بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بالعريش    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين بمُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة Thinqi    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    رئيس قناة السويس: ندرس تنفيذ مشروع للتحول لمركز إقليمي لتوزيع قطع الغيار وتقديم خدمات الإصلاح والصيانة السريعة    حماية العمالة غير المنتظمة.. "العمل": آلاف فرص العمل ل"الشباب السيناوي"    الإسكان: تنفيذ 24432 وحدة سكنية بمبادرة سكن لكل المصريين في منطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة    بالفيديو والصور- ردم حمام سباحة مخالف والتحفظ على مواد البناء في الإسكندرية    الاتصالات الفلسطينية: عودة خدمات الإنترنت بمناطق وسط وجنوب قطاع غزة    معلق مباراة الأهلي ومازيمبي في دوري أبطال أفريقيا    فانتازي يلا كورة.. جدول مباريات الجولة 35 "المزدوجة"    مصرع شخص في حادث تصادم ببني سويف    انتداب الطب الشرعي لمعاينة جثث 4 أشخاص قتلوا على يد مسجل خطر في أسيوط    25 مليونًا في يوم واحد.. سقوط تجار العُملة في قبضة الداخلية    "المكون الثقافي وتأثيره في السياسات الخارجية المصرية" ندوة بمكتبة الإسكندرية    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا    خبير دولي: مصر رفضت مخطط التهجير الخبيث منذ اليوم الأول للعدوان على غزة    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    أسعار البيض والدواجن اليوم الجمعة.. البلدي ب 117 جنيهًا    المندوه: لاعبو الزمالك في كامل تركيزهم قبل مواجهة دريمز    تواجد مصطفى محمد| تشكيل نانت المتوقع أمام مونبلييه في الدوري الفرنسي    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    11 مساء ومد ساعة بالإجازات.. اعرف المواعيد الصيفية لغلق المحلات اليوم    كاتب صحفي: الدولة المصرية غيرت شكل الحياة في سيناء بالكامل    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    وزير الخارجية الأمريكي يلتقي مع الرئيس الصيني في بكين    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    شاهد البوسترات الدعائية لفيلم السرب قبل طرحه في السينمات (صور)    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    احتجت على سياسة بايدن.. أسباب استقالة هالة غريط المتحدثة العربية باسم البيت الأبيض    موضوع خطبة الجمعة اليوم: تطبيقات حسن الخلق    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    الصحة: إجراء الفحص الطبي ل مليون و688 ألف شاب وفتاة ضمن مبادرة «فحص المقبلين على الزواج»    تنظيم قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» في بسيون بالغربية    طريقة عمل هريسة الشطة بمكونات بسيطة.. مش هتشتريها تاني    نائب وزير خارجية اليونان يزور تركيا اليوم    حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    انطلاق انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان بالشرقية    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    جامعة الأقصر تحصل على المركز الأول في التميز العلمي بمهرجان الأنشطة الطلابية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



والعقول عندما تضئ

«العقول كسائر الكائنات الحية، تبحث لنفسها عن المكان الصالح لفعلها، فان لم تجده ذبلت وماتت،وضاع الفرق بين ذكاء وغباء» هكذا نبهنا الفيلسوف زكي نجيب محمود مضيفا «..فليس العقل الذكي قطعة من الماس، تضعها في خزانة من صلب الحديد، تحكم اغلاقها، ثم تعاود النظر اليها آنا بعد آن، لتعلم انها مازالت هناك بمأمن من اللصوص، فيطمئن قلبك، بل العقل الذكي شعاع من الضوء يريد لنفسه أن يشق العتمة ليضئ، فاذا أبيت عليه انطلاقة الحركة، انطفأ وانمحى»
وبالتأكيد كم من المرات قرأنا وسمعنا وشاهدنا عن عقول «انطفأت» (يا ساتر يا رب) .. وأيضا كم من عقول «فلتت» وبالتالي «فلحت» (والحمد لله) حتى لو كانت بعيدا عنا وحتى لو أسمينا أو وصفنا ما حدث بأنه «هجرة للعقول» أو «نزيف للأدمغة». وبالطبع في أغلب الأحوال « ذنبهم في رقبتنا».. نعم، «الاعتراف بالحق فضيلة». ولا شك أن الحديث عن العقل المضئ والاستعانة به وأيضا الاعتزاز ب«اشعاعه» يأخذنا الى المفكر العظيم د. زكي نجيب محمود أستاذ الفلسفة وصاحب النظرة الثاقبة الفاحصة لحالنا وأحوالنا وأيضا صاحب الأسلوب الرشيق الممتع والنافذ لقلوبنا. زكي نجيب محمود (1905 1993) لكي تعرفه وأكيد يجب أن تعرفه عليك أن تقرأ كتبه العديدة ومنها «تجديد الفكر العربي» و»مجتمع جديد أو الكارثة». خاصة أن له نظرة دقيقة وتحليل عميق وتشريح مفصل لما يوصف بالمناخ المناسب والمشجع والحاضن للتفكير والابتكار.. وأيضا العقل المضئ. وطالما أذكر وأتذكر د زكي نجيب محمود ونظرته وكتبه يجب أن أذكر أيضا أسماء كتب أخرى ربما تحفزنا للتفكير وتدفعنا ل «اشغال العقل» والاحتفاء ب«انطلاق العقول» ومنها «التفكير فريضة اسلامية» لعباس محمود العقاد و»التفكير العلمي» ل د. فؤاد زكريا.
