لعل من أهم ما أسفر عنه مؤتمر تجديد الخطاب الديني، الذى عقدته وزارة الأوقاف يومى أمس وأمس الأول، التشديد على أن هذا التجديد ليس مسئولية المؤسسات الدينية وحدها، بل هى مسئولية مشتركة بين كل مؤسسات الدولة، السياسى منها والثقافى والاجتماعى والإعلامى والتربوى والفني. ويمكن القول إن لحظة الحقيقة قد آن أوانها الآن، وهذه الحقيقة هى أن المجتمع المصرى كله بات فى أمس الحاجة لتجديد الخطاب الديني، لأن هذا الشعب ظل دائما ومازال ينظر للدين، سواء الإسلام أو المسيحية، باعتباره المعيار الذى يقيس عليه كل شيء، إن المصريين هم بطبيعتهم ناس متدينون، وأى محاولة لتحييد الدين وركنه على جنب سوف تبوء دائما بالفشل، مهما حاول المتشدقون دعاة الحداثة والتغريب والعلمانية المغلوطة. ولقد بدا واضحا من كلام المتحدثين فى المؤتمر، أن تجديد الخطاب الدينى لا يمكن أن يقتصر على جانب من جوانب الحياة دون سواه، وعلى سبيل المثال عندما تحدث وزير الشباب فإنه أشار إلى نقطة فى منتهى الخطورة، قال إن من الضرورى ربط الخطاب الدينى بالواقع الحقيقى لشباب اليوم، وطالب بانتقال هذا الخطاب من مرحلة التلقين إلى مرحلة التفاعل وإعمال العقل والمناقشة الجادة. ثم عندما تحدث الفنان محمد صبحي، أشار بدوره إلى نقطة فى غاية الأهمية، وهى أن الأعمال الفنية هى الأكثر تأثيرا الآن فى عقول الناس فى بر مصر، خاصة الشباب منهم، واعترف الرجل بأن الكثير من تلك الأعمال الفنية لم يعد يحترم القيم والثوابت الأخلاقية لهذا الشعب، وبناء على ما قاله صبحي، فإن تجديد الخطاب الدينى يقتضى أيضا تجديد الخطاب الفنى والثقافى فى المجتمع. إلا أن أهم ما أشار إليه صبحى هو تفشى الأمية الدينية، أكثر مما تفشت الأمية العلمية.. وهنا نتساءل: كيف ستجدد خطابا دينيا فى قوم نصفهم تقريبا أميون؟ وهل يستطيع غير المتعلم فهم قواعد دينه فهما صحيحا؟ ويبقى التأكيد أنك لا يمكن أن تجدد الخطاب الدينى عند المصريين قبل أن تحل لهم مشكلة غياب العدالة الاجتماعية.. وهذا ما ينبغى أن نهتم به من الآن فصاعدا. لمزيد من مقالات رأى الاهرام