فى ظهيرة 25 إبريل 1859 ، وتحت العلم المصرى، بدأ العمل فى حفر القناة، فى الموقع الذى أنشئت فيه بعد ذلك مدينة بورسعيد، وكانوا يقدمون للعامل قطعة من الأرض ليزرعها بشىء يتقوّت عليه. وفى هذه المجموعة من الصور نرى السواعد المصرية وهى تعكف على الحفر، ونرى بدوية تبيع العسل للعمال... بينما السقّاء يقدم الماء. كما نرى الحمار الذى تملكه المرأة البائعة، حيث إن الشركة لم تكن تقدم الدواب لأحد. وفى الصور أيضا لوحة لفنان عاصر الحفر تقدم دليلا قاطعا على أن الشركة لم تستخدم عربات كبيرة لنقل المهمات والأدوات والأتربة كما زعمت، وتشهد أيضا على أن الشركة كانت تستخدم عجلات بدائية يصنعها نجارو السواقى فى الريف المصرى وتجرها الجمال.. على العكس مما زعمته الشركة آنئذ فى تقاريرها من أنها كانت تستخدم أحدث آلات الحفر.. ثم نجد صورة أخرى مرسومة أيضا، وتمثل سير العمل، حيث الفلاحون يحفرون بسواعدهم العارية النحيلة، ويحملون الأتربة، دون أن تساعدهم دابة أو آلة واحدة، بينما نشاهد أحد المقاولين الأجانب يصدر أوامره للعمال المصريين بواسطة مترجم.. وسنلاحظ أن الأجنبى كان فى كامل أناقته معتمدا على عصاه.. بينما الفلاحون المساكين لا تستر أجسادهم إلا الأثمال.. وهناك ثلاث نساء بدويات ممن كن يبعن الأطعمة للعمال. ثم سنرى صورتين لمجموعة من الفنيين الأوروبيين استقدمتهم الشركة لتنفيذ المشروع ويركبون عربات فخمة قدمتها لهم الشركة حرصا على رفاهيتهم. وإذا دققنا النظر سنرى أحدهم وقد امتطى جملا وسار وراء العربة.. كما سنجد صورة لقطار خاص طاف بمنطقة أرض تلال الجسر التى اخترقتها القناة.. وحمل القطار مندوبى الغرف التجارية بأوروبا الذين دعاهم ديليسبس للاطمئنان على سير العمل.. وهكذا؛ قطار خاص وعربات فاخرة للأجانب المتحكمين.. وصحراء وعراء وفقر مدقع لفلاحى السخرة المصريين الذين حفروها بدمائهم والعرق!