بعد لحظات من إعلان استشهاد المستشار الجليل هشام بركات النائب العام يرحمه الله، وجدتني في فورة انفعالي وغيظي وبكائي أكتب علي صفحتي الخاصة بالفيسبوك، لا نريد خطبا أو بيانات، نريد قرارات حازمة وحاسمة وصارمة تضع حدا لإرهاب الدولة الذي تمارسه جماعات مارقة، وتساءلت أين قانون مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية؟ وتابعت في الليلة ذاتها تصريحات لعدد من شيوخ القضاء منهم النائب العام الأسبق عبدالمجيد محمود يطالب بسرعة تعديل القوانين التي صدرت في العام 1937، لأنها السبب في تأخر محاكمات الإرهابيين، وبالتالي يغيب الردع الحقيقي، ويتسرب اليأس الي نفوس المواطنين الذين ضجروا من تكرار العمليات الإرهابية، فلا يقبل أن يكون التزام الدولة باجراءات التقاضي علي حساب الردع والثأر للأبرياء، ولا يعقل أن تكون يد العدالة مغلولة كما قال الرئيس السيسي وهو يواسي أسرة الشهيد، وطالب بسرعة تعديل القوانين لمجابهة الإرهابيين بما يحقق العدالة الناجزة، وهنا يكون العتب علي مؤسسة الرئاسة، إذ كيف مرت فترة تولي الرئيس عدلي منصور دون إجراء هذا التعديل، وكيف مر العام الأول لحكم الرئيس السيسي دون إجرائه؟ إنه تقصير غير مبرر من الحكومة ففترة عامين تمثل عمرا طويلا في حياة الامم التي تواجه إرهابا، وكان ينبغي ان تكون الأولوية لتعديل هذه القوانين، كما حدث في تعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكري، نزولا علي رغبة عدد من النشطاء . الشاهد أن الحكومة (المؤقتة ) التي أوهمت الناس بفعل جولات رئيسها وتقليد وزرائه له، أن كل الأمور علي ما يرام، تعاملت بمنطق أنها مستمرة لفترة طويلة، بدليل مرور خمسة أشهر علي توجيه الرئيس لها بإنجاز ما طلبته المحكمة من تعديل قانون الانتخابات في غضون شهر، دون أن تسال الحكومة عن سبب التأخير الذي لا يستفيد منه أحد سواها، لأنها ستضمن البقاء علي مقاعدها حتي إجراء الانتخابات، الأمر الذي شكل عنصر ضغط علي الرئاسة في كل لقاءاتها مع المسئولين الاجانب لانه بات مطلوبا منها تأكيد حرصها علي إجراء الانتخابات البرلمانية في أقرب وقت حتي إنها حددت نهاية العام موعدا لها لتضع حدا لبطء القرار عند الحكومة. ومن هنا فإنني أشفق علي الرئيس عبد الفتاح السيسي ، فقدر الرجل وضعه علي سدة حكم بلد كبير بمنطق التاريخ والجغرافيا والسكان، وأيضا المشكلات، ومن هنا جاء إيقاعه سريعا وإنجازاته الشخصية ملموسة، علي عكس ايقاع الحكومة حتي وإن اجتهد رئيسها شخصيا في أمور المتابعة الميدانية، لكن أداء حكومته نتيجة قلة خبرة بعض وزرائها وسع الهوة بين إيقاع الرئيس وإيقاع الحكومة وهو ما استشعره المواطن العادي، فالرئيس مهموم بانجاز ماوعد به من مشروعات عملاقة إلي جانب تفرغه لإصلاح ما فسد من العلاقات مع الغرب، ناهيك عن مواجهة الإرهاب في سيناء التي تحولت إلي ساحة حقيقية للحرب ضد الإرهاب الذي نما وترعرع في العام الاسود لفترة حكم المخلوع. ولكي لا يكون الكلام علي عواهنه أتوقف أمام عدة نقاط أولاها استعداد الرئيس السيسي لعمل تغيير وزاري كل يوم من أجل مصلحة الناس كما ذكرت الصحف قبل أيام، لأنه يريد وزراء مقاتلين لا وزراء موظفين، ومن عجب أن حكومة محلب رفعت شعار حكومة المقاتلين بعد تكليفها، غير أن العبرة التي تحسب بالخواتيم ، لا بالتصريحات ولا الجولات التي لا طائل من ورائها إلا (الشو)، كشفت أنه لا مقاتلين في صفوفها، بل تبين أن بعض وزرائها لا يعرفون الفرق بين ما يقال وما لا يقال، ورغم أن وزيرا ترك منصبه ثمنا لتصريح اعتبره هو زلة لسان فإن رحيله لم يكن رادعا لنظرائه فخرجت وزيرة تهدد مرءوسيها بالضرب (بالشبشب) ومر الأمر مرور الكرام، لأن أحدا لا يراجع أو يحاسب، ولم تعرف الحكومة مسئولية القرار، إذ اتخذت قرارا بعد واقعة الاغتيال بساعات باعتبار يوم 30 يونيو إجازة بمناسبة الاحتفال بالثورة، وكأن يونيو جاء فجأة، ومن عجب أن القرار تناسي أن يوم الثلاثين آخر أيام امتحانات الثانوية العامة ما سبب بلبلة قبل أن تتدارك الحكومة الموقف وتعلن أن الامتحانات سارية، وزاد وزير النقل بإعلان زيادة أسعار القطارات المكيفة بدءا من أول يوليو، وهو قرار افتقد للحس السياسي في توقيته لتزامنه مع حالة حداد وطني، ثم يأتي السؤال لوزير النقل، هل طورتم السكك الحديدية لترفعوا أسعارها، انها لاتزال في منطقة الحضيض كما سماها قبل سنوات كاتبنا الكبير الراحل أحمد رجب. إن مصر لا تملك رفاهية الوقت لتجرب وليس عيبا ولا أزمة أن تغير يا سيادة الرئيس الحكومة كلها أو بعض وزرائها مادام في ذلك مصلحة الوطن كما ذكرت أنت، فالمناصب تكليف لا تشريف، ومن لا يستطيع مواكبة سرعتك يترك موقعه لمن يستطيع. لمزيد من مقالات أشرف محمود