ان إذاعة القرآن الكريم بعمرها المديد الذي يقترب من نصف قرن تعتبر احدي منارات الإعلام الديني علي مستوي العالم في متابعة الأحداث وتكوين الشخصية الإسلامية, خاصة أنها تصنع أجيالا من المذيعين من أفضل العناصر الموجودة في الإعلام الإسلامي مهنيا وتقنيا, ونتمني لهم التوفيق في أداء رسالتهم وخدمة الإسلام والمسلمين. ويستعرض الدكتور الأحمدي أبوالنور وزير الأوقاف الأسبق عضو مجمع البحوث الإسلامية مسيرة إذاعة القرآن الكريم قائلا: افتتحت الإذاعة بالمصحف المرتل في العالم العربي, وكان ذلك لأول مرة وبصوت المرحوم الشيخ خليل الحصري, وبعده كانت المصاحف المرتلة بترتيل المجيدين من قراء مصر والعالم العربي والإسلامي, وكان هذا أساس عمل إذاعة القرآن الكريم ثم بدأت البرامج تذاع مع المصحف المرتل سواء فيما يتعلق بعلوم القرآن أو السنة المطهرة وعلومها أو الفقه وأصوله أو السيرة النبوية كنموذج وأسوة حسنة في السلوك والخلق وسائر علوم الإسلام والحضارة الإسلامية. وسوف يعي التاريخ أيضا قيام الإذاعة بالعناية القصوي بالمصحف المعلم وهو الذي ابتكر طريقته للإذاعة فضيلة الشيخ محمود خليل الحصري, حيث كان يردد الآية ثلاث مرات ويرددها عقبه في كل مرة أصوات التلاميذ الذين يتلقون هذه القراءة وعن طريق الإذاعة كان الذين يريدون حفظ القرآن بأحكامه وبترتيله يتابعون هذا البرنامج وكل البرامج التي تقدمها هذه الإذاعة التي لها أجمل الأثر فيما يتعلق بقراءة القرآن الكريم وأحكامه وليس القراءة المشهورة وهي قراءة حفص عن عاصم فحسب بل تعدت الإذاعة للقراءات الأخري المختلفة مع العناية بمعانيها المختلفة وطريقة تلاوتها مما كان له أبلغ الأثر في مستمعي ومتابعي هذه الإذاعة سواء في مصر أو في العالم كله, ويكفي أن تعلم أن كثيرا من الإذاعات العربية حذت حذو إذاعة القرآن الكريم وهو ما يغبطنا ويسعدنا فهي تعني بعلوم القرآن والسنة علي الصعيدين المصري والعربي والإسلامي. قال تعالي: وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. هذه الإذاعة كان لها الأثر الكبير فيما يتعلق بالإجابة عن اسئلة المستمعين في البرامج المتعددة ومنها الفتاوي كما أنها عمقت قيم السماحة والأمانة والأمن والعدل والسلام في الأسرة والمجتمع ونحن مدينون لها بالفضل في ذلك علي الأسرة المسلمة بصفة عامة. ومن رسالتها التي نجحت فيها تعميق أواصر الأخوة بين الشعوب العربية والإسلامية وإذاعة الاسلام في صورته الحضارية السمحة, فاتخذت أصدقاء من أنحاء العالم للإسلام والمسلمين, حيث أنها مصرية عالمية, وتتابع مشاكل الحياة والحضارة في كل مكان. ويشيد الدكتور محمد نبيل غنايم استاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم ببرامج إذاعة القرآن الكريم عن أسباب نزول القرآن الكريم وأسباب ورود الحديث النبوي, كما تقدم خدمة لجماهير المستمعين عن طريق برنامج بريد الإسلام وبرنامج بين السائل والفقيه الذي يجيب فيه كبار علماء الفقه والشريعة الإسلامية عن اسئلة المواطنين في الداخل والخارج وكل ما يتصل بالحلال والحرام أو بالأسرة والأبناء والأرحام والقضايا المجتمعية والمشكلات الحياتية والعلاقات الدولية. كما تقدم الإذاعة برامج متنوعة عن الدين والحياة وتقدم المفهوم الديني الصحيح لعلاج المشكلات وتحللها. هذا بالإضافة للفترات المفتوحة التي استحدثتها الإذاعة أخيرا وتتم فيها مداخلات المستمعين وإجابات العلماء مباشرة وأيضا البرامج الجذابة المهمة ومنها الأمسيات الدينية الحيوية من القري والنجوع والمدن المصرية,وأكد الدكتور غنايم أن إذاعة القرآن الكريم بالقاهرة تعد كتابا مفتوحا للإسلام يقدمه بصورة وسطية ومعتدلة, ويفند الشبهات المثارة حوله, كما أنها تحتل الصدارة في جميع الإذاعات المصرية, وغيرها وتلقي قبولا لدي المستعمين رجالا ونساء متعلمين وغير متعلمين.