الصعيد واحد من أهم منابع المواهب في شتى المجالات وخصوصا القرآن الكريم لما له من مكانة عند أهالي الصعيد الذين حرصوا على الاستماع إليه بل وتنافس كبار وأعيان الجنوب فى إقامة السهرات الرمضانية التي كان يُدعى إليها كبار القراء ومنهم صاحب الموهبة الفذة والصوت الملائكي وابن محافظة أسيوط الشيخ عوض أحمد القوصي الذي يعد واحدا من الرعيل الأول لقراء القرآن الكريم الذي عاصر كبار قراء مصر وليظل متربعا طيلة عقود من الزمن في قلوب الصعايدة الذي عشقوا صوته وتمنوا وصوله لكل أنحاء العالم. ولقد سعى منذ فترة مجموعة من محبي الشيخ لجمع كل ما أمكن من التسجيلات التي كان يحتفظ بها الأهالي في بيوتهم والتي كانوا يسجلونها بأنفسهم إحياء لسيرته ولم لا وهو صاحب لقب "كروان الصعيد" وهو الذي شهد له الشيخ محمد صديق المنشاوى رحمه الله في أحد الحوارات التي أُجريت معه بقوله" القارئ الوحيد الذي اعمل له ألف حساب هو الشيخ عوض القوصي". وقد ولد الشيخ عوض أحمد القوصي وشهرته عوض القوصي في يوم الأربعاء 3/9 / 1913 الموافق 2 من شوال 1331 ه في مدينة القوصية محافظة أسيوط وقد توفي والده قبل مولده واعتنت بتربيته والدته وجدته لأمه، ومنذ نعومة أظفاره بدأت أمه تصطحبه لكتاب القرية ليتلقى تعليمه لعلوم القرآن علي يد أحد أعلام القوصية آنذاك الشيخ محمد قطيمة وكذلك الشيخ عبدالنعيم العطار واللذين لاحظا موهبة فذة في الطفل الصغير وتنبآ له بأن يكون أحد أعلام القراءة بعد ذلك،وقد اعتاد الشيخ عوض القوصي أن يحيي الليلة الختامية لذكري مولد السيدة زينب ليلتقى جمهوره من مختلف أنحاء مصر لمدة تجاوزت الاربعين عاما. وفي شهر رمضان كانت محافظة أسيوط على موعد خاص مع المتعة الروحية بسماع القرآن الكريم من خلال السهرات الرمضانية اليومية التي كان ينظمها أعيان وكبار أسيوط في ذلك الوقت للاستماع للشيخ عوض القوصي لمدة أربعين عاما بدءا من أواخر الأربعينيات. يقول الحاج محمد عبد السلام من محبي الشيخ ،لقد التقيته في سهرات كثيرة كانت تنظم في أسيوط وكان الشيخ يقرأ مع كبار القراء من أمثلة الشيخ عبدالباسط والشيخ مصطفى إسماعيل ولقد تمنينا جميعا أن يلتحق بالإذاعة وكم كانت فرحتنا عندما سمعنا بأن الشيخ قدم أوراق اعتماده إليها وكان المفاجأة عدم قبوله رغم إجادته لجميع القراءات وانتشر الخبر وقتها لنصاب جميعا بالحزن في حين تقبل الشيخ الأمر بصدر رحب ليجوب كل أنحاء مصر بحري وقبلي قارئا ومجودا للقرآن الكريم. ويضيف الشيخ على صالحين "قارئ المسجد الكبير" قائلا :لقد كان الشيخ عوض رحمه الله علما من أعلام القراء الذين قلما يجود الزمان بمثلهم وقد نشأ الشيخ داخل كُتّاب القرية ليتشرب علوم وأحكام القراءة على يد أحد علماء ومشايخ وقراء القرآن في ذلك الزمان وهو الشيخ عبد النعيم العطار ثم انتقل إلى مدينة أسيوط ليتلقى علوم القراءات على يد أحد علماء القراءات وكان يسمى الشيخ عبد المجيد وحفظ القرآن وهو لايزال طفلا صغيرا . لقد عاش الشيخ عوض القوصي محبا للقرآن وقارئا له وقد جال كل أنحاء جمهورية مصر العربية حتى وافته المنية في يوم الجمعة 7/4/1995 ، 7 ذو القعدة 1415 ه ليدفن بمسقط رأسه بمدافن العائلة بمدينة القوصية فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.