إذا كانت المادة(06) من الإعلان الدستوري قد فوضت الأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشوري بانتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور, فقد كنت أتمني أن يتم انتخاب أغلبية الأعضاء من خارج أعضاء البرلمان بمجلسيه تلافيا. لتعارض المصالح, ويظل النصيب الأكبر لممثلي المجتمع, وكنت أتمني أن يكون رئيس اللجنة التأسيسية المنتخبة لوضع الدستور من خارج أعضاء البرلمان, وأن يتفرغ الدكتور سعد الكتاتني لرئاسة مجلس الشعب, فمن الصعب علي الدكتور الكتاتني أن يجمع بين المهمتين الشاقتين, وكنت أتمني ألا تسيطر جماعة الإخوان المسلمين علي كل المواقع القيادية في الدولة, مجلس الشعب ومجلس الشوري, ثم اللجنة التأسيسية للدستور, وتصر الجماعة علي تشكيل الحكومة, وطرح الثقة في حكومة الجنزوري المؤقتة, والغريب إلا أن مجلس شوري الجماعة فاجأ الرأي العام كله بترشيحه المهندس خيرت الشاطر, القيادي بالجماعة, كمرشح لها لخوض انتخابات الرئاسة قبل عدة أيام من قفل باب الترشيح, مما أدي إلي إيجاد حالة انقسام داخل صفوف الجماعة وخارجها, وأدي إلي توسيع فجوة الثقة بين جماعة الإخوان والقوي السياسية والحزبية الأخري, وفوز الإخوان بالبرلمان والحكومة والرئاسة يعني أن مصر لم تشهد ثورة. وصحيح أن الشعب وحده في البداية والنهاية هو صاحب القرار, سواء بالنسبة لانتخابات رئيس الجمهورية أو الاستفتاء علي الدستور, ولن يلوم الشعب إلا نفسه بالنسبة لأي نتائج مقبلة. ولاشك أن المشهد السياسي الذي تعيشه مصر الآن, مشوب بالقلق والتوتر ما بين المرشحين للرئاسة وما بين تشكيل اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور الجديد, والمواطن المصري أصبح حائرا بين ما يسمعه ويراه, بعد أن انكشفت الكثير من الأقنعة وظهرت حقيقة الإخوان والتيار الإسلامي الذي يسعي للاستحواذ علي الموقف كاملا, وغاب عن الإخوان أن الشعب لن يقبل بتكرار ما حدث من الحزب الوطني المنحل, وأن الشعب قد بلغ سن الرشد ولن يقبل أن يسيطر عليه تيار سياسي أو ديني, فمصر أولا وأخيرا بكل اتجاهاتها فوق الجميع. والمثير أن أزمة لجنة إعداد الدس تور تتصاعد ومظاهرات ومسيرات تقوم ضد سيطرة الإسلاميين علي اللجنة. وقد أكد المجلس الأعلي للقوات المسلحة أنه لن يتواني في اتخاذ أي إجراءات أو قرارات في مصلحة الوطن, واستنكر محاولات بعض القوي السياسية التشكيك في النيات إزاء نزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة والاستفتاء الشعبي علي الدستور. وقال البيان إن الحديث عن تهديدات بوجود طعن في دستورية مجلس الشعب أمام المحكمة الدستورية العليا والإيحاء بخضوع هذه المحكمة الجليلة للسلطة التنفيذية هو أسلوب يستهدف الإساءة للقضاء المصري العريق واستباق أحكامه, والسعي إلي تحقيق مصلحة حزبية ضيقة علي حساب قدسية القضاء. وقد أكد المجلس الأعلي للقوات المسلحة أنه لم ولن ينحاز إلي أي فصيل في الصراع السياسي في مصر, ولم ولن تكون له صفقات مع أي من كان, لأن ذلك من أخلاق ومبادئ وقيم القوات المسلحة, وأكد في الوقت نفسه أن معركة الدستور محسومة تماما لمصلحة الشعب المصري بجميع طوائفه, وأنه لن يكون هناك دستور لفصيل بعينه.