بعد مراسم الاستقبال الرسمية فى الساحة الرئيسية لمقر الحكومة المجرية فى العاصمة بودابست أمس، عقد الرئيس عبد الفتاح السيسى جلسة مباحثات ثنائية مغلقة مع رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان الذى كان فى استقباله لدى وصوله إلى مقر الحكومة، ثم عقد الجانبان جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدى البلدين تناولت سبل تعزيز التعاون بين مصر والمجر، وبحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك فى منطقة الشرق الأوسط وأوروبا. وعقد الجانبان، مؤتمرا صحفيا عقب جلسة المباحثات ، ألقى خلالها الرئيس كلمة استهلها بتوجيه الشكر إلى المجر على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، مشيرا إلى أن ذلك مهد الطريق للنتيجة المثمرة والمرجوة من المشاورات، التى أثبتت نتائجها أنها تستند إلى أساس عميق وممتد من العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين منذ عشرات السنين. وأضاف الرئيس أنه تم عقد مشاورات موسعة مع رئيس الوزراء المجري، تناولت التطورات فى الشرق الأوسط وأوروبا، والتأكيد على أهمية التعاون الثنائى بين البلدين بما فى ذلك فى المجالات التجارية والاقتصادية. وأشار الرئيس فى كلمته إلى أنه أوضح الموقف المصرى إزاء قضية مكافحة الإرهاب، مشيراً إلى التنسيق القائم بين جميع المنظمات الإرهابية. وعرض رؤية مصر لحل الأزمة الحالية فى ليبيا، كما ناقشا أيضا الأزمة السورية والوضع فى العراق. وأوضح الرئيس أنه اتضح خلال المشاورات مدى تقارب الرؤى بين البلدين، والذى وصل فى أحيان كثيرة لحد التطابق، معربا عن ارتياحه بشأن المشاورات الجارية بين البلدين والتى تضمنت العديد من القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وقال السيسى إنه أعاد التأكيد، خلال المشاورات، على إرادة الشعب المصرى وتطلعه لتحقيق الازدهار لمصر الديمقراطية، مشيرا إلى أن مصر اعتمدت دستورا جديدا وتم عقد الانتخابات الرئاسية، موضحا أن القيادة المجرية أكدت مواصلتها التضامن مع مصر حكومةً وشعباً فى حربها ضد الإرهاب، وكذلك دعم مصر فى سعيها للحفاظ على السلام والاستقرار فى المنطقة. وأعرب الرئيس أيضا عن شكره وامتنانه للمجر بشأن موقفها الإيجابى من عملية الانتقال الديمقراطى فى مصر على الرغم من الموقف السلبى لبعض الدول الأخرى التى تجاهلت التحديات التى تواجه مصر فى التعامل مع التهديدات الإرهابية فى سيناء وعلى طول حدود مصر الغربية. وأوضح أنه أعرب لرئيس الوزراء عن رغبته فى أن تساهم المجر بشكل إيجابى فى دعم مصر داخل إطار الاتحاد الأوروبي، من خلال التعبير عن حجم الصعوبات والتحديات التى تواجه مصر فى الوقت الحالي، وكذلك حجم الإنجازات التى تحققت بالفعل، مشيرا إلى أن مصر تعول على التعاون مع الدول الصديقة، مثل المجر، فى الأطر المتعددة الأطراف. وقال الرئيس إن المشاورات تناولت أيضا تطلع البلدين لفتح آفاق أكبر أمام تعزيز العلاقات التجارية والصناعية بين البلدين ، بحيث تكون على ذات وتيرة تقدم العلاقات السياسية الودية بينهما، بما فى ذلك الاستفادة الكاملة من الفرص الواعدة المتوفرة فى مجالات مختلفة، خاصة فى إطار البيئة المصرية المشجعة على الاستثمار فى الوقت الحالي، التى كللتها النتائج الناجحة لمؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى الذى عقد فى شرم الشيخ، وقانون الاستثمار الجديد. وأوضح الرئيس أنه شدد فى هذا الإطار على أهمية التوصل إلى اتفاقيات جديدة فى العديد من المجالات، ومن بينها تزويد مصر بالقاطرات وعربات القطار، وتعزيز التعاون فى مجالات الري، ومكافحة الإرهاب، والسياحة، واتفاقيات التعاون الثلاثى بين مصر والمجر والدول الإفريقية. وقال الرئيس إنه فى ضوء التقارب الواضح بين وجهات نظر البلدين بشأن معظم القضايا الخارجية وكذلك تطلعهما لآفاق واسعة من التعاون فى مختلف المجالات، فقد وقع الجانبان على بيان مشترك يؤكد عمق العلاقات بين البلدين ويضعهما على مسار واضح من التعاون والتفاعل فى مختلف المجالات، معربا عن تطلعه لأن تشهد أعمال اللجنة المشتركة، التى ستعقد فى بودابست خلال أيام قليلة، التوقيع على المزيد من الاتفاقيات الثنائية التى تؤكد وتعكس توجهات البلدين. واختتم الرئيس كلمته بالثناء على الأداء المتميز للقوات المجرية التى خدمت ضمن القوات متعددة الجنسيات والمراقبين فى سيناء لأكثر من 20 عاماً واختتمت مهمتها فى مارس الماضي، مؤكدا تطلعه خلال المرحلة المقبلة للمزيد من التعاون بين البلدين