الدستورهو القانون الأساسي الأعلي الذي يرسي القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم, ويقررالحريات والحقوق العامة, ويحدد لكل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وظائفها وصلاحيتها فالدستورالجديد بمثابة عقد إجتماعي بين جميع أطراف المجتمع. وهو مستقبل مصرالذي يجب أن تراعي عند كتابته مشاركة كل الفئات او الأقليات و الأيديولوجيات في المجتمع, وعلينا ألا ينفصل حاضرناعن تاريخنا, فلدينا تاريخ دستوري كبير ودساتير وضعتها لجان شكلت لوضع الدستور وعلي سبيل المثال لجنة الثلاثين التي وضعت دستور23 ولجنة الخمسين التي أسست دستور54 وضمت بعض أعضاء جماعة الاخوان المسلمين ومن الأقباط وأحزاب الوفد والأحرار الدستوريين و الوطني و من رجال الجيش والبوليس وثلاثة من القضاء من بينهم عبدالرزاق السنهوري رئيس مجلس الدولة ومن رجال الفكر والثقافة د.طه حسين وأستاذ الجيل أحمد لطفي السيد جاءت المادة189( مكرر)إحدي المواد الثمانية التي تم تعديلها واستفتاء الشعب عليها في مارس الماضي يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشوري تاليين لإعلان نتيجة الاستفتاء علي تعديل الدستورلاختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها إعداد مشروع الدستور الجديد خلال ستة أشهر من انتخابهم لتجعل البرلمان الجهة الوحيدة المنوط بها تشكيل اللجنةالتأسيسية لصياغة الدستور, ولم يتم تدارك الموقف بعد ذلك في الاعلان الدستوري, حيث جاءت المادة60 لتؤكد أن البرلمان بمجلسيه الشعب والشوري المختص بانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولي إعداد مشروع دستور جديد للبلاد. أشار نبيل زكي المتحدث الرسمي لحزب التجمع الي ان المفترض أن القضية الأولي التي كانت تشغل اهتمامات الشعب المصري بعد ثورة25 يناير هو الدستور, لأن الرئيس السابق حسني مبارك لم يولد ديكتاتورا ولكنه وجد دستورا يمنحه سلطات الديكتاتور, فكان لابد أن يكون الدستور هو قضيتنا الأولي حتي لا يولد ديكتاتور جديد, والآن ندفع ثمن هذا الخطأ في شكل من التخبط والضبابية التي نعيش فيها فالدستور هو مؤسس كل السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية ويحدد العلاقات بينهم فكيف يؤسسه مجلس الشعب وهو أحد هذه السلطات الذي بالطبع في هذه الحالة يميز نفسه عن باقي السلطات, مشيرا إلي أن وثيقة السلمي مع تعديل البندين التاسع والعاشر منها كانت محاولة من المجلس العسكري لتدارك الخطأ الذي وقع في الاعلان الدستوري ولا يعقل أن يتراجع المجلس العسكري كلما كشر الاخوان المسلمين فما نحن فيه الآن ضربة اجهاضية لثورة25 يناير. ويقول زكي بانسحاب أعضاء الجمعية التأسيسية بهذا الشكل لم يعد هناك شرعية لهذه الجمعية وأصبحت الجمعية فرعي لحزبي الحرية والعدالة والنورلأن كل القوي السياسية الأخري خرجت من الجمعية التأسيسية, وكان صاحب المبادرة حزب التجمع حيث قاطع من البداية اللجنة التأسيسية وتساءل زكي كيف يكون رئيس البرلمان رئيسا للجمعية التأسيسية. ويري زكي أن الخروج من هذه الأزمة اما بجمعية منتخبة خصيصا لوضع الدستور أو لجنة بالتعيين لوضع الدستور تشكل من الفقهاء الدستوريين ومن أطياف المجتمع والقوي السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات وشباب الثورة ويطرح الدستور في استفتاء علي الشعب, وأوضح زكي أن للأزمة جانبا ايجابيا يتمثل في الرأي العام الواعي موضحا أن الوضع لا يمكن قبوله وأن الجميع في انتظار حكم مجلس الدولة في10 ابريل وحكم المحكمة الدستورية العليا التي تنظر الطعن في الانتخابات البرلمانية والذي اذا حكمت ببطلانها تكون بالتالي قد حكمت علي اللجنة التأسيسية أيضا بالبطلان. ويتعجب زكي لما آلت الية الأوضاع فلدينا