نظرة منصفة الى العمل الإسلامي نجد انه كان يفشل دائماً بسبب تطلع أصحابه إلى السُّلطة ، وتصوُر كل منهم أنه هو وحده الإسلام .. وأن الإسلام الحق لن يعود إلا إذا قفز هو وعصابته على السلطة واغتصب الحُكم .. ونسي الجميع أن العمل الإسلامي هو عمل متجرد لله بطبعه ، وأنه لا يبتغي من ورائه إلا وجه الله .. وأنه توعية ونُصح وهداية وإرشاد .. "ما على الرسول الا البلاغ"وأنه عِلم ومكارم أخلاق .. في المقام الأول لا تفاخر ووسائط وسفسطة يتكسب منها الفقيه او القاضى او ما اصطلحنا على تسميته الآن بالمفكر وهو لا يفتأ يذكر المال والهدايا والضيعات والقصور والسيارات الفارهة والخدم والحشم واستعباد واستحمار المريدين .,ان لزم الامر والاعلان عن نفسه وبضاعته والتفنن فى جلب ضيافة له بمكان سمى باحدى الدول لقراءة القرآن او اثارة البلبلة ببعث احدى القضايا من غياهب المدسوس والملغز فى الكتب الصفراء والاتكاء على المتشابه والغيبيات مما لا نجد له سندا وسلطانا فى كتبنا المنزلة او صحاح الحديث رغبة فى ادهاش المريدين وجذبهم للجديد وكأنه نسخة من القرآن والحديث مزيدة ومنقحة طبعة 2015 وإلخ... وبقليل من الفحص والمقارنة المتأنية المنزهة نجد أنه لم يكن الإسلام إنقلاباً ولم يكن ثورة في يوم من الأيام .. وكان المسلمون الأوائل يهربون من المناصب ، وإذا سمع أحدهم أنه عُيِّن فى منصِب القضاء راح يبكي حظه ويطلب إعفاءه ويزهد الدنيا ويبالغ فى المراقبة والتحرى من باب "قاض فى الجنة وقاضيان فى النار"فمن منا يضمن العدل المطلق والانصاف المنزه عن الغرض وان الله لن يضعه فى تصنيف وغواية قاسية تستأهل الجنة ,وكم من رجل دين لبس ثوب الاختلاف ليقبض الثمن وليتكسب به وليشترى بدينه ثمنا قليلا وان كان ليختلف . والمسلم الحق كان يثور على نفسه ليصلِحها ولا يثور على الآخرين بل ينصحهم .. ويدعوهم بالتي هي أحسن .. ويدعو لهم ويبتهل من أجلهم . ولذلك قال الله : إنه لن يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم .. ومعنى ذلك أن النفس هي المطلوب تغييرها .. وليس تغيير التاريخ .. لأن التاريخ من شأن الله وليس من شئون البشر وهو يذكرنا ونتخذ منه العبرة والعظة ونتدبر بما حل بالغابرين. ولقد فشل كل الذين تطلعوا إلى السلطة من الإسلاميين المحترفين و أودوا بجماعاتهم إلى الهلاك ، والذين نجحوا منهم سقطوا في شباك الدكتاتورية ، وحكم الفرد ، وعبادة النصوص ، و تأليه الإمام و نسيان خالق النصوص ورَب الإمام .. وما هو أخطر من كل هذا .. خلِو القلوب من التقوى وغلبة المظاهر والافتتان والكهنوت وهو ماحذرنا منه نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام ونقع فيه فنختلف ونتشيع لهذا او ذاك ونترك حبل الله وتأخذنا العزة بالاثم فيحرف البعض المعانى ويتجه للغريب المهجور ليجد مكانة وقداسة . وهذا الفشل كان بعض نتائج عملية الفرز التي حكينا عنها .. فرز النيّات .. وفرز الضمائر .. مَنْ كان مسلماً بالحقيقة .. ومَنْ كان مسلماً بالكلام . وما زال الفرز مستمراً ..وما زالت إعادة التصنيف مستمرة . وسوف يخرج كثير من المسلمين من صفوف المسلمين و يلتحقون بالكفرة والخوارج، ويأتي الكثير من صفوف النصارى ليقاتلوا مع المسلمين حربهم .. تلك الحرب المقدسة بين المتكالبين على الدنيا والباحثين عن المعنى والقيمة والجمال في الحياة . و ذلك بعض ما يجري في خلفية المسرح التاريخي لهذا الصراع الدموي القديم . وها هو الزمان قد استدار وعاد من أوله وبدأ التاريخ يعيد نفسه من جديد,رغم وحدانية الواحد واكمال الرسول الرسالة واتم نعمته علينا ورضى لنا الاسلام دينا فهل يفر الجميع الى الله ويتركون الخلاف والشقاق فقط كتاب الله وسنة رسوله الكريم ويقرون فقط ان الدين المعاملة؟ لمزيد من مقالات ياسر عبيدو