فى كتاب الباحث البريطانى مارك كورتيس «التاريخ السرى لعلاقة بريطانيا مع الأصوليين» ما يكشف فيه عن دور الإخوان والجماعات الإسلامية فى تنفيذ السياسات البريطانية، ومن ذلك ما نقله عن الوثائق السرية للمخابرات الخارجية من تقارير ومراسلات تحدد دورها بأنه «سلاح يمكن استخدامه»، وقد استخدمت الحكومة البريطانية هذا السلاح بوضوح للإطاحة بنظام عبدالناصر وعقدت صفقة مع الإخوان بأن يكونوا هم البديل الذى يحكم مصر بعد نجاحهم فى التخلص منه. وفى الوثائق البريطانية السرية التى رفعت عنها السرية أخيرا، تقارير عن اتصال مسئولين بريطانيين بالإخوان فى عام 1941 وقدموا الأموال لمساعدة الجماعة على تسليح وتدريب أعضائها ولم يكن الملك فاروق يمانع فى ذلك وقد أبدوا له الطاعة وأعلنوا أنهم يعملون لخدمة جلالته بمطاردة الشيوعيين والسيطرة على النقابات والجامعات وضمان ولائها للتاج، وبعد فترة اكتشفت السلطات مخازن أسلحة سرية للإخوان، وبدأ التنظيم الخاص فى اغتيال شخصيات قضائية وسياسية مما يدل على أنها خرجت على السيطرة فتم حل التنظيم عام 1941 وكان ذلك سببا فى اغتيال الإخوان للنقراشى وهو رئيس الوزراء وزير الداخلية. وفى تقرير عام 1951 عن استعداد الجماعة للقاء مع البريطانيين والتعاون معهم على الرغم من الخطب والتصريحات العلنية من قادتهم المعادية للاحتلال والهجمات التى تنفذها مجموعات منهم على المعسكرات البريطانية مع جماعات أخرى من الفدائيين، وعرضت الحكومة على المرشد العام (المستشار حسن الهضيبي) رشاوى ضخمة مقابل منع الإخوان من ارتكاب مزيد من أعمال العنف، وفى عام 1953 قال فيه ممثل الجماعة (صالح أبو رقيق) لمستشار السفارة البريطانية فى القاهرة: «إن مصر إذا بحثت فى كل العالم عن صديق لها فلن تجد سوية بريطانيا»، وسارع مستشار السفارة بإرسال برقية سرى إلى وزارة الخارجية معلقا أهمية كبيرة على هذا التصريح واعتبره بداية لزيادة التعاون، وفعلا بدأت جماعة الإخوان عام 1953 فى إثارة القلاقل لعبدالناصر بمقاومة الإصلاح الزراعى واستخدموا الدين بادعاء ان ذلك يعارض الشريعة، وبدأوا خطة لتدمير الجيش ينفذها التنظيم السرى إلى أن حدث صدام مع الجيش وانتهى بحل الجماعة فى عام 1954 وفى أكتوبر من هذا العام كانت محاولة التنظيم السرى للإخوان اغتيال عبدالناصر والادعاء بأن هذه كانت تمثيلية أراد بها عبدالناصر اكتساب الشعبية التى كان يفتقدها بعد الإطاحة بمحمد نجيب! وبعد ذلك نجد فى التقارير السرية ان جماعة الإخوان بدأت فى التعاون مع الأمريكيين والبريطانيين فى الوقت نفسه لتنفيذ سلسلة من المؤامرات ومحاولة الانقلاب على الحكم فى مصر وسوريا والسعودية تنفيذا لسياسة القضاء على فيروس القومية العربية. وفى مذكرة بالغة السرية لوزارة الخارجية يطلب الرئيس الأمريكى أيزنهاور من الحكومة البريطانية إعداد «خطة ميكيافيلية رفيعة المستوى للتوصل إلى أوضاع فى الشرق الأوسط مناسبة لتحقيق مصالحها بتقسيم العرب وهزيمة أهدافهم». وفى التقارير ان جماعة الإخوان استعانت بضباط ألمان فى بناء الجناح العسكرى وكانت تحصل على التمويل من بريطانيا وفى اجتماع بين مسئولى السفارة البريطانية فى القاهرة وبين أمين عثمان باشا رئيس وزراء مصر تم الاتفاق على ان تدفع الحكومة المصرية سرا وستقدم السفارة ما تحتاجه الجماعة ونوقش فى هذا الاجتماع ما تقوم به الجماعة من عمليات تخريب وتجسس ووجود فرق انتحارية فى تنظيماتها. هذا قليل جدا مما كشف عنه الستار وقد ذكر لنا مارك كورتيس بالوثائق ما يؤكد ما كان الإخوان يشككون فيه وكيف امتدت العلاقة إلى إسقاط حكومة القومية العربية فى الأردن ومحاولات الانقلاب فى سوريا والعراق ويجب ان يعلم المصريون والعرب جميعا طبيعة تكوين هذه الجماعة التى لم تتغير فما فعلوه فى الماضى هو هو ما يفعلونه فى الحاضر والتآمر والنفاق جزء أساسى من طبيعة تكوينهم. لمزيد من مقالات رجب البنا