اشفق علي المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء ، فالرجل يصل الليل بالنهار ويعمل بطريقة اقرب الي الانتحار ، من اجل ان يحقق المطلوب لرفعة هذا البلد ، لكن جهده الكبير وجولاته المكوكية وبساطته وتواضعه وحسن استماعه وسعة صدره ، هي في مجموعها صفات نموذجية لأي شخص ، وصاحبها يقدم المثل الذي ينبغي ان يكون عليه المسئول في هذا الوطن ايا ماكان موقعه ، لايعكسه الواقع الذي يشعر به المواطن ، فالرئيس الذي يجدف كما هو حال رئيس الجمهورية للتقدم بمركب الوطن الي الامام ، يفاجأ بأن هناك قوي تجذبه الي الخلف، ومن عجب أن هذه القوي تنتمي الي حكومته ، حيث تصور بعضهم أن توليه منصب وزير يعني انه الآمر الناهي ، وكأن شيئا لم يتغير في هذا الوطن، وكثير من هؤلاء الوزراء لم يكن لهم في ساحات عملهم مايجعلهم الاجدر بالمنصب ، وبعضهم جاء من خلفيات لاعلاقة لها بحقيبتهم الوزارية ، وربما نلتمس العذر في الاختيار لرئيس الوزراء الذي عاني من اجل اقناع شخصيات مشهود لها بالخبرة والكفاءة والقدرة علي قيادة العمل لكنها رفضت ، ربما خوفا من المناخ العام الذي غير سلوكيات كثير من البشر في مصر . آخر ما تعرض له المهندس محلب من تصدير لمشكلات من وزرائه ،ماكان من أزمة افتعلها وزير الثقافة عبد الواحد النبوي مع المثقفين الذين سجلوا اعتراضات كثيرة علي آداء الوزارة وكيف انها تفتقد سياسة ثقافية تعكس رؤية الدولة للثقافة باعتبارها احد الاسلحة المهمة في معركتها ضد الارهاب والافكار المتطرفة ، ومن عجب ان عددا كبيرا من الوزراء يدارون فشلهم بالإعلان عن محاربتهم للفساد وانهم دخلوا عش الدبابير ولن يخرجوا منه الا بعد تطهيره ، وهكذا ينشغل الوزراء عن دورهم الرئيسي في قضايا فرعية تكسب عداوات وتعرقل العمل. غير ان رئيس الوزراء الذي كان في حاجة لسويعات من الراحة ليجدد افكاره ويريح بدنه المثقل بالهموم والمتعب من الجولات المكوكية التي يقطع فيها عشرات الكيلومترات يوميا ، وجد نفسه مطالبا بالاستماع للمثقفين الذين لجأوا اليه ، قبل تصعيد الازمة ، وهو ماكان اذ استقبل رئيس الوزراء 16 كاتبا ومبدعا في حوار استمر ثلاث ساعات ، دارت حول ازمات الثقافة وهكذا وجد المهندس محلب نفسه في مواجهة ازمة صدرت اليه من احد معاونيه ، في توقيت صعب يسابق فيه الرجل الزمن من اجل الوفاء بالتزاماته المثقلة بهموم الوطن ، ولم يكن فرغ من تبعات كارثة الوراق التي جاءت متزامنة مع عودته من ايطاليا ومن قبلها غينيا حيث وقع اتفاقيات ووجه رسائل للعالم عن مصر واستعدادها للتعاون مع اصدقائها في اوروبا وفي كل مكان من العالم من أجل نهضة اقتصادها ، وجد الرجل نفسه في مواجهة ازمة عنوانها الرئيسي الفساد وهو امر ليس بجديد في مثل هذه النوعية من الحوادث وأقصد غرق مركب الوراق الذي راح ضحيته نحو 40 فردا ، والفساد هنا يمتد من الوزارات الي المواطنين انفسهم الذي باعوا ضمائرهم للشيطان فراحوا يحملون المركب فوق طاقته من البشر ، واستباحوا النهر دون تراخيص مع عدم اخذ في الحيطة والحذر اثناء القيادة فكانت الكارثة ان تحول فرح الي مأتم كبير. ومن عجب ان كل مسئول تقع في دائرته الكارثة كان همه الاول هو التنصل منها والدفع بها في ملعب الآخرين فهاهو محافظ الجيزة يعلن ان المسئولية تقع علي وزارة الري ، والوزارة تلقي بها علي المسطحات المائية والنقل النهري التابع لوزارة النقل والاخيرة تبادر بنفي التهمة عنها وترجعها للري وهكذا تفرق دم الضحايا مابين الاهمال والفساد والتنصل من المسئوليات ، فكان ان عقد رئيس الوزراء اجتماعا لوزارته لبحث الازمة والتخفيف عن اسر الضحايا بعد توجيه الرئيس السيسي بالعمل من اجل ضمان عدم تكرار الكارثة ، التي وضعتنا في مواجهة امام العدو الحقيقي لهذا الوطن والعائق امام تقدمه الا وهو الفساد الذي يبدأ من الاهمال وعدم المراقبة والمحاسبة وتطبيق القانون ، وهي امور ينبغي ان تكون اولي مهام الوزراء والمحافظين ورؤساء الاحياء والهيئات دون استعرض ، او بحث عن شو اعلامي ، ولن تتم محاربة الفساد الا بتطبيق القانون علي الجميع ، اما الاستسهال في اصدار قوانين تري الحكومة باصدارها انها انهت مهمتها وبرأت نفسها ، فهو امر خاطئ ، لان القوانين التي اصدرتها الحكومة بعد حادث البحيرة البشع في عام 2014 لم تمنع حوادث كثيرة راح ضحيتها مئات في البحيرة وغيرها ، وضعت مصر في المركز الاول- للأسف في ترتيب الدول الاكثر حوادث تودي بحياة البشر في الشرق الاوسط والعاشر عالميا بمجموع 15 الف قتيل في العام بنسبة 131 لكل 100 كم ، حسب المنظمة العربية لسلامة الطرق ومنظمة الصحة العالمية . اذن الامر بحاجة ماسة الي التزام كل مسئول بالقيام بواجباته في اطار من المسئولية الادبية الجماعية ، وتفعيل القانون علي الجميع وان لم تكن الحكومة قادرة علي تفعيل قوانينها فعليها ان تلغيها . لمزيد من مقالات أشرف محمود