أثارت تصريحات المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين حول من أسماهم سحرة فرعون استياء رجال الإعلام في مختلف وسائل الاعلام المصرية المقروءة والمسموعة والمرئية, كما أثارت هذه التصريحات تساؤلات لدي أساتذة الاعلام بالجامعات الذين يقومون بتخريج أجيال من شباب الاعلاميين ويهتمون بتحليل مضمون ما ينشر بالصحف, خاصة اذا كان هذا المضمون منسوبا لشخصية لها وزنها الديني والاجتماعي كمرشد الإخوان المسلمين. ولمن لا يعرف التفاصيل, فقد نشرت بعض الصحف يوم الأربعاء82 مارس الماضي جانبا من تصريحات أدلي بها الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خلال مؤتمر نظمته الجماعة بميدان المديرية بمدينة بني سويف علي هامش افتتاح المقر الجديد لحزب الحرية والعدالة, وقد حوت تصريحات المرشد العام عبارات ما كنا نتوقع أن يتفوه بها هذا الرجل المحترم المعروف بدماثة خلقه وحرصه علي أن ينطق بأطيب الكلام في أحاديثه الخاصة والعامة, فبدلا من التركيز علي إيجاد حلول لمشكلات المجتمع المصري في الوقت الراهن والخروج من الأزمات التي تعاني منها مصر في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها, وبدلا من حث رجال الاعلام علي تناول قضايا المجتمع والبحث عن حلول جذرية لها, إذ به يشن هجوما قاسيا وغير مبرر علي الإعلام المصري في مجمله, غير مفرق بين الصالح والطالح, حيث وصف الاعلاميين المصريين كلهم بلا استثناء!! بأنهم كسحرة فرعون الذين جمعهم لسحر الناس وبث الرعب والرهبة في قلوبهم من دعوة موسي عليه السلام وأضاف الرجل الذي نقدره ونحترمه: إن الشيطان يوحي للإعلاميين بأن يصوروا للشعب أن الإخوان هم بديل الحزب الوطني المنحل وأنهم سيدمرون البلد. ولا شك أن هذه التصريحات تستحق التعقيب عليها وألا تمر مرور الكرام, خاصة أن بعض الصحف أبرزتها في صفحاتها الأولي, ونود أن نذكر فضيلة المرشد بأن التعميم في المسائل الخلافية أمر مكروه وغير مستحب, فمجال العمل الإعلامي شأنه مثل كل المجالات التي تحوي الجيد والرديء, ولا يعقل أن يكون الاعلاميون المصريون كسحرة فرعون, وإلا لاستحقت كل الصحف والاذاعات والقنوات غضب الله وسخطه ولأصبحت مصر دون بقية دول العالم, بلا وسائل إعلام, ولشطبنا من تاريخ الصحافة المصرية صفحات خلدت كفاح صحفيين عظام حاربوا الاحتلال والطغيان وتصدوا لاستبداد بعض الحكام, ولأغلقنا القنوات التليفزيونية التي يسهر أمامها ملايين البسطاء من أبناء هذا الوطن فلا يجدون ما يسليهم ويمتعهم سوي اللجوء إلي الفراش بعد صلاة العشاء فيزداد النسل وتتحول مصر إلي صين شعبية أخري!! ويومها لن يجد أعضاء حزب الحرية والعدالة منبرا يتحدثون فيه ليل نهار كما يحدث الآن, حيث أصبح من الأمور الاعلامية المعتادة أن تجد متحدثا إخوانيا وسلفيا في كل برنامج. وليسمح لنا فضيلة المرشد أن نسأله عما اذا كان وصفه للاعلاميين بسحرة فرعون ينطبق أيضا علي الصحفيين العاملين في جريدة حزب الحرية والعدالة والاعلاميين في القنوات التي يشارك فيها الإخوان برأس المال والاعلانات والبرامج ومختلف المواد التليفزيونية؟.. وهل نفهم من هذه التصريحات أنه في حالة تولي الحرية والعدالة مقاليد الحكم في مصر وتشكيل الحكومة المقبلة, سيتم تكميم الأفواه وقصف أقلام الكتاب الأحرار وفرض الرقابة الدينية علي وسائل الاعلام؟ وهل سنفاجأ بغرفة مجاورة لمكتب رئيس التحرير يحتلها أحد أصحاب الذقون الطويلة يتفنن في مراجعة الأخبار والتحقيقات والمقالات والصور والرسوم قبل نشرها وشطب مالا يعجبه ومالا يتفق مع مزاجه وهواه وهوي جماعته التي كانت محظورة طوال سنوات عديدة؟ ليت الدكتور محمد بديع مرشد الإخوان الأستاذ بكلية الطب البيطري جامعة بني سويف يرشدنا نحن سحرة فرعون كيف نمارس الاعلام حسب شريعة الإخوان؟ وكيف نعيد صياغة نظريات الاعلام والمعايير المهنية للعمل الاعلامي؟ وكيف لا ينقلب السحر علي الساحر يا فضيلة الإمام؟!