فعلا النسيان مشكلة، فنحن ننسي ما كان يجب أن نتذكره، ونتذكر ما كان يجب أن ننساه، ننسي لأننا لا نريد أن نتذكر، ونتذكر لأننا لا نريد أن ننسي، ودائما هناك أعذار، فضغوط الحياة لا ترحم، وصدماتها أيضا، ونحن ندور في دوامة، والنسيان أداة هروب، والناس يهربون من مواجهة أنفسهم. في حياتنا أشياء لا نريد أن نتذكرها، وأشياء لا يمكن أن ننساها، وهكذا ننسي لنتذكر، ونتذكر لننسي، ولو تأملنا لأدركنا أننا لا ننسي بل نتناسي، والقصة أننا نتخفف من أعبائنا، وتخفيف الأعباء يساعد علي الاستمرار، لكن تبقي أشياء لا يمكن التخلي عنها، لأنها جزء من الوجدان. أحيانا نجرب الجديد لننسي القديم، ننتقل إلي مكان حين يضيق بنا المكان، نبدأ حكاية لننسي الحكاية الأصلية، نحب أحدا لننسي آخر، ندعي أننا فقدنا الذاكرة، وهذا ليس صحيحا، فالنسيان له أسباب، والتذكر أيضا، قد تنسي مرة، لكنك لن تنسي مرتين، لأنك لن تتحمل أن يكسر أحدهم قلبك مرتين. وأحيانا نخدع أنفسنا، حين نظن أن الآخرين سوف يتذكروننا إلي الأبد، والناس ينسون من غاب عنهم، ونحن ننسي من ينسانا، وهذه هي الحياة، نحن نعيش في عالم من النسيان، بل إن النسيان أصبح صناعة، يمكنك أن تمحو أفكار الآخرين، وتزرع أفكارا جديدة، يمكنك أن تغسل مخي أو أغسل مخك، وهذه قصة أخري. فعلا النسيان مشكلة، وحين نفقد الذاكرة ننسي ماضينا، الذي هو خلاصة تجاربنا، وبلا تجارب لا يمكن مواجهة الحياة، تجاربنا تنير لنا الطريق، تحدد لنا أين كنا، وإلي أين نحن ذاهبون، المشكلة أن ذاكرتنا من ورق! لمزيد من مقالات عبد العزيز محمود