أسئلة محورية يجب أن يضعها المنصف عند تقييمه لحصاد ثورة 30 يونيو في عامين على صعيد الشعور بالأمان والتحسن الاقتصادي والديمقراطية على رأس تلك الأسئلة: هل نسير في الاتجاه الصحيح ؟ هل يتم مراعاة مطالب الجماهير؟ هل يتم التستر على فساد أو انحراف؟ هل اكتفى الرئيس بإبعاد خطر سيطرة الميليشيات على شوارع مصر؟ هل الجماهير العريضة يمكن أن تختزل في مواطن أو بضعة مواطنين قرروا أن يعبروا عن رأيهم بقطع الطريق للتظاهر أو حتى الصلاة في نهر طريق رئيسي أو كوبري مزدحم؟ هل كنا في رفاهية واستقرار سويسرا على سبيل المثال قبل هذا العام أو في أي وقت مضى؟ هل الشكوى من "سوء الحال" قائم ومتكرر منذ الأربعينيات، بل ومنذ العهود السابقة أيضا وهل كان بندا ثابتا في حياة المصريين؟ هل كانت الشوارع والميادين مفتوحة؟ هل تعرضنا لابتزاز غربي؟ هل عانينا من الإرهاب؟ هل من السهل العمل والانجاز في ظل جهاز إداري مترهل نخر فيه الفساد؟ فتحت ثورة 30 يونيو الطريق لمحاصرة الإرهاب في شريط ضيق من رفح للعريش، ولم تقابل 30 يوينو احتماء الإرهابيين القادمين من عشرات السنوات بأسلحة ثقيلة عبر الإنفاق بالأهالي بتوسيع دائرة الاشتباه أو بإطلاق النار عشوائي تشبث بسيناء وخاضت معركة بسط السيادة الكاملة على سيناء بلا تردد شاء من شاء وأبى من أبى داخل مصر وخارجها. ولم تقتصر المعركة مع الإرهاب ومن ورائه على السلاح، محاربة الإرهاب تتم أيضا بمشروع القرن مشروع قناة السويس الجديدة الذي شارف على الانتهاء وكأنه رسالة للعالم أجمع أن مصر مستقرة وأن مصر قادرة وأن مصر تحقق المستحيل فهل هناك دعاية أفضل من تلك لمصر؟ وقد ساهمت إدارة الملف الخارجي بشكل حكيم في تعزيز الشعور بالأمان والاستقرار بما يجذب الاستثمار، حيث تصالحت مصر 30 يونيو مع الجزائر والسودان وأثيوبيا (أو سار بالعلاقات في الاتجاه الصحيح)، ووطدت العلاقات مع اليونان وقبرص وأرمينيا والدول الأفريقية وبالطبع روسيا والصين وفرنسا، وإيطاليا واسبانيا وألمانيا والمجر، وبريطانيا بشكل خاص، وأدار بشكل متوازن يتسم بعفة اللسان علاقات حساسة مع أمريكا ومن سار على دربها من ناحية ومع كل الدول العربية من ناحية أخرى وصولا للاستقرار على صيغة آلية تنفيذية للقوة العربية المشتركة لأول مرة. تجربة 30 يونيو أفرزت لنا رئيسا يستمع للجميع، ويتواصل مع الجميع بأحاديث شهرية وببريد إلكتروني..ومقابلات مباشرة معلنة وغير معلنة. منحت جماهير 30 يونيو للقيادة شعبية اتاحت لها العمل بصرامة على استقرار سعر الدولار ووقف المضاربات عليه، وقد حدث هذا بالفعل بعد أن كان يخطي سعره الثمانية جنيهات منذ عامين. تحت إشراف الرئيس تم زيادة عدد محطات الكهرباء في وقت قياسي، ورغم فشل كل من سبقوه في التعامل بجدية مع هذه الأزمة فقد الغت الحكومة التوقيت الصيفي رغم توفيره للطاقة والوقود لراحة المصريين ولوقف تذمرهم من كثرة تغيير التوقيت قبل رمضان وبعده، ورغم هذا ورغم التفجيرات للأبراج من العصابة الإخوانية (فجرت الإرهابية 85 برج ضغط عال، و510 أكشاك ومحولات كهرباء على مستوى الجمهورية!) فقد شهد الجميع بتحسن كبير في أزمة الكهرباء ناتج عن التخطيط والإرادة ودخول المحطات الجديدة للخدمة وتوفير الوقود لها. يحسب ل30 يونيو خلق الأجواء الممهدة لكسر أصفاد الهيمنة الأمريكية بصفقات السلاح التي عقدها مع فرنسا والصين وروسيا، وهي بالطبع صفقات تاريخية وتحقق ردعا لكل الأطراف العابثة من حولنا بما يكفل حماية التنمية في ظل عالم يموج بالتحديات. يحسب ل30 يونيو أيضا توفير البيئة المناسبة لإنجاح المؤتمر الاقتصادي، حيث نجح المؤتمر بمجرد حضور الزعماء المكثف للمؤتمر وإعلانهم عن حزم مساعدات واستثمارات بمليارات الدولارات.. إنجاز 30 يونيو الأكبر هو الالتفاف حول قائد يسير بنا على الطريق الصحيح ويدرك جيدا حجم التحديات، وحين قال "تحيا مصر"، و"أد الدنيا" أو "لا والله" تشبث المصريون بالحلم وبالأمل، وبقى أن يدرك الجميع أنه لا انجاز سوى بالعمل الجماعي، والصبر، والالتصاق بأحلام الناس، ومحاربة الفساد..وتوفير كل السبل لتنفيذها على أرض الواقع، والتدخل الحاسم في التوقيت السليم..30 يونيو أعادت هيبة الدولة وشقت الطريق أمام الراغبين في العمل بجد لمستقبل واعد تستحقه مصر..ولو كره الكارهون.