إن صلة الرحم تزيد في الرزق وتبارك في الأجل، وتجلب رضى الرب جل وعلا، ولقد هجر الناس هذه الأيام ذوي الأرحام -إلا من رحم ربي-، وأصبح الناس لا هم لهم إلا الدنيا والعمل، ولسان حالهم يقول "نفسي نفسي، الوقت ضيق، لا أحد ينفع أحدا"؛ فانعدمت بذلك البركة، وضاعت الألفة التي كانت تجلب رضى الرحمن جل وعلا، فهناك من لا يذهب لزيارة والديه إلا كل عدة شهور ومن لا يذهب إلا كل سنة ومن لا يذهب إطلاقا ويقاطع والديه هذا بالنسبة للوالدين فضلا عن هجر بقية الأقارب، فالكل غارق في دنياه تائه فيها، ويسأل لماذا لا يبارك لنا في أموالنا؟!! روى أبو هريرة رضي الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من سره أن يبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه" (رواه البخاري)؛ فلا بد إذن من صلة الرحم فإنها تجلب مرضاة الرب ورحمته جل وعلا. لا بد أيضا من مساعدة الآخرين والوقوف بجوارهم؛ لأن ديننا الحنيف حثنا على ذلك وأمرنا بالمودة والتواصل فيما بيننا، ولا بد أن يشعر المسلم بأخيه المسلم ويهتم بأمره فمن يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، فكما في الحديث "من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة"، "والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه"، فأين نحن من هذه المعاني السامية؟! فعندما يعطف الغني على الفقير فيدعو اللهَ له بالبركة فتعم البركة ماله وولده ويعيش المجتمع في أمن وسلام، أما عندما يشح الأغنياء بمالهم ويمنعونه الفقراء فينتشر الحسد والحقد، وتزول البركة، وتنتشر الكراهية والسرقات، وينعدم الأمن والسلام، ويصبح الناس كأنهم في غابة؛ بسبب بعدهم عن أخلاقيات دينهم الحنيف، دين الأمن والسلام. وأيضا فإن المسلم لا بد له أن يتوجه إلى ربه، ويعلم أن من أسباب الرزق دعاء الله تبارك وتعالى فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها"، قالوا: إذن نكثر الدعاء، قال: "الله أكثر". وقال: "إنه من لم يسأل الله تعالى يغضب عليه". وقال عليه الصلاة والسلام: "أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام" فأين نحن من الدعاء؟!، فلا بد أن نكثر من الدعاء لأنا نحن الفقراء والله هو الغني. لمزيد من مقالات د . جمال عبد الناصر