بمجرد ان تخطو قدماك اولي خطواتها بمنطقة تحت الربع وبوابة المتولي خلف مدرية أمن القاهرة تجد مئات الفوانيس قد اصطفت علي الجانبين لتطل عليك بأشكالها الجذابة وإضاءتها الجميلة كألوان الطيف وكأن الشوارع قد ارتدت ثوبا جديدا بالوان الفرح الزاهية العاشقة للشهر الكريم. وسط هذا الكرنفال الرمضاني التي تفوح منه رائحة تراثنا الشعبي العريق يجلس "الحاج أحمد سيد المصري" الشهير "بالسني" داخل ورشته علي الأرض أمام النار وترتسم علي شفتيه أجمل ابتسامة تجعلك أكثر شغفا لمعرفة صناعة الفوانيس وسر ابتسامة صانعها ؟! بنفس الابتسامة يجيب السني بكل بساطة وهو يمسك بأدوات اللحام ليشكل من الصاج والنحاس أفضل أشكال لفانوس رمضان " الحب هو السر...فأنا أعمل في هذا المجال منذ أكثر من 35 عاما، لقد ورثت هذه المهنة عن والدي الذي تعلمت علي يديه وأنا طفل صغير كيف تصبح الألوان والخطوط فوانيس ذات أشكال مختلفة، وبمضي الوقت أصبحت هذه الصناعة هي مهنتي الأساسية والفن الذي أعشقه.
سعادتي لا توصف وأنا بصنع شكل الفانوس من خيالي وبعدها أقص الصفيح والزجاج علي النموذج الفانوس حسب المقاس والشكل، ومن أشهر الفوانيس البرج والنجمة زهرة اللوتس وغيرها ويعتبر الفانوس المربع البلدي والمسدس وفانوس الملك فاروق من أقدم الأنواع والأقل سعرا في السوق." سكت السني وهو منهمك في ترميم أحدي الفوانيس القديمة وبابتسامة صافية قال "الفانوس المصري هو الأصل؛ سبب فرحتي هذا العام هو منع استيراد الفانوس الصيني... فبالرغم من اقتحام المنتج الصيني الأسواق منذ فترة إلا أنه لم يستطع سحب البساط من الفانوس المصري الاصيل، الصيني اقرب ما يكون إلي لعبة من كونه فانوسا وكلما مر الوقت عليه يصبح لا قيمة له علي عكس الفانوس المصري بمرور الزمن يصبح قطعة أثرية وفنية، مهما يحدث له فهو قابل للترميم . المصريين هم أول من عرفوا صناعة الفانوس وبمرور الوقت اصبحنا نصدره لكافة الدول العربية والغربية، لقد صدرت هذا العام بفضل الله للمملكة العربية السعودية والإمارات وأمريكا، بصراحة فرحتي كانت دايما ناقصة لما كنت بشوف تقدير الناس للفانوس المصري في الخارج وفي الداخل كنا نستورد فانوس لعبة بلا معني، لكن الحمد لله الفرحة اكتملت وها أنا أصنع حتي اخر يوم في الشهر الكريم المزيد من أجل أن أري الفرحة و التقدير في عيون الأطفال والكبار... رمضان كريم." [email protected] لمزيد من مقالات مى إسماعيل