ثلاث سنوات مرت على مصر بلا برلمان فى سابقة لم تحدث منذ نشأته عام 1866، فبعد برلمان الإخوان الشهير عام 2012، وإعلان الرئيس السيسى فى بيان 3 يوليو البدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية لم يتضح حتى الآن فى أى وقت ستجرى الانتخابات البرلمانية، برغم تأكيد الرئيس أكثر من مرة أنها ستكون قبل نهاية هذا العام، إلا أنها حتى الآن لم يخرج قانون الدوائر للنور. ويبقى أن الاستحقاق الثالث بعد الدستور وانتخابات الرئاسة لم يتم حتى الآن بالرغم من مرور عامين على الثورة وعام من ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي لمقاليد الحكم، رغم اتفاق جميع الآراء على سرعة تشكيل البرلمان ليتولى وضع التشريعات التى تحقق مطالبه، محذرين من خطورة غياب البرلمان خاصة في ظل وضع مصر تحت "الميكروسكوب الدولي". ويقول الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن وجود البرلمان في مثل هذه المرحلة حيوي للغاية، وربما لم تكن هناك حاجة للسلطة التشريعية مثلما نحن فى حاجة لها الآن، فأضلاع المثلث لم تكتمل بعد وإصدار القوانين يحتاج لبرلمان، فالدستور يفرض وجود البرلمان خلال فترة زمنية محددة. وقال نافعة، إن وجود البرلمان أمر هام بالنسبة للخارج، لأن تلك الدول تنظر إلينا باعتبارنا نظاما غير مكتمل، فجمع الرئيس بين السلطتين يؤدي إلى نظام يكون القرار فيه لشخص واحد ولا وجود لأي سلطة رقابية حقيقية أو سياسية. وأضاف أن وجود البرلمان ضروري لأنه الأساس في تشكيل الحكومة وفقا للدستور وفي غيابه ستصبح الحكومة مجرد سكرتارية للرئيس، وإذا انتخب برلمان ممثل للقوى السياسية فلن تكون هناك حكومة إلا بترشيح البرلمان وستكون مستقلة إلى حد ما عن سلطة رئيس الجمهورية، وأكد أن أي صوت يتحدث عن عدم وجود برلمان لا يريد خيرا لمصر ويترك المستقبل أمام احتمالات خطيرة وكلها ليست في مصلحة الدولة. من جانبه أوضح الدكتور عماد جاد عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار بأن هناك نصا دستوريا في حال عدم وجود البرلمان بأن يتولي الرئيس السلطة التشريعية ، وتراجع القوانين الصادرة منه في أول دورة انعقاد للبرلمان، وهذا وضع طبيعي للرئيس. وردا على ما يشاع حول رغبة الدولة فى تعطيل الانتخابات أشار إلى أنه لو كانت المحكمة الدستورية قد حكمت بدستورية القوانين المرسلة إليها لكانت هناك تحركات لإجراء الانتخابات الآن. ودعا إلى تحصين البرلمان المقبل من الحل على غرار الطريقة الألمانية أي أنه لو تم الطعن في الانتخابات البرلمانية، فإنه بدلا من الحل تراعي الملاحظات في الانتخابات المقبلة . ووصف جاد أوضاع الأحزاب بأنها ضعيفة وهشة عدا الأحزاب التى تدغدغ المشاعر الدينية لبسطاء المصريين، وأضاف قائلا: "إنه إذا أجريت الانتخابات فالنتيجة أن يحصد حزب الأكثرية من 15 إلى 20%، ولدينا 100 حزب ومع تطور العملية السياسية فبعضها سيختفى من الساحة وفي النهاية يبقى لدينا من 10 إلى 13 حزبا . غياب مريب وفى سياق متصل علق الدكتور وحيد عبد المجيد أستاذ العلوم السياسية على غياب البرلمان كل هذه الفترة قائلا: "لقد عدنا للوراء قرنا ونصف من الزمن لأن مصر أول بلد في الشرق الأوسط كان لديه برلمان في عام 1866، وهذا أمر يدل على أننا نركض للوراء. وأشار إلى أننا نعيش بلا برلمان لنحو 3 سنوات وهذا نادر الحدوث في العالم حتى في بلاد لا يتجاوز عمرها عشرات السنين، وطالب –أستاذ العلوم السياسية- بمعالجة الأسباب التي أدت إلى حدوث خلافات داخل الأحزاب، قائلًا: "ارتباك الحياة السياسية، وغياب الحراك السياسي، من أسباب حدوث هذه الخلافات وعندما يفتح المجال العام أمام الأحزاب ويتم وضع نظام انتخاب جيد، وعندما تقل القيود المفروضة على الحالة السياسية، فى هذه الحالة ستحدث حيوية سياسية، وستنعكس على الأحزاب، موضحاً أن تطور الأحزاب فى مصر محتجز بفعل الحالة التى أصبحت عليها الساحة السياسية، بسبب تقييد التنافس السياسى والانتخابى من خلال نظام انتخاب معيب، وتأجيل الانتخابات. ومن جانبه قال الدكتور عمرو هاشم ربيع - نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية- إن الدستور أفرز عدة أمور أعاقت تشكيل البرلمان، حيث تسببت لجنة الخمسين في مشكلات عديدة منها رفع الرقابة السابقة ، ووضع 7 «كوتات» لفئات بعينها. وانتقد أيضا «فوبيا» الخوف من الإخوان، ووصف الوضع الحالي بأنه استمراء للعيش بدون برلمان، حيث أصبح مجلس الشعب شيئا غريبا مع استمرار الوضع الحالي، وهذا التوجه نتائجه خطيرة لأنه لا يعطي ثقة أمام الآخرين بالإضافة إلى إضعاف فرص الاستثمار والمنح والقروض، خاصة وأننا نعيش في محيط العولمة.