في مصر فقهاء عالميون في الدستور من بينهم الدكتور ابراهيم درويش الذي اختارتة تركيا للمشاركة في اعداد دستورجديد لها, و يمكننا الانتهاء من وضع الدستور في أيام حيث لدينا دساتير23 و54 وحتي71 يمكن تنقيحه بالغاء التعديلات التي أجريت عليه مع تعميق التعددية ومبدأ المواطنة و يتم عرض الدستور في استفتاء علي الشعب. حالة عدم دستورية ويشير الفقيه الدستوري الدكتور ابراهيم درويش الي أن هناك حالة عدم دستورية ابتداء من عدم اعلان الحقيقة عن خلع الرئيس السابق فمبارك لم يتنح لأن من الناحية الدستورية يوم11 فبراير وقت تنحي الرئيس و نقل السلطات كان دستور71 قائما وفيه ثلاث مواد تحكم موقع رئيس الجمهورية المادة82 تتكلم عن عزل جزئي لوجود مانع مؤقت يحل محله نائب الرئيس ان وجد أو رئيس الوزراء, والمادة83 تتحدث عن استقالة يقدمها الرئيس لمجلس الشعب ويحل محله رئيس مجلس الشعب وإذا كان المجلس منحلا حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا, والمادة84 والخاصة بحالة الوفاة أو العجز الدائم عن العمل تلك هي المواد الثلاث الوحيدة التي تحكم موقع رئيس الجمهورية فالرئيس لا يملك التنحي أونقل السلطات وكل ما أذيع في خطاب السيد عمرسليمان غير دستوري من حيث الدستور الذي كان قائما, مشيرا الي أنه مع نجاح ثورة25 يناير سقط دستور71 فالدستور يسقط بانقلاب عسكري أو بثورة وبالتالي فان الاعلان الدستوري الذي جاء معطلا لدستور71 غير صحيح لأنه لايجوز تعطيل دستور ساقط, كما أن الاعلان الدستوري الذي لم يستفت الشعب عليه قيدالنظام السياسي بأمرين اولهما لزومية قيام مجلسين للشعب والشوري ولم يكن هناك حاجة لقيام مجلسين في دولة موحدة وثانيهما نسبة ال50% عمال وفلاحين حيث كان يجب دخول العمال والفلاحين للبرلمان من خلال الانتخابات فقط, و طرحت وثيقةالمباديء فوق الدستورية غير الموجودة في أي دولة لأن الدستور لا يعلو عليه أي مباديء وجاءت المادة60 من الاعلان الدستوري يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشوري في اجتماع مشترك, بدعوة من المجلس الأعلي للقوات المسلحة, خلال ستة أشهر من انتخابهم, لإنتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو, تتولي إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها, ويعرض المشروع, خلال خمسة عشر يوما من إعداده, علي الشعب لاستفتائه في شأنه, ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء ليزداد التخبط. ويحذر د. ابراهيم درويش من خطورة الوضع الحالي حيث كان من الضروري أن نبدأ بالدستور فهو اللبنة الأولي في بناء أي نظام سياسي ويعد وثيقة اقتصادية اجتماعية سياسية واعداد وصياغة الدساتير هي صناعة خطيرةفلم يعد الدستور200 أو300 مادة ولكن أي دستور قوي الآن لا يتعدي ال20 مادة, لذا عرضت علي المجلس العسكري قبل اختيار اللجنة التأسيسية ووقوع الأزمة اقتراح بتشكيل لجنة لاعداد وصياغة الدستور تضم10 من الكتاب والادباء والمفكرين لأنهم أكثر حلما وأوسع أفقا وممثلون عن النقابات وأساتذة القانون, قائلا الاقتراح كان قد أثني عليه الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء السابق, ولكن لم يرد المجلس العسكري علي هذا الاقتراح, وحذرت مسبقا من قيام مجلس الشعب بوضع الدستور فلا يجوز أن تكون أي سلطة من السلطات الثلاث منشئة للدستور, فالسلطة التشريعية من خلق الدستور وليس الدستور من خلق السلطة التشريعية. اللجنة نتاج أخطاء سياسية يؤكد الدكتورحسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو المجلس الاستشاري أن تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور أثارمنذ البداية مشكلة كبيرة لأن هناك خطأ وقعت فيه ادارة المرحلة الانتقالية ويتمثل في التعديلات