يهل علينا شهر رمضان - كل عام وأنتم بخير - وفجأة يتذكر الجميع الإيمان بالأكل.. تمتد الموائد العامرة فى الشوارع تحت اسم موائد الرحمن.. وتنهمك الجمعيات الأهلية فى جمع تبرعات بالملايين من أجل إنفاقها على الطعام.. وكأن الناس لا تأكل فى بقية شهور السنة.. تمتد الموائد أيضا فى فنادق الخمسة نجوم التى تدفع تكاليفها الشركات والمصالح الحكومية وبعد الإفطار يتم رمى بواقى الأكل فى الزبالة وكله من أموال دافعى الضرائب - نتمنى أن يصدر رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب قرارا يمنع إقامة حفلات الإفطار الحكومية فى فنادق الخمسة نجوم - وتنتابنا جميعا حالة من الدروشة لا تحل علينا الا خلال الشهر الكريم بالاستغراق فى الأكل الدسم لا الاستغراق فى تأمل الحياة الدنيا والتحلى بالأخلاق الحسنة وحسن معاملة الجار وايقاظ الضمير النائم واحترام قيمة العمل. حالة من الحمى تنتاب المصريين بالأكل فى رمضان وبجمع التبرعات لإنفاقها على الموائد العامرة.. لم يفكر أحد فى لحظة الاستفادة من روحانيات الشهر الكريم بالتبرع لإطلاق مشروعات صغيرة تساعد الناس بالعمل طول العام.. لم أجد حملة تبرعات فى طول البلاد وعرضها لبناء مدارس أو لترميم المدارس الآيلة للسقوط وإنما صناديق فى كل مكان لجمع تبرعات لبناء مساجد فى كل ركن بكل مدينة وقرية فى مصر وكأن القاهرة - بلد الألف مئذنة - ينقصها بناء مساجد جديدة.. وكأننا نعانى من نقص المساجد فى القرى. مجتمع انتابته حالة من الحمى ساعد عليها المتطرفون الدينيون المنتشرون فى كل مكان.. إذاعة وتليفزيون ومساجد وزوايا و34 ألف معهد أزهرى.. مجتمع لا يفكر بعقله وانما يفكر بمشاعره واياك وأن تعارض أيا من هؤلاء الذين تصوروا أنفسهم رسل الله على الارض . الناس بتنسى المثل التقليدى الصينى الذى يقول «إذا أردت أن تساعد انسانا.. لا تعطه سمكة وانما أمنحه صنارة يصطاد بها».. السمكة سوف يأكلها ويطلب المزيد تانى يوم بدون عمل .. الصنارة سوف يصطاد بها السمك كل يوم.. الموضوع موش محتاج ذكاء . لمزيد من مقالات جمال زايدة