حين يطل علينا شهر الصيام فإننا لا بد وأن ننظر فى أحوال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فى هذا الشهر الكريم، كيف كان يصوم، كيف كان يفطر، كيف كان يتسحر، كيف كان يقضى يومه، وقد كان صلى الله عليه وسلم يعجل الفطر بعد غروب الشمس مباشرة، وكان يفطر قبل صلاة المغرب، وكان يفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد حسى حسوات من ماء، قال ابن عبد البر أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور صحاح متواترة. كان النبى صلى الله عليه وسلم يبدأ إفطاره فى رمضان بحبات التمر، واللبن، ثم يذهب لأداء صلاة المغرب، وذلك كما جاء فى الحديث الشريف حيث قال عليه الصلاة والسلام:(إذا كان أحدكم صائمًا فليفطر على تمر، فإن لم يجد التمر فعلى الماء، فإن الماء طهور)، كما كان عليه الصلاة والسلام يحرص على تعجيل الإفطار، فكان يقول: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر). وأكد علماء الدين أن الإفطار على الرطب أو التمر أو الماء سُنة مستحبة وليس بواجب لازم، فيجوز للصائم أن يفطر على ما يشاء من الطيبات. ويقول الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بأسيوط، إن من هدى النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان أنه كان يفطر على رطب، فإن لم يجد فتمر، فإن لم يجد فشراب ماء، ودليل ذلك ما رواه أبو داود عن ثابت البناني أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن حساً حسوات من ماء... انتهى، والأمر الثاني أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يعجل الفطر فور غروب الشمس كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر.. متفق عليه، وأيضا لم يكن مطلوبا من الإنسان أن يتناول إفطاره بطريقة يتكاسل بعدها عن العبادة، وذلك نتعلمه من فعل وقول صلى الله عليه وسلما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه...) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه. وأضاف: رأينا من يقوم بتأخير صلاة المغرب بعد الإفطار ليؤدوا صلاة الجماعة سويا، فإذا كان تأخير صلاة المغرب إلى نصف الساعة بعد دخول وقتها لا يترتب عليه خروج وقتها فلا حرج في ذلك، والأولى أداؤها أول الوقت. إن النبي القدوة يؤسس في هديه الرمضاني لفهم عال لطبيعة التشريع القائم على التيسير وجلب المنافع للبشر، ويؤسس كذلك لعلاقة بين العبد وبين ربه قائمة على المحبة والقرب، ويؤسس لعلاقات مجتمعية قائمة على الود والتراحم والتكافل. وكان في رمضان يزداد من أنواع العبادات والطاعات عن بقية الشهور. ولم ينس صلوات ربي وسلامه عليه انه قائد، فلم تشغله العبادة صياما أو قياما عن واجباته تجاه الأمة، فقاد صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان غزوتي بدر وفتح مكة. ولم ينس أنه بشر فكان يباشر أهله في رمضان لدرجة أنه ربما أصبح جنبا من جماعه لأهله، بل لم ينس حقهم حتى في المداعبة، فكان يقبلهن ولم ينه عن التقبيل في رمضان. بل كانت تأتيه بعض أزواجه تزوره وهو معتكف فيخرج معها ليوصلها إلى بيتها، ومع ذلك لم ينس حقهم في التوجيه والتربية التعبدية فكان صلوات ربي وسلامه عليه يوجه أهله ويحثهم على قيام الليل في هذا الشهر الفضيل. حكمة التمر ويشير د. مرزوق إلى أن الحكمة من الإفطار على التمر أو البلح أو الرطب، ان لها قيمة غذائية عالية، وهو من أكثر المواد الغذائية احتواء على السكريات. ومعروف لدى الجميع أن هذه الثمار شهيرة بتعويض الإنسان عما فقده طوال اليوم، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يأكل من هذه التمرات وترا.وفى سياق متصل، يوضح الدكتور أحمد حسين وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر، إن هذا التمر غني بالسكريات، فبمجرد أن يتناوله الصائم، سيمد الجسم بالطاقة اللازمة، كما أنه من الإعجاز أنه خفيف على المعدة، وأثبت الطب أن تناول الصائم الأطعمة الدسمة مباشرة، دون تهيئتها بمواد بسيطة، فإن ذلك سيتعبها، فيجب تهيئة المعدة بعد صيام أكثر من 13 ساعة بمواد لطيفة ملينة مثل التمر، وأشار د. حسين إلى أن الأطباء أيضا أكدوا أن أنسب شيء للمعدة وتهيئتها التمور، لأنها سريعة الذوبان في المعدة وتمتصها سريعا، حتى تمد الجسم بالطاقة اللازمة، ليزول الشعور بالجوع، والدوخة، والهزلان. وثبت عن النبي أنه أكله مع الزبد أو مفردًا، وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: ( بيت لا تمر فيه أهله جياع)، كما أن التمر يساعد على تصحيح حموضة البول الناتجة من الصيام، مما يقى الجسم من تكوين الحصوات.