الدستورية وما جاء بعدها في المادة60 من الاعلان الدستوري حيث جعلت تشكيل اللجنةالتأسيسية من اختصاص الأعضاءالمنتخبين لمجلسي الشعب والشوري القادمين, فلم يكن تعديلا موفقا علي الاطلاق, لأن البرلمان هو إحدي السلطات في أي نظام سياسي, والدستور هو الذي يحدد الاختصاصات بين السلطات الأساسية الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية والتوازن وأدوات الرقابة وآليات العمل فيما بينهما, وبالتالي لا يجوز لسلطة وحيدة أن تكون لها اليد العليا في وضع الدستور, ويقول الدكتور نافعة ان الأزمة السياسية الطاحنة التي نمر بها أفرزتها عمليات متراكمة لأخطاء سياسية تراكمت من المرحلة الانتقالية, ومن الممكن الخروج منها اما بمواجهة سياسية من المجلس الأعلي للقوات المسلحة ليضع الأمور في محلها وإما انتظار حكم القضاء الذي إمل أن يكون موضوعيا بحيث يعمل علي تصحيح الأوضاع. الدستور ليس مالكا للبرلمان وأوضح البدري فرغلي عضو مجلس الشعب عن الدائرة الأولي في بورسعيد أن الدستور ليس ملكا للبرلمان ولكنه ملك للشعب والبرلمان ليس ضمن اختصاصه اعداد أو صياغة الدستور, من الممكن أن يشارك البرلمان في وضع الدستور ولكن بنسبة معقولة لأن هناك فئات وطبقات وقوي سياسية أخري يجب لا تستبعد عن المشاركة في وضع الدستور ولا يمكن أن يكون لكل أغلبية برلمانية دستور. موضحا أن اللجنة التأسيسية معادلة صعبة فلم تعد المشكلة الآن خلافات بين أعضاءالبرلمان حول أعضاء اللجنة بل تخطت حدود البرلمان وأصبحت أمام الرأي العام, معتقدا أن ما يراه الرأي العام في مصر هو الذي يحل الأزمة وهو يتجه الآن بقوة وعنف لرفض أي سيطرة سياسية أو دينية علي اللجنة التأسيسية لأنها تضع دستورا دائما وأغلبية اليوم ليست أغلبية الغد, وأكد أن البرلمان كان واجبا عليه أن يكون أداة تنظيمية فقط للمادة60 من الاعلان الدستوري, وأن يختار أعضاء اللجنة التأسيسية بدلا من الشعب من بين أشخاص يمثلون أطيافا داخل المجتمع من جميع النقابات وكافة الاحزاب وأساتذة الجامعات والعمال والفلاحين والمرأة والشباب لا أن يختار نفسه. وأقترح البدري للخروج من هذه الأزمة تشكيل لجنة من المجلس الأعلي للقضاء و المحكمة الدستورية العليا والهيئات القضائية الأخري لترشيح أعضاء للجنة التأسيسية طبقا لقواعد معينة علي أن يختار مجلس الشعب100 عضو ممن ترشحهم الهيئات القضائية. بلدنا ينبض بالحياة وتؤكد نهاد أبو القمصان عضو المجلس القومي للمرأة وخبيرة حقوق الانسان ان تشكيل الجمعيةالتأسيسية لوضع الدستور جاء صادما للمجتمع المصري ومخالفا لكل ما وعدت به الأغلبية سواء في حزب الحرية والعدالة أو في حزب النور وهذا التشكيل أثبت أننا أمام حالة من الرغبة في الاستحواذ علي السلطة, كما انه لم تتبع حتي أصول اللياقة ولم تراع مطالب المرأة فالمجلس القومي للمرأة كان قد طالب بتمثيل المرأة في اللجنة التأسيسية بنسبة30% علي الأقل وتم ارسال قائمة بأسماء المرشحين من قبل المجلس القومي للمرأة ولم يلتفت للقائمة ولم يتم اختيار أي امرأة من بينها وتم تمثيل المرأة بنسبة6% الرقم الذي لا يصلح الا لفيلم عربي رخيص ولا يصلح لبناء بلد. أما علي المستوي القانوني توضح نهاد أن اللجنة التأسيسية كلها في مهب الرياح لأن هناك حوالي600 طعن أمام القضاء الاداري أي أكثر من عدد أعضاء مجلسي الشعب والشوري, كما أن هناك طعونا أمام المحكمة الدستورية العليا فشرعية المجلس مهددة ومشاركة50% منه في اللجنة الدستورية تهدد أيضا اللجنة الدستورية في حال الحكم بحل البرلمان, موضحة أن هناك حملة استباقية ضد القضاء المصري ومن يشنون تلك الحملة كانوا يشيدون باشرافه علي الانتخابات فاذا استفادوا من النزاهة يشيدوا به واذا استشعروا خطرا قاموا بحملة للتشكيك فيه.