أظل المسلمين شهر عظيم, اجتمع فيه لصوام نهاره وقوام ليله من الخير والمثوبة, ما لم يجتمع لهم فى غيره من شهور السنة, ففيه ينظر الله عز وجل إلى عباده الذين آمنوا برسوله, وامتثلوا لما جاء به. ومن نظر الله تعالى إليه فلا يعذب أبدا, وفيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار, وتصفد فيه الشياطين, وفيه ليلة القدر التى يعد ثواب العبادة فيها خير من ثواب عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر, من تقرب إلى الله تعالى فيه بخصلة من خصال الخير, كان كمن أدى فريضة فيما سواه, ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه, وهو شهر أوله رحمة, وأوسطه مغفرة, وآخره عتق من النار, من فطر فيه صائما من كسب حلال عتق من النار, وكان مغفرة لذنوبه, وكان له مثل أجر من فطره, من غير أن بنقص من أجره شيء, ويزاد فيه رزق المؤمن, وتستغفر الملائكة لصوامه فى كل يوم وليلة, وتستعد لاستقبالهم جنة المأوى, ويغفر لهم قيوم السماوات والأرض فى آخر ليلة منه, جزاء لما عملوا من خير, وهو شهر الصبر, والصبر ثوابه الجنة, وقد وردت فى فضائله كثير من نصوص الشرع, من ذلك قوله تعالى: “ شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان “, وقوله سبحانه: “إنا أنزلناه فى ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر. تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. سلام هي حتى مطلع الفجر “, وفي الحديث: “ أعطيت أمتي خمس خصال فى رمضان, لم تعطهن أمة قبلهم, خلوف فم الصائمين أطيب عند الله من ريح المسك, وتستغفر لهم الحيتان حتى يفطروا, ويزين الله عز وجل كل يوم جنته, ثم يقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المئونة ويصيروا إليك, وتصفد فيه مردة الشياطين, فلا يخلصوا فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه فى غيره, ويغفر لهم فى آخر ليلة “, وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان, فقال: “ يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك, شهر فيه ليلة خير من ألف شهر, شهر جعل الله صيامه فريضة, وقيام ليله تطوعا, من تقرب فيه بخصلة من الخير, كان كمن أدى فريضة فيما سواه, ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه, وهو شهر الصبر, والصبر ثوابه الجنة, وشهر المواساة, وشهر يزاد رزق المؤمن فيه, من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه, وعتق رقبته من النار, وكان له مثل أجره, من غير أن ينقص من أجره شيء, قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم, فقال: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة, أو على شربة ماء, أو مذقة لبن, وهو شهر أوله رحمة, وأوسطه مغفرة, وآخره عتق من النار “, فطوبى لمن استكثر من الخير فى شهر الخير, واستزاد من الفضائل في شهر الفضائل, واجتهد فى العبادة فى شهر مضاعفة الحسنات, وصام نهاره إيمانا واحتسابا, وأقض مضجعه قائما ليله, ابتغاء مرضاة الله رب العالمين, وطمعا فيما وعد به الصائمين القائمين.