بعد بدء زيادة عددها.. أعرف مصروفات kg1 للعام الجديد في المدارس الIPS    رابط وخطوات الاستعلام عن تأشيرة السعودية برقم الجواز 2024    الأسهم الأمريكية ترتفع متجهة نحو تحقيق مكاسب أسبوعية    وزير الإسكان يُصدر 9 قرارات بإزالة مخالفات بناء بالساحل الشمالي ومدينة بني سويف الجديدة    وزارة البيئة تناقش مع بعثة البنك الدولي المواصفات الفنية للمركبات الكهربائية    إعلام إسرائيلي: «الكابينت» صدق على توسيع العملية العسكرية في رفح الفلسطينية    جنود إسرائيليون يتدربون لحرب كبرى محتملة مع لبنان    "علم فلسطين في جامعة جورج واشنطن".. كيف دعم طلاب الغرب أهل غزة؟    أوكرانيا: روسيا تشن هجوما بريا على خاركيف وإخلاء بلدات في المنطقة    مدرب نهضة بركان: كهربا لاعب مشاكس.. والزمالك فريق كبير    شاهد دون ولا هلنه .. الاتحاد × الاتفاق Twitter بث مباشر دون "تشفير" | دوري روشن السعودي 2024    افتتاح فعاليات بطولة الجمهورية للفروسية فى نادي سموحة بالإسكندرية    بالم هيلز تتعاون مع بنك CIB لاستضافة بطولة العالم للإسكواش    نادال: ريال مدريد لم يهزم بايرن ميونخ بالحظ    ضبط 15 طن دقيق بلدي مدعم قبل طرحها في السوق السوداء بالفيوم    زيادة حركة الرياح المحملة بالغبار في مراكز شمال سيناء    أرقام جلوس الثانوية العامة 2024.. تعرف على رابط الحصول عليها وموعد الامتحانات    «الجيزاوي» يتفقد مستشفى بنها الجامعي للاطمئنان على سير العمل وجودة الخدمة    تشييع جثمان عقيد شرطة توفي فى حادث بطريق الزعفرانة ببنى سويف    بعد 6 سنوات من الزواج.. عارضة الأزياء العالمية هايلي بيبر تحقق حلم الأمومة    وصول جثمان والدة يسرا اللوزي إلى مسجد عمر مكرم (صور)    انطلاق ملتقى تراث جمعيات الجنوب ضمن أجندة قصور الثقافة    خطيب الجامع الأزهر: دعوات إنكار التراث الإسلامي تستهدف العبث بعقول الشباب    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    وفد صحة الشيوخ يتابع أعمال تطوير مستشفيات التأمين الصحي الشامل بالأقصر    السكرتير العام المساعد لمحافظة دمياط يفتتح مسجد فاطمة الزهراء بالروضة    إفتتاح مسجدي نصار والكوم الكبير في كفر الشيخ    أزمة الكليات النظرية    117 مشروعًا وبرنامجًا مع 35 شريك تنمية لتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا    منها القهوة والبطاطس المحمرة.. 5 أطعمة لا تأكلها أيام الامتحانات    إنشاء أول مكتبة عامة بواحة الداخلة في الوادي الجديد    الاتحاد الأوروبي يحتفل بالقاهرة بمرور 20 عامًا على تأسيسه    المفتي: من أهم حيثيات جواز المعاملات البنكية التفرقةُ بين الشخصية الاعتبارية والفردية    "مبروك يا صايعة".. الشرنوبي يثير الجدل بتهنئته ل لينا الطهطاوي بزفافها (صور وفيديو)    الامين العام للأمم المتحدة يدعو قادة الاحتلال وحماس للتوصل إلى صفقة لوقف إراقة الدماء    «تالجو ومكيف وروسي»..تعرف على مواعيد القطارات خط «القاهرة/ الإسكندرية» والعكس    ترغب في التخسيس؟- أفضل الطرق لتنشيط هرمون حرق الدهون    حفاران حطما الجدران.. كيف ساهمت مياه الشرب في إخماد حريق الإسكندرية للأدوية؟- صور    الملتقى الأول لشباب الباحثين العرب بكلية الآداب جامعة عين شمس    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    محلل أداء منتخب الشباب يكشف نقاط قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    وزير الري يلتقى المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    القسام تعلن مقتل وإصابة جنود إسرائيليين في هجوم شرق رفح الفلسطينية    فيلم السرب يفرض نفسه على شباك التذاكر.. رقم 1 بإيرادات ضخمة (تفاصيل)    أسعار الأسمنت في الأسواق المصرية اليوم الجمعة 10-5-2024    الإسكان تناقش آليات التطوير المؤسسي وتنمية المواهب    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    صلاة الجمعة.. عبادة مباركة ومناسبة للتلاحم الاجتماعي،    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحريض الإعلانى!
