ما بين ثورة وثورة .. أحبك أنتِ ، وما بين رئيس أتى ورئيس سوف يأتى ..أبحث عنكِ أنتِ ، وكأن الزمان الجميل ..زمانك أنتِ ، وكأن الشهادة لأجلك ..عبادة ..يا أم البلاد يا بلادى . مع الاعتذار للشاعر الراحل نزار قبانى الذى انفرد بهذا الأسلوب حين كان قلبه ينتفض بعشق المرأة ، بينما وجدتنى متلبسة بنسج هذه الكلمات فى عشق مصر . «الشعب» انتفض فى 25 يناير لاستئصال ورم خبيث أصابه على مدار 30 عاماً بالفقر والجهل والمرض والقهر والغثيان المزمن حتى أصبح المواطن ماشى ماشى ولا بيده، والود وده أن يضرب كل من يقابله فى طريقه من فرط الزحام والزخم والتلوث والإحباط والطفرة الطبقية . وأخيراً ربنا كرمه ونجحت العملية ، حينها أصيب الشعب بدهشة مترامية الأبعاد فغدا يرقص ويغنى ويلعب أكروبات ومن فرط الفرحة انجب ميدان التحريرخلف الكواليس الثورية العديد من المواليد المبتسرين أو ذوى الاحتياجات التمويلية فرزقنا – عقبال عندكم يا حبايب- ب «ناشط» و «محلل» و«خبير» وتحولت كلمة «شباب» التى كانت تميز مصر وسط بلدان العالم لأن النسبة الأكبر فى التعداد السكانى كانت من شريحة الشباب، الى كلمة سيئة السمعة حين أضيف اليها كلمة «ثورة» لتصبح «شباب الثورة»! ونصب الصوان وظلت بعض الوجوه تتناوب على خشبة المسرح بينما يهتف الشعب فى الترسو «عاوزين ناكل هم المم» وصرخت النساء « الأمان قبل الحنان حرمتنا بقت بتنجان» والبلطجية اشتكوا من حنية الداخلية ! «الجماعة» هرولوا الى مخازن الغنائم والغلال ومحلات ال «الدراى كلين» لغسل وكى جلابيبهم البيضاء بعد «نقعها» فى الكلوركس لإزالة كل ما تيسر من بقع وأتربة دامت اكثر من 80 عاماً وحملوا صغيرهم «البشمهندس» المغمور على الهودج الميسور بناءً على أوامر المرشد «الغندور»! وأشعلوا البخور وأكلوا الأغنام والطيور وسكنوا القصر المسحور، وتحت شعار الدين توغلوا وانتشروا وتوحشوا ، ثم عقدوا الصفقات ووطدوا العلاقات مع راعى المثليين – الشواذ يعني- مستر أوباما ، وفتحوا أبواب مصر الخلفية لدخول الجماعات الإرهابية . «الكاب» وقف الجيش موقف الشجعان مع الثوار الأحرار منذ أول يوم فى ثورة يناير بناء على رغبة الشعب الغلبان . حاولت العديد من الأيادى الداخلية والخارجية شرخ العلاقة الشرعية والعاطفية بين الشعب والجيش ، فنجحت أحيانا وفشلت أحيانا أخرى حمل الجيش «شيلة» ثقيلة ما بين وهن الداخلية واختلال الأمن الداخلى آنذاك وبين تهديدات التحالفات الخارجية وتهديد الامن القومى ، ناهيك عن البلطجة والتفجيرات وخلافه وبعد ارتفاع درجة حرارة الشارع المصرى وارتجاع الثورة فى الحلوق ، وتضخم الجماعة المحظورة وارتشاح المحروسة ، نضحت هرمونات المواطنة وجينات العسكرية وقرر أصحاب النسر المصرى الانتفاضة للتخلص من تلك الآفة . وفى ليلة مقمرة كهذه عقد الشعب مع الجيش لقاءً عاطفياً على قارعة الطريق وفى الأزقة والميادين والنجوع والمحافظات يهتفون بصوت رجل واحد «تحيا مصر» ، وكان يوماً أسطورياً أربك العالم اجمع ووثق التاريخ يوم 30 يونيو يوماً فارقاً استعادت فيه مصر روحها وفاقت من غيبوبة طالت مدة العام والنصف ، وسجل الشعب والدستور معا هذا اليوم على أنه اليوم المتمم لثورة الشعب التى انطلقت فى يناير. وحين أقسمت كل كتب التاريخ على أن الثورات لا تنتهى بين عشية وضحاها وأن التغير قد يستغرق عشرات السنوات كما حدث فى الثورة الفرنسية مثلا، فقد لاح فى الأفق ومضات من الأمل الآجل وليس العاجل ..ولكن! بتنا فى اشد الحاجة الى مقويات بعد أن أنهكتنا المظاهرات والهتافات، أصبحنا فى احتياج لدعامات بعد أن أرهقتنا التفجيرات والدماء والشهداء فى عمر الشباب، وإحقاقا للحق نحن بصدد افتتاح مشروع قناة السويس الذى ستبتل به العروق، إنما لاتزال العديد من المنغصات التى تؤرقنا بل وتحبطنا، وعلى سبيل المثال لا الحصر: هراء الفضائيات وبعض الإعلاميين المعطوبين، صراع رجال الأعمال القدامى، مهرجان البراءة للجميع، الجشع والغلاء، استشراء الفساد فى كل مفصلات الدولة، بشاعة المستشفيات ، وضاعة الدراما والمسلسلات... الخ. وربما مازالت بطارياتنا مشحونة ببعض الأمل والتفاؤل الذى يدفعنا الى انتظار عام آخر نكون قد تخلصنا فيه معاً وبأيدينا مجتمعة وليس بيد «عمر» دون أن نحتفل بثورة ثالثة ! ع الهامش : الشعب يريد توقف نجوم الابتذال وممثلات الإغراء عن تشويه ثورة الفقراء والشرفاء .. الذى وصل عددهم الى 30 مليونا تحت خط الفقر منهم 2 مليون يعيشون بأقل من دولار يوميا !