وعندما نبحث عن العقل المتحرر والمضئ علينا بلا شك أن نحرك «العقل المتبلد» ونكسر «العقل المتحجر» وأن نتخلص من «أحادية الرؤية».الكاتب والروائي جمال الغيطاني منذ أيام ليست ببعيدة وبعد أن زار الأستاذ هيكل وتحاور معه عقب عودة الأستاذ من رحلة علاج بالخارج طرح في عاموده اليومي «عبور» بصحيفة الأخبار
فكرة اعادة النظر في تاريخنا كله، ومن ثم قال «.. ويستدعي ذلك عندي رغبة في امكانية بدء ما يمكن تسميته مراجعات، خاصة أن مثلي يقف على مرمى النظر من الحافة، كم من أمور اعتبرناها مسلمات في بداياتنا ولكنها تبدو الآن على النقيض، كانت تحكمنا أحادية الرؤية، وليس أخطر من الفكر من أحادية الرؤية». كما أنه طرح أيضا حوارا يجمع بين الأجيال ويتطلع للمستقبل ذاكرا «.. سوف يثمر عن أسس قوية للتطور،شرط المكاشفة التامة، والمراجعة الدقيقة المتجاوزة للرؤى الضيقة التي يتخندق فيها كل فريق». وهنا أقول ياريت نقوم معا والغيطاني بعلمه وخبرته يقود النقاش ويدير دفته بتشريح هذه المسلمات وتفتيت هذه الكتل الفكرية من «أحادية الرؤية» و»الرؤى الضيقة» المهيمنة في حياتنا وفي نظرتنا لها .وهذا هو التحدي الحقيقي الذي يمكن البدء منه من أجل الخروج من «أحادية الرؤية» أولا ثم السعى فيما بعد ل«تعددية الرؤية» أو «تعددية الرؤى». التعددية تعني بصراحة التنوع والاختلاف واحترام التمايز والاهتمام بالتميز والاحتفاء بما قد يقوله الغير ويفكر فيه والأهم تعني الثراء الفكري والنفسى والانساني. ووقتها سنقول بملء فمنا «أهلا وسهلا» و»مرحبا» .. بالعقول خصوصا لو كانت تضئ وتسعى لكى تحررنا من الظلمات .. ومن الكهوف وأهلها.
من نعم ربنا هكذا كان يقول ويكرر علينا القول عم حسين ان ربنا أعطانا العقل علشان نفكر ونتخيل ونرى آفاقا جديدة و .. أن نبحث عن اجابات عديدة وجديدة في حياتنا .. والأهم أن نخرج أيضا عن ما هو مألوف ومعتاد وممل وثقيل الظل.. والدم أيضا! الكاتب البرازيلي الشهير باولو كويلو من جانبه يقوم بتذكيرنا قائلا «إن تشابهت الأيام هكذا فذلك يعني أن الناس توقفوا عن إدراك الأشياء الجميلة التي تمثل في حياتهم». كما أنه ينبهنا «متى انتابك احساس مستمر بعدم الرضا، يعنى ذلك ان الله أوجده لسبب واحد فقط ،عليك ان تغير كل شىء وتمضى».وصاحب «الخيميائي» ينصحنا أيضا «اغلق بعض الأبواب في حياتك... ليس بسبب الاعتزاز أو الغطرسة والكبرياء، ولكن لأنها لم تعد تقود إلى أى مكان». كما أن كويلو يريد منا أن نتذكر بأن «السفينة آمنة علي الشاطئ ،لكنها ليست من أجل ذلك صنعت» وألا ننسى أبدا «..عندما تريد شيئاً ما، فإن الكون بأسره يتضافر ليوفر لك تحقيق رغبتك»
وبما أن شهور الصيف قد تعتبر فرصة ل«التقاط الأنفاس» أو «تأمل لحالنا وحياتنا» أجد حولي بعض المجلات العالمية والأمريكية مثل «نيويوركر» و«تايم» و«أطلنطيك» و«نيويورك تايمز» وغيرها تقدم قراءات ل«أفكار جديدة» و»رؤى جديدة « تعكس طموحات الانسان وتحدياته وأيضا تطرح «زوايا جديدة» للنظر اليها. وهذا الجديد الذي أشير اليه لا يتعلق فقط بالابتكارات والاختراعات والسلع الاستهلاكية وخطوط الموضة .. بل كما أقول»أفكار جديدة « من ثمار «عقول مضيئة» قد