لايمكن بحال من الأحوال أن نتناسى أمنا «هاجر» زوجة أبى الأنبياء سيدنا ابراهيم مع الوضع فى الاعتبار أن قصتها يعلمها الكبير والصغير لارتباطها بفريضة الحج.. ولكن لزاما علينا أن نشير لمكانتها العظيمة عند خالقها لتكون نبراسا للنساء يقتدين بها فى الاخلاص والايمان المطلق بقدرة الخالق مهما كانت الظروف.. وكانت الحكاية عندما تركها زوجها سيدنا ابراهيم فى صحراء مكة القاحلة هى ووليدها حيث لازرع ولاماء ولا أنيس ثم مضى فى طريق عودته فنادت السيدة هاجر على زوجها وهى تقول يا إبراهيم أتتركنا فى هذا الوادى دون زرع ولاماء. ولا يلتفت اليها الزوج... ولكنها بيقين الايمان قالت: آلله أمرك بهذا فيرد: نعم.. فتخيلوا ماذا يكون الرد من الزوجة النموذج: لن يضيعنا الله... وانصرف ابراهيم وهو يدعو ربه ويقول «ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون، «سورة ابراهيم.. ونفد الماء والزاد والأم لاتجد ماتروى به ظمأ طفلها، وقد جف لبنها فلا تجد ماترضعه فيتلوى الطفل جوعا وعطشا، ويتردد صراخه فى الجبال الذى يدمى قلب الأم الحنون... وتسرع الام على جبل الصفا لتنظر احدا ينقذها هى وطفلها من الهلاك، ولكنها لاتجد فتنزل مسرعة وتصعد جبل المروة وتفعل ذلك «سبع مرات» حتى تمكن منها التعب وأوشك اليأس أن يسيطر عليها وترفع يدها للسماء فإذا بجبريل عليه السلام فيضرب الارض بجناحه لتخرج عين ماء بجانب الصغير، فتهرول الام نحوها وقلبها ينطلق بحمد الله وجعلت تغرف من مائها لتنقذ طفلها وتقول لعين الماء «زمى زمي» فسميت هذه العين زمزم وحتى يومنا هذا شربة من مائها تساوى الدنيا ومافيها.. انها هاجر أم اسماعيل وزوجة ابراهيم والتى عرفت فى التاريخ بأم العرب العدنانيين.. مرت الأيام بطيئة حتى نزل على هاجر وطفلها بعض أناس من قبيلة «جرهم»، وأرادوا البقاء فى هذا المكان لما رأوا عندها الماء، فسمحت لهم بالسكن بجوارها ومشاركتها فى شرب الماء، وشب الطفل الرضيع بينهم وتعلم اللغة العربية، ولما كبر تزوج أمرأة منهم.. إن فعل السيدة هاجر وضع سنة فى الحج مازالت تتبع حتى الآن فى السعى بين الصفا والمروة.. ومازالت عين زمزم تخرج ماءها باذن ربها حتى يومنا هذا... وقيل إنها توفيت وعندها من العمر 90عاما ودفنها اسماعيل عليه السلام بجانب بيت الله الحرام.. اللهم اهد نساء المسلمين لما تحبه وترضاه كما هديت أمنا هاجر فأخرجت لنا رحمة وطاعة لله ولزوجها فكانت النجاة فى الدنيا والآخرة.. فهناك العظمة الكبرى من قصتها فعلى النساء الفاضلات أن يقرأن مافيها من معان ويبحثن وراء هذه السطور ومعناها.