يشغل علم التاريخ مركزا بالغ الأهمية بين مختلف العلوم الأخري ، ولم يعد يعنى كثيرا بوصف الحكام والأبطال انهم القوى الدافعة فى تطور الأمم، وإنما صار علما يشرح لنا تطور المجتمع، وبالتالى تاريخ التطور الإنساني. وقد ظهر على السطح منذ سنوات مفهوم افتراضى جديد متفرع من علم التاريخ مفاده, ماذا كان سيحدث لو وقع حدث مغاير هو لما وقع بالفعل مثل عدم هزيمة نابليون فى معركة واترلو عام 1814، أو عدم هزيمة ألمانيا فى الحرب العالمية الأولى عام 1918، أو هزيمة مونتجومرى فى معركة العلمين يوم الجمعة 23 أكتوبر 1942، أو انتصار هتلر فى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، أو عدم نجاح ثورة 23 يوليو عام 1952 فى مصر، واستطرادا فى هذا السياق نناقش اليوم سيناريو ماذا كان سيحدث لو لم تقع ثورة 30 يونيو عام 2013 ضد نظام الحكم الإخوانى فى مصر بمناسبة نهاية الذكرى الثانية لها عام 2015 قبل حلول 30 يونيو 2013 بأيام خرج الرئيس الأسبق محمد مرسى صوتا وصورة بعبارة «سنة واحدة تكفي».. هنا شعرت بعد سماعها بأن مكتب الارشاد قد اتخذ أهم وأخطر قرار فى تاريخ الجماعة منذ 85 عاما عندما اكتشفت بأقصى درجات الشفافية أن كوادرها بالرغم من حصول معظمهم على دكتوراه الدولة فى أفرع العلوم المختلفة إلا أنهم يعانون من تدن خطير فى قدراتهم على إدارة شئون دولة ومن ثم قرروا فى إطار اعلاء المصلحة الوطنية التخلى بكامل إرادتهم عن الحكم وإجراء انتخابات مبكرة، وقد وضح من تداعيات الأحداث أننى كنت واهما، وأن المقصود من عبارة الرئيس الأسبق هو أن سنة واحدة تكفى للصبر على تحمل رزالات المعارضة، ومن ثم يمكن الزعم بأن مخططا متكاملا للسيطرة على مفاصل الدولة كان قد تم اعداده بالفعل على أمل تنفيذه مع بداية العام الثانى لحكم الجماعة، وعندما استرجعت أهم وقائع الأحداث التى تمت خلال الفترة التى سبقت الثلاثين من يونيو 2013 شد انتباهى تصريح خطير لهيلارى كلينتون وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة آنذاك بأن الجماعة لم توف بكل تعهداتها المتفق عليها حتى الآن ومن ثم خرجت باستنتاج مؤكد بأن الجماعة سوف تلقى بكل ثقلها لتحقيق هذه التعهدات خلال شهر يوليو 2013 ومن هنا تأتى أهمية زلزال خروج 33 مليون مصرى يوم 30 يونيو فى ثورة عارمة سحبوا فيها الثقة من النظام القائم وطالبوا برحيله، ولعلها فرصة نادرة قد لا تتكرر فى المستقبل لمناقشة هل خروج المصريين يوم 30 يونيو يعتبر ثورة أم انقلاب؟ نفس السؤال أثير من قبل بالنسبة لثورة يوليو عام 1952، وظلت الأمور تتأرجح بين ثورة وانقلاب إلى أن حسمها كاتبنا الراحل أحمد حمروش بإعداده مؤلفا بعنوان «23 يوليو ثورة أم انقلاب» أخذ فيه رأى كل رموز المجتمع، وقد تراوحت الإجابات بين ثورة وانقلاب حتى حسمها أديبنا الراحل حامل نوبل فى الأدب نجيب محفوظ فى نصف صفحة عندما طغى الأمر برمته بعبارة وجيزة ولكنها بليغة «ثورة يوليو بدأت كحركة ثم تحولت باقتحام قيادة الجيش إلى انقلاب ثم استقرت بعد الخروج الكبير للجماهير المهمة لتأييدها إلى ثورة»، ومن ثم يمكن القول بأننا لو اعتبرنا أن الفيصل فى الأمر هو إرادة الشعب فإن الشعب قد قال كلمته يوم 30 يونيو، وهى الكلمة التى استند إليها وزير الدفاع وقتها الفريق أول عبدالفتاح السيسى لينقذ مصر من الاختطاف يوم 3 يوليو أمام قوى الشعب العاملة بعبارته المدوية «تعيين السيد المستشار عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا للبلاد».، نفس المشاعر التى انتابت المصريين يوم أعلن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يوم 26 يوليو عام 1956 «تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية». ونعود فنتساءل: ماذا كان سيحدث لو لم ينه ابن مصر البار عبدالفتاح السيسى حكم جماعة الإخوان يوم 3 يوليو؟! ظنى أن مصر كانت ستتعرض لسلسلة من الكوارث وأستطيع أن أرصد النقاط الآتية: { إحباط مخططهم لإجراء عملية تطهير غير مسبوقة لكل مؤسسات الدولة من العناصر المعارضة، خاصة فى الجيش والشرطة والقضاء والإعلام ويتردد أن أسماءهم كانت معدة سلفا فى كشوف جاهزة. { القضاء على احتمال مؤكد بدخول المصريين فى اتون حرب أهلية لأول مرة فى التاريخ { القضاء على حلمهم بإعلان خضوع سيناء للخلافة الإسلامية واقتطاع 720 كيلو مترا مربعا من مساحتها بطول 30 كيلومترا وعرض 24 كيلومترا وضمها لجنوب قطاع غزة وتوطين اللاجئين الفلسطينيين بها عوضا عن مساحة الأراضى التى استولت عليها إسرائيل بالضفة الغربية واقامت عليها مستوطناتها وبالتالى حل المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية على حساب مصر. { إنقاذ مصر من مصير ما حدث فى العراق وسوريا وليبيا واليمن. وتأسيسا على ما تقدم.. هل يمكن الزعم بأن ثورة 30 يونيو عام 2013 قد انقذت أمن مصر القومى من كارثة محققة؟! الإجابة بكل ما فى الحياة من صدق ومصداقية.. نعم اللواء د. إبراهيم شكيب