تضئ عقلك أو تحركه لكى «لا يظل آمنا ساكنا كالسفينة على الشاطئ .. لأنه ليس من أجل ذلك وهبه الله لنا». ما يحدث خلال صفحات هذه المطبوعات وأيضا في لقاءات نقاش عامة وخاصة (مثل «مهرجان أسبن للأفكار») هو «مراجعة مستمرة ومتجددة» لترسيخ وتأكيد مبدأ ومفهوم ومناخ «تعددية الرؤية» وأيضا طرح أسئلة جديدة من أجل ايجاد اجابات جديدة. وهنا يجب أن أتذكر أحد الأقوال المثيرة للانتباه .. والفاتحة لشهية التفكير.. «كيف تريد أن تجد اجابة جديدة لأسئلتك في الحياة وأنت لازلت مصرا ومصمما على أن تسأل السؤال نفسه وبالصيغة ذاتها؟»
ولا يمكن أن أنسى أبدا الأستاذ عبد اللطيف أحد أساتذتي في اللغة العربية .. ليس فقط بسبب ما تعلمت منه (وأنا أقف له دائما تقديرا وتبجيلا) ولكن أيضا بسبب ما حرصت أو صممت على ألا أتعلم منه وتحديدا ما كان يسميه ويوصفه ب «الاجابة النموذجية».هذا الأستاذ كان حريصا في درسه غالبا (وخاصة مع نهاية العام) أن يقوم بتحضيرنا لخوض الامتحانات والنجاح فيها فقط لا غير..ومن هنا جاء التكرار والتشديد على أن هذه هي «الاجابة النموذجية» لهذا السؤال أو ذاك السؤال من أسئلة الامتحانات. ومن يومها والحمد لله (وأكيد أنت عارف يا سمير وأنت كمان يا ايهاب) تواجدت لدى حساسية شديدة بل نفور تام تجاه الاجابة أو الاجابات «النموذجية» في أى مجال من مجالات حياتنا الخاصة والعامة على السواء .. ان أسئلة الحياة ( مع تجددها) ببساطة في حاجة ماسة الى اجابات غير نموذجية ومبتكرة والا ما كانت حياة ..اجابات فيها ابداع وفيها تفكير وفيها رؤية وخيال .. فيها خروج عن النص .. وهروب من الصندوق أو «تابوت الأفكار المتحجرة».
ولا شك أننا أمام طوفان من المعلومات حول يومنا هذا وغدنا ذاك.هذا الطوفان (وبالتأكيد سمعت هذا التعبير كثيرا) يحدث في اطار أو بسبب ثورة أو ثورات الاتصال والتواصل المتوالية التي تلاحقنا وتطاردنا كل اليوم. نعم انه طوفان من المعلومات تأتي معه «المغلوطات» أيضا. وليس سرا أن أغلب الناس في العالم كله في حالة ارتباك يزداد يوما بعد يوم . ومن هنا يأتي السؤال (وهذا الأمر بالمناسبة مطروح عالميا) دور الاعلام والتعليم وقادة الفكر والرأى في تهيئة المجتمعات والعقول (الناشئة والناضجة على السواء) لغربلة أو فلترة هذا الكم المعلوماتي والحصول على «الكيف المعرفي». والعبارة الأخيرة في حاجة الى اعادة القراءة للتمييز بين الكم والكيف وبين الحجم والقيمة. و»غربلة» بهذا المفهوم لا تعني أبدا «تحجيم الأفكار» أو «فرض قيود فكرية تحت مسمى حماية المجتمع وقيمه». بل «غربلة» لضمان الحصول على كل ما له فائدة وقيمة ويمثل اضافة للمعرفة الانسانية. نعم انها مهمة صعبة وشاقة للغاية ولكن لا مفر منها. و»محتاجة أدمغة واعية وناضجة وليس فتوات صحافة واعلام» وأيضا مطلب جماهيرى ملح «ماينفعش معاه فوت علينا بكره». هذه المهمة الهامة في حاجة الى فهم واستيعاب وادراك لمتطلبات النهارده واحتياجات بكره. والمسألة ببساطة (يا عالم) ليست الأخذ بكل ما يحدفه البحر علينا. ولا هو «دلق للزنبيل».. أو «دلق لجوجل» حتى أكون متماشيا مع لغة العصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.