ينتسب الدكتور جعفر عبدالسلام، نائب رئيس جامعة الأزهر سابقا، إلى أسرة أزهرية عريقة، وله العديد من الكتب والمؤلفات في مجال العلوم الإسلامية. ويتولى حاليا منصب الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، وهي إحدى المؤسسات الدولية العاملة في مجال الدعوة وتصحيح صورة الإسلام فى الخارج. وفي هذا الحوار يؤكد ان غياب التنسيق بين المؤسسات الدينية في الدول الإسلامية يعرقل جهود تجديد الخطاب الديني، وانه لا يوجد توحد للرؤية سواء على مستوى العقليات المنوط بها التجديد أم على مستوى العقليات المخاطبة. والى نص الحوار: في ظل الهجمة الشرسة على الثوابت الدينية، ماذا فعلت الرابطة في مواجهة ذلك الهجوم؟ وما دور الرابطة في تصحيح صورة الإسلام في الخارج؟ أصدرت الرابطة كتابا عن تطوير الخطاب الديني منذ أكثر من عام، عندما دعت الضرورة إلى إعادة النظر في الخطاب الديني في المساجد والمؤسسات الإعلامية، ثم أصدرت أيضا كتابا عن تطوير الفكر الديني، ويحتوي على كثير من معاني التطوير، ولكن السؤال هل فعلا هناك تجديد للخطاب الديني؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبعث لأمتي على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها) وقد فهم المسلمون على مختلف العصور هذا التجديد على أساس أن المجدد يحاول أن يزيل ما ران على القلوب والعقول من أوهام وسيئات بحيث يعود الخطاب الديني جليا واضحا كما كان. أما المعنى الثاني الذي فهمه الأصوليون أن المجتهد ينبغي عليه أن يستعرض مآلات وتغيرات العصر وينزل حكم الله عليها، فهذا يوسع من باب الاجتهاد ويحيل الحالات الجديدة التي تطرأ في حياة الناس وما أكثرها محكومة بالشرع، مثل القضايا الطبية المعاصرة أو التلقيح الصناعي ..الخ. ما هي المعوقات التي تواجه تجديد الخطاب الديني؟ أهم المعوقات انه لا يوجد توحد الرؤية سواء على مستوى العقليات المنوط بها التجديد أم على مستوى العقليات المخاطبة، وهناك خلافات واسعة بين من يقوم بالتجديد وبين من يجدد لهم، سواء على مستوى هيئة التدريس أو على المتلقى، ولذلك يجب التوحيد بين الرؤى بين كل هذه الأطراف، ونحتاج إلى نوع من الاجتهاد الاجتماعي في المستجدات، وهذا ما تقوم به مجامع اللغة العربية في مختلف بلدان العالم سواء مجمع البحوث الإسلامية أو الأزهر، وأهتم شخصيا بمجمع الفقه الإسلامي العالمي بحكم عضويتي فيه. وما هو دور الرابطة في مواجهة الإرهاب والفكر التكفيري؟ لنا أعمال كثيرة في مواجهة الإرهاب فمنها أننا نقوم بإصدار مجموعة من الكتب تحت مسمى فكر المواجهة، وأصدرنا منه 30 مرجعاً حتى الآن تصدى كل مرجع لإحدى قضايا الأمة، وبدأنا ذلك العمل من بعد أحداث 11 سبتمبر 2011 وذلك لمواجهة الفكر المضاد للإسلام والمسئول عن هذه الأزمات بداية من أزمة تفجير البرج العالمي، وكان من أهم المراجع آنذاك، ويراجع النظريات التي روجت لفكرة (صدام الحضارات)، وأيضا هناك ثلاث كتب أشهرها في هذا الشأن كتاب (برنار لويس) الذي اشتهر بتأصيله لعداء الإسلام للغرب. غياب التنسيق بين المؤسسات الدينية أفقدها الكثير من ثقلها في دورها المنوط بها كيف يمكن تحقيق التوافق والتنسيق بين تلك المؤسسات؟ لا أوافق على انعدام التنسيق، وأقول إننا نحاول أن نقوم بهذا الدور المفروض بين المؤسسات، ولكنها آفة في المجتمع الإسلامي منذ وقت بعيد، ولم نستطع التغلب عليها حتى الآن، حتى أنني فكرت في أن نستعين بخبراء في الإدارة لإيجاد هذا التنسيق بشكل أو بآخر لمعرفة أسباب عدم توحيد وعدم تنفيذ المقررات التي تصدر من المؤسسات الإسلامية، وهي مشكلة قائمة في حد ذاتها. حوارات وندوات ومؤتمرات وتوصيات متراكمة لا ترى النور، هل هذا هو نتاج تجديد الخطاب الديني؟ ليست نتاج التجديد، ولكنها تخص شئون المسلمين وكل ندوة لها خصوصيتها والخطاب الديني فرض نفسه على حياتنا العملية والثقافية منذ فترة وبالتالي عولج في إصداراتنا وندواتنا ومؤتمراتنا. وبالفعل هناك تراكم للعمل وللخبرة وللمعرفة في مؤتمرات الرابطة وكل المؤسسات الدينية الأخرى ونحاول الخروج من هذه الدائرة بالإصرار على التنفيذ وعلى تغيير أسلوب المواجهة لتغيير الأماكن والأزمنة لاجتذاب عناصر من العلماء والمثقفين من الغرب يشاركون الرؤى، ونحاول معهم الخروج من الدائرة التراكمية التي نتحدث عنها. وطلبت في المؤتمر الرابع في هذا الشأن باحثين من الإكلينيكيين لعلاج الحالات الشاذة في مجتمعاتنا ونطلع طب الأزهر على هذه المحادثات كي تختار من جانبها من تراه مناسبا للاستعانة بكبار العلماء في هذا الشأن. كيف تستقبل الرابطة شهر رمضان؟ نستقبل رمضان ببعض الأنشطة مع الجامعات الأعضاء ونخصص بعض الأيام لعقد لقاءات ثقافية في داخلها ومع الأعضاء الآخرين، وقمنا بالإعداد لبرنامج ثقافي ينفذ في شهر رمضان المعظم في مقر الرابطة وبعض الجامعات الأعضاء، ويختص بحلول المشكلات التي تواجه الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر. ما هو التأثير القوي للرابطة أمام الغرب؟ لمسنا بالفعل تأثيرا قويا بدليل أنه كان هناك لقاء مع القوى السياسية والثقافية في العالم، وهذه الدول منها إنجلترا وفرنسا وبلجيكا وأمريكا وكثير من العواصم الأخرى كما عقدت ندوات في هذه الدول لشرح قضايا الإسلام المتصلة بالحضارة الغربية والفكر الغربي بشكل عام ونشرت هذه الندوات والأعمال العلمية باللغة الإنجليزية والإيطالية والفرنسية، وبالفعل قد ساهمت هذه اللقاءات في تحسين صورة الإسلام أمام الغرب، وموقفه الحضاري منه، بعد هذه الندوات وحدث إقبال كبير بعد هذه الندوات في هذه الدول على الإسلام وتم شراء عدد كبير من المصاحف، لأن هناك من يسيء للإسلام.