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 06 - 2015

أثلج صدرى بحق ذلك القرار الجرئ الذى اتخذه جهاز حماية المستهلك أخيرا برئاسة عاطف يعقوب بوقف بث إعلان سخيف صادم يفتقر إلى كل المعانى والقيم الإعلامية والإعلانية والتربوية يصور أبا يصفع ولده على وجهه إثر ادعاء الولد كونه يستطيع أن يتنبأ بالمستقبل ؛ وبعيدا عن كون فكرة الإعلان لم تتعرض من قريب أو بعيد لأى شيء من شأنه الترويج للمنتج الرئيسى الذى تم إنتاج الإعلان من أجله وأعنى هنا أحد أنواع البطاطس المعبأة إلا أن هذا الإعلان الذى انتفض جهاز حماية المستهلك من أجل منعه جاء بمنزلة نقطة فى بحر كبير جدا من إعلانات أخرى أمطرت بها الشركات والوكالات الإعلانية أعين وأسماع المشاهدين المتعطشين لمشاهدة المسلسلات الدرامية والبرامج الترفيهية، فبدلا من أن تروج للمنتجات التى تستهدف الإعلان لها، إذا بها تروج لهدم العديد من القيم والمبادئ التى تمس السلام الاجتماعى مسا، وكان السلاح الوحيد فى هذا المضمار وللأسف هو سلاح التحريض: فنحن مثلا أمام نوع إعلانى راح يحرض المواطن ضد نوعية حياته بأن دلف يصور له الحياة اليومية على كونها مجموعة من عذابات ومضايقات يعايشها المرء داخل منزله وداخل البناية التى يسكنها مع جيرانه، وفى الشارع سواء وهو سائر على قدميه أو وهو يقود سيارته ..تجسيد مؤلم لمسلسل من المعاناة لا مفر منه بالنسبة للشخص العادي...والحل؟
الحل هو الانتقال للعيش فى مدينة خيالية أفلاطونية تتخللها الغابات الشجرية والزهور الغناء، تصدح فى رحابها الطيور والبلابل حول الأطفال وهم يشاهدون الأفلام السينمائية الممتعة على شاشات عملاقة وسط الحدائق المفتوحة .. ياسلام! ولم ينس (المحرض) فى ذلك أن يؤكد أن رسالته الإعلانية تستهدف كل الأعمار من الجنسين فهو يتناول الرسالة من زاوية الرجل والمرأة والطفل فى مشاهد لم تغفل، ليس فقط التمرد على نمط الحياة من حيث الاكتفاء بمجرد تحفيز الرغبة فى التغيير، وإنما باللجوء إلى (منتهى العنف) من أجل تغيير الواقع .
كيف يتأتى الوصول إلى هذه الحالة الانفصالية عن واقع الحياة المصرية وما التكلفة من وجهة نظر المعلن؟ هذا سؤال لم يشغل بال فريق العمل بالمرة وهم يخاطبون الملايين من الناس لحصد أموال قلة لا تتعدى أعشار من المائة فى المائة من المجتمع المصرى المطحون الذى تركوه يتحسر على نمط حياة لايملك أن يغيرها لكى ينضم إلى (جنتهم الموعودة تلك) دون إحساس واحد بالمسئولية تجاه الفقراء!! سيقولون هذه فنون إعلانية ، ونقول تبا لهذه الفنون مادامت لا تراعى الأغلبية العاجزة، وما دامت ترتكز بالأساس على معاناة الناس وصولا إلى شريحة غاية فى المحدودية؛ فلا يمانع أحد مخاطبة الأغنياء المقتدرين لبيع لبن العصفور حتي، ولكن شريطة ألا يمس ذلك السلام الاجتماعى .
