أثارت كثافة الإعلانات علي الفضائيات تساؤلات كثيرة وسط المواطنين,بعد أن تطرقت إلي مجالات متعددة, ومست أوتارا سياسية واجتماعية وإنسانية مختلفة,لذلك فالحوار مع الدكتور صفوت العالم رئيس لجنة تقيم الأداء الإعلامي ,وأستاذ الإعلان بجامعة القاهرة سيكون مهما لتوضيح الأمور ,وإيجاد تفسيرات لهذه الظاهرة التي أصبحت محيرة لقطاع كبير من الجمهور المصري. هل يمكن أن تحدد لنا معني الإعلان؟ اقتصاديات الإعلان جزء مهم وأساسي في تمويل موارد وسائل الإعلام, سواء كانت صحفا أو فضائيات ومواقع الكترونية ,ولذا جزء مهم من اقتصاديات الوسيلة الإعلامية يعتمد علي الموارد التي تأتي من الوسيلة من الإعلانات ,كما أنها يفترض أن تساهم في تدعيم اقتصاديات المعلنين بزيادة حجم المبيعات وتدعيم القدرة التنافسية للمنتج أمام الشركات المنافسة,ومن أهداف الإعلان توعية المستهلك وتعريفه بالسلع والخدمات المتاحة في السوق حتى يمكن أن يتخذ قراره الشرائي بدرجة أكثر دقة وإحاطته بطبيعة السلع والخدمات الموجودة في السوق. ما رأيك في نوعية الجرعة الإعلانية في رمضان هذا العام؟ الهدف من الإعلان هو البيع ولكن نلاحظ أن الإعلانات الخاصة في شهر رمضان المبارك تتسم أفكارها ومضمونها بالغرابة ,ولا تحقق أهدفا بيعية بقدر ما تركز علي المبالغة في العنف أو الإثارة أو استخدام سلوكيات أو ألفاظ غير لائقة والتي لا تتناسب مع جلال الشهر الكريم. لماذا كل هذا الإسراف في الإعلانات؟ للأسف مع تنافس الفضائيات بالدراما والبرامج الترفيهة وزيادة حجم المشاهدة الخاصة من الجماهير ,يتنافس أيضا عدد كبير من المعلنين لاستغلال تعاظم حجم المشاهدة للتأثير علي القرارات الشرائية للسلع والخدمات أو علي الأقل تحسين الصورة الذهنية للشركات والمؤسسات ,وتوظيف الوازع الديني وعدم وجود آلية منظمة في المجتمع المصري لدفع أموال الزكاة وعدم وجود مصادر منظمة لتحصيل موارد الزكاة للعديد من الحملات الإعلانية التي تدعو للتبرع إما للجمعيات الخيرية أو المستشفيات ومساعدة الفقراء. بماذا تفسر تزايد الانتقادات للإعلانات المتهمة بالتسول؟ القصة ليست قصة تسول ولكن تحكمها العديد من الاعتبارات ,أولا توظيف الوازع الديني و عدم وجود ألية منظمة في المجتمع المصري لدفع موارد الزكاة ,الأمر الذي قد يدفع البعض من المقتدرين إلي الاستجابة لهذا النوع من الإعلانات والتبرع للمستشفيات التي تعالج الأطفال المصابين بالأمراض الخطيرة أو الجمعيات التي توفر مساكن او شنط رمضان,علاوة علي عدم وجود آليا منظمة في مصر لمتابعة هذا النوع من الإعلانات وأناشد أن تعلن المؤسسات التي تطالب المواطنين بالتبرع أن تعلن عن ميزانيتها حتى تحقق درجة اكبر من الثقة والشفافية لدي جماهير المتبرعين ,وللأسف الشديد لم تستجب هذه الهيئات بل امتد الأمر إلي كثافة إعلانات التبرع وتوظيف جزء كبير من عوائد التبرع للإنفاق علي الحملات الإعلانية للتبرع. وكان المواطن الذي يتبرع بجنيهاته القليلة أعطاهم إياها ليزداد حجم إنفاقهم الإعلاني علي حملات التبرع في الوقت الذي قد توجه لبعضهم شبهة خلط المال العام بالمال الخاص ,في ظل امتناعهم عن نشر ميزانية المستشفيات أو الشركات التي تطالب بالتبرع. ما هو الدور المطلوب لمواجهة الإعلانات المضللة ؟ أجهزة الدولة,للاسف, غائبة عن متابعة ورصد وتقييم الإعلانات وخاصة في الفضائيات والأمثلة علي ذلك كثيرة,فإعلانات الدواء التي تروج لبعض الأدوية ممنوعة في كل المواثيق الدولية لتنظيم الإعلان ,لان التأثير الدوائي عادة له طبيعة موقفية تختلف من شخص إلي آخر فضلا عن تحديد الجرعات فانه يتوقف علي الحالة الصحية والعمرية,لمستخدم الدواء فكيف لنا أن نحدد أو أن تعلن في وسائل الإعلام العامة .وهو ما يزيد من تفاقم حالة الملايين من المرضي وللأسف الشديد وزارة الصحة غائبة عن تحمل مسئوليتها في هذا المجال وأطالبها بمنع كل الإعلانات التي تدعي للدواء أو المكملات الغذائية مثل الرجيم . هل ذلك ينطبق علي إعلانات الأطفال والمسابقات؟ إعلانات أطعمة الأطفال والحلوى الخاصة بهم مثل المصاصة والتوفي واللبان وغيرها تحتوي علي مفسدات طعم ضارة بصحة الطفل وبالتالي لابد من تحليلها حتى نضمن سلامة وصحة أطفالنا ,وأيضا المواد التي تضاف للشيبسي وبالتالي فأين وزارة التموين لحماية أطفالنا وأبنائنا من هذه السلع الضارة,وأيضا إعلانات المسابقات التي تغري الافتراض بالاتصالات التليفونية ,والمشاركة ليست لها تواريخ محددة ولا تعلن عن الفائزين في وقت محدد ولا تطبق مواثيق وقوانين تنظيم المسابقات في وزارة الشئون الاجتماعية وهذا النظام كان متبعا في مصر سنة 1929اي أننا بعد مرور اكثر من 90عاما نتخلف . هل جهاز حماية المستهلك يقوم بدوره في متابعة الإعلانات الخاصة علي الفضائيات؟ توجد عشرات من الإعلانات المضللة في كثير من السلع والخدمات تحتاج إلي إضافة جزئية خاصة لمقاومة الإعلانات المضللة في قانون حماية المستهلك حيث لم يحدث حتى الآن أن عوقب احد المعلنين في مصر نتيجة أي إعلان مضلل . أما الضجة التي تمت حول وقف احد إعلانات الشيبسي فهي تمثل ضرورة جاءت بعد غياب من جهاز حماية المستهلك فهناك عشرات الإعلانات التي مرة في السنوات السابقة كانت تحتاج لذاك الإجراء. هل توجد ضوابط حقيقية لبث الإعلانات في القنوات الفضائية؟ في كل دول العالم يتم تقنين المدة الزمنية للوحدات الإعلانية أو للدقائق الإعلانية في كل ساعة من ساعات البث الإذاعي أو التليفزيوني ,فبعض الدول تحددها من 5الي 7دقائق وفي حالات المشاهدة القسوة أو الذروة تصل إلي 10دقائق كحد أقصي لكل ساعة من ساعات الإرسال ,ويرتفع سعر الوحدة الإعلانية في ساعات المشاهدة القصوة حتى يتم التعويض للقنوات الفضائية,وذلك حماية للمشاهد من كثافة الإعلانات لان الأصل في المشاهدة أن تكون للبرامج والمسلسلات والأفلام والمواد الإعلامية الاخري وليس للإعلانات ,أما في مصر ونتيجة لغياب تنظيم وضبط سوق الإعلانات وسيطرة وكالات الإعلان وتنافس الفضائيات ظل سعر الوحدة الإعلانية منخفضا حماية لوكالات الإعلان ومصالحها ومن ثم زادت كثافة الإعلانات التي تبث في ساعة الذروة (من 7الي 9.30 مساء)وهو الآمر الذي جعل المشاهد لا يستمتع بالمحتوي نتيجة الكثافة الشديدة لحجم الإعلانات وصناعة ,وصار مضمون المسلسل او البرنامج اقرب إلي الفواصل في وسط تزاحم الإعلانات وكثافتها وهو ما افقد الجمهور متعة المشاهدة