مع اكتمال الاستحقاق الثاني لخارطة المستقبل التى وضعتها القوى السياسية فى 30 يونيو بنجاح الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية، بدأت مؤسسات الدولة تتضافر من أجل مواجهة التحديات المتراكمة والجديدة علي كافة الأصعدة، سواء كانت داخلية أو خارجية. كان علي عاتق وزارة الخارجية المصرية جهود مضنية خلال عامين كاملين، بفعل ما شهدته المنطقة العربية من تغيرات سياسية وتذبذبات أمنية كادت أن تعصف بالمنظومة العربية كاملة. فمصر بحكم موقعها الجغرافي المتميز، وارتباط أمنها القومي بالعديد من الدوائر الخارجية، يجعل من المستحيل لدولة مثلها ألا تتفاعل بقوة مع العالم الخارجي من خلال سياسة خارجية نشيطة ودور إقليمي ودولي فعال. وكانت تحركات وزارة الخارجية المصرية خلال العام المنصرم بشكل ممنهج ومدروس لمواجهة القضايا وثيقة الصلة بالأمن القومي المصري، مثل ملف سد النهضة الإثيوبي والأمن المائي المصري، فضلاً عن التحرك المباشر في القضايا التي تهدد أمن واستقرار الدول العربية، والعمل على استعادة الدور المصري في أفريقيا، وإعادة التوازن للسياسة الخارجية المصرية من خلال الانفتاح على جميع القوى العالمية، إضافة للتحرك المكثف لحشد التأييد اللازم لدعم ترشح مصر للمقعد غير الدائم لمجلس الأمن، وتقديم الدعم اللازم للاقتصاد المصري من خلال تهيئة الظروف المناسبة للإنتعاش الاقتصادي، وذلك من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة حركة التدفق السياحي من أجل زيادة معدلات النمو وتوفير المزيد من فرص العمل. وفي إطار دور مصر في الحفاظ على الأمن القومي العربي فقد دعمت مصر الشرعية اليمنية وشاركت القوات المسلحة المصرية في التحالف العربي لدعم الشرعية هناك من خلال عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل. و لم تصم مصرآذانها عما يجري في الشقيقة ليبيا من تصاعد لوتيرة القتال الداخلي واستفحال التنظيمات الإرهابية هناك، فقد دعت وشاركت في العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية فضلاً عن موقفها الثابت والمعلن في كافة المحافل الدولية التي يشارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري، وهو الاعتراف بشرعية البرلمان المنتخب والحكومة المنبثقة عنه، فضلاً عن الدعم الكامل للحوار السياسي الجاري برعاية الأممالمتحدة للتوفيقِ بين الفرقاء الليبيين ممن قبلوا الانخراط في العملية السياسية، ونبذوا العنف. وعلى صعيد الأزمة السورية شاركت مصر في الجهود الرامية إلى التوصلِ لحل سياسي يسطر نهاية لهذه الأزمة ويحفظ وحدة وسلامة سوريا، واستضافت مؤخراً مؤتمرا لفصائل المعارضة السورية من أجل توحيد الرؤي والالتفاف نحو مبادئ ثابتة، تماشيا مع مقررات مؤتمر چنيف. وإذا ما نظرنا الي التوجهات المصرية للقارة السمراء سنجد أن الرئيس السيسي شارك فور انتخابه العام الماضي في القمة التي انعقدت في غينيا الاستوائية، والقمة التي عقدت في اثيوبيا؛ كما يتولى الرئيس السيسي حالياً رئاسة لجنة الرؤساء الأفارقة للتغير المناخي المعنية بصياغة موقف أفريقي موحد إزاء مسألة تغير المناخ والترويج له وفقاً لأولويات واحتياجات الدول الأفريقية، كما تشارك مصر في صياغة "أجندة 2063" الطموحة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والدفع قدماً بجهود الاندماج الإقليمى، الأمر الذي تم الاتفاق عليه مؤخرا في قمة التكتلات الاقتصادية الثلاثة التي استضافتها مصر وشهدت التوقيع على اتفاقية لإقامة منطقة للتجارة الحرة تضم 26 دولة أفريقية. وعلي صعيد الملفات الدولية الهامة لمصر أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي ترشح مصر للعضوية غير الدائمة فى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر 2014، وبدأت وزارة الخارجية تنفيذ خطة تحرك على مستوى السفارات المصرية في الخارج بهدف الترويج للترشح المصري. وكان إعلان عدد من الدول الكبرى تأييدها للترشح المصري دليلا على تقدير تلك الدول لمصر ومكانتها على الساحة الدولية. كما شارك وزير الخارجية سامح شكري في مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي في أبريل الماضي حيث أكد على الموقف المصري والخاص بضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط، باعتباره مقترحا طالما نادت به مصر منذ عدة عقود.