نوع آخر من التحريض حفلت به الشاشات الإعلانية هذا العام دون وعي، وهو التحريض على انعدام الولاء؛ فأنت أمام (الواد بلية) الحلاق الذى تشرب الصنعة من معلمه حتى أصبح الزبائن يستهدفون المحل من أجله هو، ومن ثم تأتى الرسالة التحريضية التى تشجع بلية على التمرد فى وجه معلمه و دعوته لتوفير مبلغ من المال للحصول على محل خاص به هو وسحب الزبائن إلى هناك إيحاء بأن الأوان قد آن لكى تطعن معلمك الذى يتمرغ الآن فى المكسب المالى نتيجة تعبك أنت! منتهى النذالة والخسة التى لاتتواءم بالمرة لا مع أخلاق العامل الصالح ولا حتى مع بديهيات قانون العمل؛ ودعوة عامة لكل عامل فى أى مكان أن يتجرأ على الخيانة والغدر بحجة أنه مستغل أيما استغلال من قبل صاحب العمل!
ولم ينته التحريض على مستوى الحرفيين فحسب وإنما امتد إلى المهنيين أيضا؛ وذلك من خلال تحريض محام شاب على طعن المحامى الكبير فى ظهره بفتح مكتب خاص به معتمدا على الزبائن الذين استقطبهم من داخل مكتب المحامى الكبير، من بعد تجسيد هذا المحامى الصغير على كونه العمود الفقرى الذى يعتمد عليه المحامى الكبير بالأساس؛ يذهب الصغير لحضور الجلسات ويعانى جميع أشكال (البهدلة)، بينما ينعم المحامى الكبير بالجلوس على شواطئ هاواى أو ماشابه وسط الطبيعة الساحرة يأكل الفواكه الطازجة وهو الذى (لايعرف شيئا عما يدور فى المكتب الكبير الذى يحمل اسمه أساسا)! فأى منطق إعلانى هذا؟
أما الأكثر دهاء فكان إعلان عن منتجع ما، لم يخل الترويج له من إيحاء لامس الجنس من بعيد جدا بأساليب الغمز واللمز بالكلمات والحركات بينما تجسد الصورة فكرة وجود الفتيات الجميلات هناك أيضا (إذا أنت أردت ذلك)!
..وأخيرا، دعونا نعترف بأن المشهد الإعلانى أصبح شديد الارتباك؛ فأنت لاتشعر بوجود جهة حقيقية معنية بمراقبة هذا السيل من الإعلانات، وإنما ترك الأمر على مصراعيه لقرار إدارات القنوات الفضائية فيما يبدو دونما إدراك بما هو أخطر وهو أن مايخرج على الشاشات للناس حاليا ليس بالسهولة تصنيفه بكونه إعلانيا أو إعلاميا أو تعليميا أو توعويا أو ثقافيا تربويا فنيا؛ فالخلطة شديدة الامتزاج إلى درجة يستحيل فصل عناصرها بالمرة، ومن ثم فكل ما يبث على الشاشة من السهل جدا أن يدخل فى أى نطاق مما ذكرناه آنفا ويمكنه أن يصيب الهدف على نحو(مزلزل) دون إدراك من جانب من أطلق السهم، وحينئذ من المستحيل أن تحدد من مسئول عن ماذا ؟ وبالتالى فنحن نسأل : من المسئول عن الرسالة الإعلانية عموما فى مصر؛ وعلى من نلقى باللوم حين تدخلنا فى دوائر تتعدى اختصاصات جهاز حماية المستهلك إلى اختصاصات حماية قيم المجتمع ككل؟
لمزيد من مقالات أشرف عبد المنعم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.