رغم مرور يومين على إصدار مرسوم ملكى مغربى يعد الاجرأ والأول من نوعه فى تاريخ المملكه المغربية، وهو منع الائمة والخطباء من ممارسة اى نشاط سياسى ، فإن ردود الفعل بالداخل المغربى لا تزال تراوح مكانها، وهى الصمت التام، حيث لا احتفاء من جانب المعارضة، التى سعت الى القصر الملكى مرارا تشكو سيطرة الاخوان والسلفيين على المساجد، ولا اعتراض من جانب التيارات الدينية التى كانت تتخوف قرارا مماثلا . القرار لم يكن موضوعا فى الحسبان ولم تتوقعه الحكومة التى اغلبها تيار اسلامي، ولا المعارضة المدنية التى تتكون من احزاب وتيارات علمانية. كما لم يكن مرصودا من المحللين والمراقبين للاشتباك الجارى على الساحة السياسية المغربية، حيث تعد الانتخابات البلدية المقررة فى سبتمبر هذا العام ، بروفة واشارة دالة على ما اذا كانت حكومة العدالة والتنمية ستبقى فى الحكم، ام ان المعارضة المتحالفة سوف تطيح بها فى الانتخابات البرلمانية العام المقبل ، كان العاهل المغربى محمد السادس قد اصدر مرسوما ملكيا يمنع الأئمة والخطباء والمشتغلين فى المهام الدينية من «ممارسة اى نشاط سياسي، ومنع الإخلال بالطمأنينة والسكينة والتسامح والإخاء الواجب فى الأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي» وكذلك منع رجال الدين من ممارسة اى «نشاط مدر للمال فى القطاع الحكومى او الخاص الا بتصريح حكومي». القرار وصف بأنه الأجرأ خلال الأعوام الماضية، ويعد تدخلا مباشرا ضد إصدار فتاوى وسلوكيات دينية ارتكبت أخيراً كادت تعصف بالسلام والأمن الاجتماعى فى المغرب، على حد وصف الباحث فى الحركات الاسلامية «سعيد لكحل» واحد أقطاب حزب التقدم الاشتراكى الموحد، إذ يقول فى إطار رصد ردود الأفعال على المرسوم الملكى إن المغرب تهدده اخطار حقيقية، وهى الأصولية وفكرها المتطرف وهؤلاء الائمة يستخدمون المساجد للترويج لهذه الأصولية وأهدافها السياسية الرامية الى إقامة دولة الخلافة..!! ويضيف ان كل التنظيمات الاسلامية تؤمن بدولة الخلافة وجميعهم يتبنون فكر التكفير الذى أنتجته مراحل زمنية متعددة، هم يكفرون الأحزاب والسياسة، والنظام الديمقراطى الذى ضحى من أجله المغرب، والذى جاء بهم الى الحكم، هم مهووسون بالدماء ويبحثون عن اى وسيلة لسفكها هم يكفرون المجتمع، ولهم آلاف الفتاوى ومنها وثيقة وزعت فى المغرب يرون فيها ان «النظام فى المغرب نظام كافر والديار التى نعيش فيها ديار حرب، وان العدو القريب أولى من العدو البعيد !» وتضيف د. فوزية البرش، المتخصصة فى الدراسات الاسلامية المعاصرة، ان «الحكومة المسيرة الآن للشأن المغربى وذات الطبيعة الإخوانية تلعب بالنار، فهى تترك الفضاء العام خالياً امام التيارات المتطرفة ، ولم تصدر حكومة العدالة والتنمية قانونا بتجريم التكفير. ويعد المرسوم انتصارا لتيارات فكرية ليبرالية عريضة فى المجتمع المغربى وكذلك لأحزاب المعارضة التى كانت تطالب بهذا القرار منذ فترة ، وقدمت شكاوى الى القصر الملكى توثق استخدام المساجد بشكل زائد على الحد فى الترويج لأفكار متطرفة، كما قام المعارضون بتوثيق انحرافات وتطرف عدد كبير من الخطباء فى الضواحى المغربية، ويشهد الاعلام وبالأخص القنوات التليفزيونية المغربية هجوما مكثفا منذ شهر تقريبا من التيارات السلفية التى تسعى علانية الى السيطرة عليه وفرض أفكارها . كان المغرب قد شهد الأسابيع الماضية عدة حوادث اثارت الرأى العام ومنها توقيف سلفيين لفتاتين فى مدينة «انزكان» وتسليمهما لمخفر الشرطة على بعد 500 كيلو من العاصمة، اعتراضا على ارتدائهما ملابس قصيرة، كما قامت مجموعة من شباب منتمٍ للتيار الإسلامى برفع رايات القاعدة على شواطئ مدينة اكادير السياحية، مطالبين السياح «الكفرة» بالخروج من المدينة .