يسجل المصريون قيادة وشعبا ًفى يوم السادس من أغسطس 2015 على أرض الواقع حدثاً سيقف أمامه التاريخ من بعد شاهداً بأن القدر استجاب لإرادة الشعب، الذى عبر من قبل فى أكتوبر 1973 قناة السويس متخطياً كل الحواجز ليثبت للعالم أجمع أنه فوق كل التحديات وكل المصاعب، وعاد ليعبر مرة أخرى بافتتاح مشروعه العملاق، ومشروع القرن معلناَ عن جديته فى صنع مستقبل مشرق محمل بكل الطموحات والآمال. وها هو ذا يعيد الكرة ليعبر يوم 2015/8/6 ، صانعاً قناة السويس الجديدة فى وقت قياسي، وفى إنجاز غير مسبوق ليعلن للجميع أنه تخطى الصعوبات، وأعاد اكتشاف نقاط قوته، وبدأ مرحلة النهوض والتنمية وشرع فى استعادة مكانته الإقليمية والدولية. ولعل بنك قناة السويس منذ أن أنشئ فى عام 1978 عقب عبور المصريين فى أكتوبر 1973، كان تعبيراً وعلامة من علامات التوجه الاقتصادى والاجتماعى والسياسى لمرحلة ما بعد العبور، فجاء تأسيسه فى مدينة الإسماعيلية قلب مدن القناة وإمتد إلى مدينتى الشمال والجنوب بورسعيد والسويس ليصبح محوراً مصرفياً لمدن القناة وسيناء، ويمتد منها إلى باقى مناطق الجمهورية، وقد عمل البنك منذ تاريخ إنشائه فى 1978 وحتى الآن على مدار 37 عاماً كبنك إرتبط فى إنشائه وتأسيسه ونشاطه بإقليم قناة السويس وأمتد ليغطى على مدار هذه الفترة منطقة الإسكندرية وشمال الدلتا، ووسط الدلتا، وسيناء، والقاهرة الكبري، والصعيد من خلال 31 فرعاً تمارس كافة الأعمال والأنشطة المصرفية، إلى جانب أربعة فروع يجرى تجهيزها لتنضم إلى شبكة أعماله ليزيد عدد الفروع إلى 35 فرعاَ، فى نفس الوقت الذى يخطط فيه لزيادة هذه الشبكة لتصبح 40 فرعاَ فى نهاية 2016. وصاحب هذا الإتساع الجغرافى لنشاط البنك أن تطور رأس ماله ليصل إلى 2 مليار جم وليصبح صافى أصوله حوالى 20 مليار جم ، وإجمالى ودائعه حوالى 16 مليار جم، فى الوقت الذى غطت أنشطته قطاعات رئيسية فى السوق المصرى تنوعت بين البترول والغاز والكهرباء والصناعات الهندسية والصناعات الكهربائية والكيماويات والأسمدة والصناعات الغذائية والعديد من الأنشطة الإقتصادية الأخرى. وكان شهر أغسطس2014 علامة هامة فى سجل أعمال البنك ، لمّا وقع الاختيار عليه مع ثلاثة بنوك وطنية أخرى كبنوك مصدرة لشهادات استثمار قناة السويس الجديدة باعتبارها أداة تمويلية تعتمد على حشد أموال المصريين لتغطى احتياجات مشروع القرن العملاق - مشروع قناة السويس الجديدة - ولتصل قيمة الشهادات المصدرة 64 مليار جم شارك فى إصدارها وتسويقها وإتمام ترتيباتها بنك قناة السويس مع البنوك الوطنية الثلاثة الأخرى ، خلال فترة زمنية وجيزة لم تزد على ثمانية أيام ، يعتز من بعدها البنك بأنه اسهم فى تقديم الخدمات اللازمة للمواطنين المصريين للمشاركة فى هذا المشروع الاستراتيجى بأموالهم ومدخراتهم ليكون مشروعاَ مصرياَ خالصاً فكراً ، وتنفيذاً، وتمويلاً. وقد بادرت إدارة البنك منذ بدء المشروع فى التنفيذ إلى وضع خطة لتدعيم تواجد البنك فى منطقة القناة بمضاعفة عدد الفروع، وإستهداف تقديم كافة الخدمات المصرفية والتمويلية للقطاعات المختلفة بالمنطقة ، مع التركيز على المشروعات المستحدثة مع بدء تشغيل قناة السويس الجديدة والتى ستمتد من الشمال فى بورسعيد ، مروراً بالإسماعيلية ، وصولاً إلى السويس والعين السخنة فى الجنوب. ولمّا كانت خطة البنك الإستراتجية (2014-2016 ) تعتمد فى أحد محاورها الرئيسية على ضخ 2.5 مليار جم لتمويل مشروعات إقتصادية متنوعة، وجاءت هذه الخطة مواكبة لدخول البنك فى أغسطس 2014 فى عملية إصدار وتسويق شهادات قناة السويس الجديدة مع الإستمرار على مدار خمسة أعوام لاحقة فى خدمة عملاء هذه الشهادات ، لذا جاء التوجه الإستراتيجى لإدارة البنك أن يكون الهدف الرئيسى خلال هذه الفترة وخاصة فور إفتتاح القناة الجديدة فى 6 أغسطس 2015، نحو توجيه المبلغ المشار اليه سواء بشكل مباشر أو من خلال مشاركات مع بنوك مصرية أخرى وعلى مدار العامين القادمين لتمويل المشروعات المصاحبة والمترتبة على إفتتاح قناة السويس الجديدة وخاصة فى إقليم قناة السويس بشماله وجنوبه وشرقه وغربه مع تطوير المبلغ بحسب المستجدات، وعلى أن تشمل المشروعات المستهدفة قطاعات المرافق والخدمات والصناعة والتكنولوجيا والطاقة. كل ذلك إيماناً بأن 6 أغسطس 2015 تاريخ إفتتاح قناة السويس الجديدة سيسجل فى سجل مصر والمصريين كعلامة محورية فى عبورهم من الحلم إلى الفعل، ومن السكون إلى العمل، ومن التراجع إلى التقدم، وعلى وجه العموم إلى مرحلة إمتلاك القدرات والمستقبل طالما تواجدت الإرادة، وتجسدت بالعمل، وساندتها رعاية الله وعنايته. ولعلنا لا نغالى إذا قلنا ما أشبه اليوم بالبارحة، ففى يوم 6 أكتوبر1973 عبر المصريون القناة تحريراً للأرض وإسترداداً للعزة والكرامة وخاضوا حرباً شرسة تحت راية وشعار "بسم الله والله أكبر، إما النصر أو الشهادة" وها هم اليوم 6 أغسطس 2015 – بعد مضى ما يقرب من إثنين وأربعين عاماً – يعبرون القناة لإنشاء قناة السويس الجديدة فى أشهر معدودات فى معركة تعمير وتنمية، لبقعة غالية من أرض مصر تتوسط القارات والعالم والإقليم لينطلقوا من مصر المكان إلى مصر المكانة، فى ملحمة مستمرة من الجهد والعمل، تحت راية وشعار "بسم الله والله أكبر، تحيا مصر.. تحيا مصر... تحيا مصر"