آخر كلماته «خدنى بسرعة إلى المستشفي» حملت الشهيد ووجهه ملطخ بالدماء وممسكا بصدره من شدة الألم تحطم زجاج السيارة أنقذنا من الموت اختناقا وحرقا بداخلها من شدة الانفجار
من داخل مستشفى النزهة الدولي، كان هناك 5 مصابين فى الحادث الغادر الذى راح ضحيته المستشار الجليل هشام بركات النائب العام، و هم عباس رفعت وعبدالرحيم معتمد وسيد حسين سائقو سيارة النائب العام و سيارات الحراسة « المرافقة» امام وخلف سيارة النائب العام. ومن داخل حجرة الطواريء، روى للأهرام عباس رفعت 40 سنة سائق سيارة النائب العام تفاصيل الحادث الغادر، حيث عاش لحظات الرعب والموت معا خلال الحادث. وقال: حضرت فى الساعة التاسعة والربع صباحا انا وزملائى وطاقم الحراسة الى منزل المستشار هشام بركات النائب العام كالعادة لانتظاره لأقله الي مكتبه بمبنى النائب العام الجديد بمنطقة الرحاب، ونزل من المنزل حوالى الساعة العاشرة الا ربعا، وفتح باب السيارة وجلس فى الخلف، ثم استقل بجانبى فى الكرسى الامامى المقدم احمد فؤاد ضابط الحرس الخاص ل « معالى النائب».. وسرنا وكان امامنا كالعادة سيارة الحراسة الاولى وامامها موتوسيكل المرور الذى يقوده الامين احمد السيد، وكنا نسير فى هذا الاتجاه يوميا، ونخرج من الشارع شمالا الى شارع عمار بن ياسر، تمهيدا لوصولنا الى نهاية الشارع بمحاذاة سور الكلية الحربية، وبعدها كنا نتجه ناحية اليمين فى طريقنا الى شارع المطار باتجاه القاهرة الجديدة. ويضيف: وعند لحظة تقدم موتوسيكل المرور لغلق الشارع الموازى لشارع عمار بن ياسر لمرور موكب النائب العام وعند وصولنا الى منحنى الاتجاه يمينا فى نهاية الشارع، فوجئت بصوت انفجار هائل والنيران تشتعل فى سيارة الحراسة التى امامى وسيارتنا التى كانت تقل النائب العام، واحسست بان السيارة بالرغم انها «تويوتا» ثقيلة ومصفحة، الا انها طارت واصطدمت بالسيارات المتوقفة على جانب الرصيف، ومالت على جانبها.. وما هى الا لحظات واشتعلت النيران ومحيط السيارة بالكامل، وكأنها كتلة من اللهب، ولولا ان تحطم زجاج السيارة بالكامل لكنا اختنقنا واحترقنا بداخلها. ويواصل عباس قائلا: لم ادر بنفسى الا وانا اخرج من زجاج السيارة واتجه ناحية الباب الخلفى لها حيث كان يجلس الشهيد النائب العام، وقمت انا والمقدم احمد الذى اصيب باصابات بالغة بفتح باب السيارة واخراج النائب العام منها، وقد كانت الدماء تسيل من وجهه وصدره، فاخرجته من السيارة وساعدته على الوقوف، وكان فى حالة ذهول، الا انه قال لي« يا عباس شوف عربية بسرعة تاخدنى الى المستشفى العالمى على طريق الاسماعيلية، فصرخت باعلى صوتى وكانت المنطقة حولى دمارا كاملا شمل عدة سيارات مشتعلة، فصوت الانفجار القوى اصم اذننا، الا اننى فوجئت بعدد كبير من جيران عمارة المستشار هشام بركات والعمارات المحيطة يهرعون لنجدتنا، وتقدم احد الجيران بسيارته الملاكى فى الوقت الذى نزلت فيه زوجة النائب العام الى الشارع وقمنا بادخاله السيارة وانطلقنا باتجاه كما طلب المركز العالمي، الا اننى وبعد دقائق قصيرة من انطلاقنا فكرت ان المشوار الى المستشفى قد يكون بعيدا فقلت له« يامعالى النائب انا خايف عليك والطريق ممكن يبقى طويل عشان كده انا همشى على طول بسرعة الى مستشفى النزهة.. هو قريب من هنا»، فأومأ لى برأسه بالموافقة وهو يضع يده على صدره فى الوقت الذى كانت خلفنا سيارة حراسة اخرى كانت تقف متمركزة عند المنزل، طلبت منهم ان يسبقونى لتمهيد الطريق الى المستشفي.. وبالفعل وصلت الى المستشفى وحملناه الى الطواريء فى محاولة لاسعافه وكان الدم يسيل من ناحية وجهه ويده بسبب شظايا الزجاج التى تناثرت بعد ارتطام السيارة بقوة، وتم اجراء الاسعافات الاولية بالطواريء، حتى طلب الفريق الطبي سرعة نقله الى العمليات للاشتباه فى وجود نزيف داخلى وقرروا اجراء استكشاف للحالة بداخل غرفة العمليات . انهار السائق عباس من البكاء وهو يتذكر طريقة تعامله معه يوميا بدماثة خلق وتواضع وهو يقول له «صباح الخير يا عباس.. يالا بينا على الشغل» ، واخذ يردد وهو فى حالة انهيار « حسبى الله ونعم الوكيل.. حسبى الله فى الارهابيين اعداء الوطن والدين». وعندما تمالك اعصابه قال :» النائب العام الشهيد المستشار هشام بركات كان رجلا يعرف الله ولا يخاف احدا غير الله، وكان على علم بالمخاطر التى تحيق به والتى قد تكلفه حياته نتيجة تصديه بالقانون للارهابيين، ولكنه كان فارسا يقف فى صف الحق وفى صف الوطن والشعب واستمر الى اخر يوم فى حياته متصديا للارهاب عن طريق تقديم اذنابه الى العدالة لتأخذ مجراها».