لا شك في أنك قد هيمن عليك الإشفاق، وتملكك الحزن، غير مرة، وأنت تري معاناة وعذاب المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، وهو يا عيني يتجول كل ليلة وكل يوم، علي المستشفيات والمخابز والشهر العقاري ومحطات الماء والكهرباء والصرف الصحي.. ولسان حاله يكاد يصرخ: «يا ناس اشتغلوا أبوس إيديكم!!». ولابد أنك قد سألت نفسك ألف مرة هذا السؤال: لماذا لا نعمل بجد؟ لماذا أصبحنا هكذا متبلدين مهملين وكسالي؟ وهل يجب أن يقف معالي رئيس الوزراء فوق رءوسنا كي ننجز؟ هل تلك هي طبائع الأشياء في الدول المحترمة أم أن الأمر كذلك عندنا نحن فقط؟ هل هذا «الطناش» طبع أصيل فينا أم أن ثمة أسبابا أخري أعمق لكننا لا نريد أن ننظر.. وإن نظرنا لانري.. وإن رأينا نتعامي؟. علي أية حال، سوف يفاجأ المرء بأنه رغم كل هذا التشاؤم إلا أن الحكومة حققت إنجازات مرموقة في كثير من المجالات خلال العام الماضي.. «آي والله!». وقد تضمن بعض هذه الإنجازات الكتيب الذي أصدره مجلس الوزراء قبل أيام «بعنوان الحكومة في عام»، وتحدث عن 11 محورا؛ هي: العدالة الاجتماعية، والاقتصاد، والبنية الأساسية، والطاقة، والإصلاح الإداري، والزراعة، والمشروعات القومية، والشئون المحلية، والتنمية البشرية، والأمن.. وأخيرا السياسة الخارجية. طيب، ولماذا كانت هذه الإنجازات مفاجأة للكثيرين؟ لأننا ببساطة لا نشعر بها، أو لا نريد أن نشعر بها!. ولماذا لا نريد؟ تريد الحق؛ لأننا لا نعمل.. وإذا عملنا فلا نكلف صنعة، ولا نتق الله.. بل نقدم كلفتة في كلفتة، وضحك علي الدقون، وعلي قد فلوسك يا سيد! لماذا لا نحب أعمالنا؟ وما نسبة من يستمتعون منا بالعمل في هذا البلد؟ ستسأل: وهل من الضروري أن أشعر بالسعادة وأنا أمارس عملي؟ طبعا.. ضروري، لأنك ما لم تحب ما تعمل فلن تؤديه علي الوجه الأكمل، ولن تتقنه، أو تبدع فيه، بل وستسارع إلي نفض يديك منه بأسرع ما يمكن كي تتخلص من عبئه وعبء الذين كلفوك به. والشيء المؤكد الآن أن المصريين ينقصهم الإتقان.. والدليل أورده تقرير التنافسية العالمية من أن مصر تراجعت في عام 2014/ 2015 إلي المركز 119 من إجمالي 144 دولة شملها التقرير.. بينما كنا في المرتبة 70 عالميا في عام 2009! اسمعوا هذه الحكاية؛ زميل عزيز فتح الله عليه وراح يعد شقة الزوجية لابنه الأكبر (عقبال عندكم).. أنفق الرجل تحويشة العمر فماذا حصد؟ سيراميك مطبل؛ تصرخ فيه البلاطة «هوف هوف» كلما مشيت عليها.. وألوميتال معيوب يسرب من الريح أكثر مما يصد.. وكهرباء هشة التواصيل، ولمبات تحترق كل يومين فتسود الشقة الظلمة.. وما السبب يا عم الأسطى؟ الترانسات في السوق بايظة يا بيه ها نعمل إيه! طبعا لن أحدثك عما رآه معالى رئيس مجلس الوزراء في مواقع العمل التي زارها.. فقد رأينا جميعا ما رأى.. ولن ننسى طبعا صرخته الشهيرة قبل أيام: «رئيس الحي ده يروّح بيتهم النهارده!».. وماذا يفعل المهندس محلب أكثر من ذلك وقد بح صوته، وكادت الدموع تفر من عينيه أكثر من مرة لمرأي الإهمال والتقاعس وآلام المواطنين، وتأكيلهم الأونطة من السادة جنرالات المكاتب الحكومية، حتي كاد المواطن يطلع من هدومه؟ نعم.. نحن لا نعمل ولا نريد أن نعمل!. طيب ليه؟ تستطيع حضرتك الحديث عن 963 سببا.. لكننا سنكتفي هنا بثلاثة، حيث إن الدنيا صيام. أول حاجة، لأن المجتهد في هذا البلد لا ينال حقه بل يلهف حقه الأفاقون الدجالون الحلنجية لاعبو الثلاث ورقات .. وتكون النتيجة أن يملأ اليأس نفوس الشغيلة فيتوقفوا عن العطاء ولا حول ولا قوة إلا بالله! وتاني حاجة، أن الوظائف يشغلها أصحاب الوسايط الذين لا يفرقون بين الألف وكوز الذرة.. ولذلك انهار الأداء.. حتي بكي رئيس الوزراء، علي ما وصل إليه حجم البلاء. والحاجة التالتة، انعدام العدل في توزيع الدخول.. وسلم لي علي النجاح المبهر لتطبيق سياسات الحد الأقصي! اسمعوا.. المصريون يبدعون كلما طفشوا إلي الخارج فإذا مكثوا في وطنهم فشلوا.. هيا أصلحوا هيكل العدل في البلد تنصلح لكم الأحوال.. وكفاية غلبة!. لمزيد من مقالات سمير الشحات