فى مختلف المجالات، والمزيد من التعميق للتفاهم بينهما بشأن مختلف القضايا الدولية والإقليمية. كما توجه الرئيس فى ختام كلمته بالشكر لكافة المصريين فى المجر الذين كانوا فى استقباله بشوارع بودابست لدى وصوله. ومن جانبه قال رئيس وزراء المجر: »تشرفنا باستقبال رئيس مميز لدولة مميزة فبدون مصر لا يوجد استقرار فى المنطقة العربية.. وبعد أن قصرت المسافات فى العالم الحديث لا يمكن أن نقول انه من الممكن استقرار أوروبا دون استقرار مصر«. وأضاف أوربان أن المجريين يعتبرون النشاط الثقافى هو الأفضل والاهم فى الحياة وبما أن مصر هى مهد الحضارة الإنسانية فقد تم استقبال الرئيس المصرى استقبالا يليق بذلك. وقال اننا لا نحترم فقط ماضى مصر ولكن حاضرها أيضا، كما نؤمن بأن الاختلافات بين الثقافات هبة من الله، وعندما نتحدث عن دولة إسلامية لها ثقافة آخرى نتحدث عنها باحترام. وأضاف: »نؤمن أن تنظيم المجتمعات يختلف فى كل ثقافة. وليس كل ما يناسب دولة يناسب كل دول العالم. ونحن فى أوروبا لسنا أساتذة فى الديمقراطية.. وسعداء بأن الشعب المصرى ناجح فى الطريق الذى اختاره«. وأعرب اوربان عن تقديره للجهود التى يبذلها الرئيس السيسى من اجل بناء دولة وإنقاذ اقتصاد كامل، مؤكدا أن بلاده حريصة على مساعدة مصر فى جهود بناء الدولة وتطوير الاقتصاد مشيرا إلى أن الاتفاقيات التى تم توقيعها ستسهم فى ذلك فلدينا خبرة عالمية فى تكنولوجيا السكك الحديدية وتقنيات تسيير المدن والصحة، مضيفا : »تفاوضنا حول أشكال التعاون المالى والمسميات التى تعطينا فرصة للبناء فى مصر«. وقال رئيس الوزراء المجري: »استقبلنا اليوم زائرا مميزا من العالم الإسلامى ، ورغم النظرة المتحفظة للدين الإسلامى فى أوروبا والعدائية فى دول أخرى إلا أن المجر صديقة للإسلام ونعتبره انجازا كبيرا للبشرية ، وهذا الدين يساعد الملايين على فهم حياته ولذا نحترمه ، كما أننا ليس لدينا مشاكل مع الزعماء ذوى الخلفيات العسكرية لأننا كمدنيين نحتاج الى عسكريين أحيانا لإداراتنا ونتمنى للشعب المصرى أن يكون لديه تجربة جديدة جيدة«. وأضاف أن العلاقات بين مصر والمجر عريقة وكنا موجودين دائماً بقوة فى مصر وهو شرف عظيم حصلنا عليه من فترة طويلة. وكشف عن اتفاق البلدين حاليا للتعاون عسكريا فى مجالات التقنية والتدريب. وذكر أن 600 طالب مصرى تخرجوا في المجر وهم خبراء مدربون يساعدون الشعب المصري، وحاليا يدرس 55 طالبا، وتقدم المجر مائة منحة دراسية، كما حقق التليفزيون المصرى تعاونا ناجحا مع التليفزيون المجرى الحكومي. مترجمة المؤتمر الصحفى من أصل مصرى بودابست :أ ش أ حرصت الحكومة المجرية فى لفتة رمزية تعكس اهتمامها بالعلاقات المتميزة مع مصر، على أن تكون مترجمة المؤتمر الصحفى الذى عقد امس بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس وزراء المجر فيكتور أوربان ، عقب مباحثاتهما فى بودابست مجرية من أصل مصرى. ويشار إلى أن المترجمة التى تم اختيارها لترجمة المؤتمر أمها مجرية وأبوها مصرى وهى مقيمة فى المجر منذ فترة طويلة وتعيش بين القاهرة وبودابست فى بعض الفترات . اهتمام شعبى ورسمى واسع بودابست- أ ش أ: حظيت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى بودابست باهتمام رسمى وشعبى واسع فبخلاف مراسم الاستقبال الرسمية واصطفاف حرس الشرف احتشد المئات من المواطنين المجريين لمشاهدة مراسم الاحتفال باستقبال الرئيس. كما قامت الحكومة المجرية بتزيين الجسور التاريخية المواجهة لمقر إقامة الرئيس بالأعلام المصرية والمجرية تقديرا للرئيس الذى وقع اختياره على المجر لتكون أول دولة يزورها من دول أوروبا الشرقية على الرغم من العديد من الدعوات التى تلقاها من تلك الدول. ويرجع ذلك لموقع المجر فى وسط أوروبا فى إطار اهتمام مصر بجعل المجر مركزا تجاريا للمنتجات المصرية فى القارة، لاسيما الخضراوات الطازجة التى تتميز بها مصر وبعض المنتجات الصناعية على رأسها السيراميك والأدوات الصحية والمنسوجات نظرا لشهرة القطن المصرى فى أوروبا جولة للرئيس داخل مقر الحكومة المجرية بودابست- الأهرام: أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسى جولة أمس داخل مقر الحكومة والبرلمان المجرى الذى يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر ، رافقه خلالها رئيس الوزراء فيكتور اوربان. وخلال الجولة، صافح الرئيس عددا من طلاب المدارس الذين تصادف وجودهم فى نفس التوقيت داخل مقر الحكومة خلال قيامهم بجولة مدرسية، كما التقط معهم الصور التذكارية.