استخراج اسماء المشمولين بالرعاية الاجتماعية الوجبة الاخيرة 2024 بالعراق عموم المحافظات    تمويل السيارات للمتقاعدين دون كفيل.. اليسر    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    سفير تركيا بالقاهرة: مصر صاحبة تاريخ وحضارة وندعم موقفها في غزة    نيفين مسعد: دعم إيران للمقاومة ثابت.. وإسرائيل منشغلة بإنقاذ رأس نتنياهو من المحكمة    رئيس إنبي: من الصعب الكشف أي بنود تخص صفقة انتقال زياد كمال للزمالك    «هساعد ولو بحاجه بسيطة».. آخر حوار للطفلة جنى مع والدها قبل غرقها في النيل    رابط نتائج السادس الابتدائى 2024 دور أول العراق    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    بيكلموني لرامي جمال تقترب من 9 ملايين مشاهدة (فيديو)    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    ضميري يحتم عليّ الاعتناء بهما.. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهسه سيدتين    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    نائب محافظ بنى سويف: تعزيز مشروعات الدواجن لتوفيرها للمستهلكين بأسعار مناسبة    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    حلمي طولان: حسين لبيب عليه أن يتولى الإشراف بمفرده على الكرة في الزمالك.. والفريق في حاجة لصفقات قوية    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    «معجب به جدًا».. جوميز يُعلن رغبته في تعاقد الزمالك مع نجم بيراميدز    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    شارك صحافة من وإلى المواطن    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    مواصفات سيارة BMW X1.. تجمع بين التقنية الحديثة والفخامة    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة والإعلام .. بين الحرية والمسئولية
الحريات ليست مطلقة وهى فى حاجة دائمة إلى حماية وإلا تنقلب إلى فوضى
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 05 - 2015

بمناسبة مايثار حول إعداد مشروعات قوانين الصحافة والاعلام، وقيام اللجنة الوطنية المشكلة لإعداد تشريعات الصحافة والاعلام خلال الاسبوع الجارى وإعداد مشروع الصيغة النهائية للمشروعات، والتزاما بأحكام الدستور الجديد الذى اكدت نصوصه ترسيخ حرية الرأى والتعبير والاستقلال المادى والفنى والادارى للمؤسسة الصحفية والاعلامية، وماحفلت به نصوص الدستور من تنظيم شئون الاعلام وشئون الصحافة،
وقيام مجلس اعلى يكون مسئولا عن ضمان وحماية حرية الصحافة والاعلام، والحفاظ على استقلالها وحيادها، وتعددها وتنوعها، ومنع الممارسات الاحتكارية ومراقبة سلامة مصادر التمويل، ووضع الضوابط العامة اللازمة لضمان التزام الصحافة والاعلام بأصول المهنة واخلاقياتها، ومقتضايات الامن القومي. لذلك فإن الامر يتطلب لأهمية الموضوع، واتصاله بالحريات والحقوق ومقتضيات الامن القومى فى البلاد، طرح القضايا والآراء للحوار المجتمعصى وتبادل مختلف الاراء قبل الانتهاء من الصياغة النهائية لتلك التشريعات حتى تحقق مقصودها من الحرية والمسئولية، بعد تاريخ طويل من التجارب فى الحياة الصحفية والاعلامية فى مصر وحول الاعلام والصحافة بين الحرية والمسئولية يقدم الدكتور شوقى السيد الفقيه القانونى رؤيته للقضية في المقال التالى..

الموضوع يحمل مفردات قديمة ، وربما تكون مكررة ، اهتم بها الخبراء والعلماء والباحثون من قبل وكتبت عنها منذ أواخر التسعينيات بتاريخ 9/11/1997 ، 7/6/2000 فى صحافة الأهرام، وكذلك أخبار اليوم والاخبار بتاريخ 18/4/1998 ، 29/3/2006 مؤمناً بحرية التعبير مدافعاً عن حمايتها ، كما أعددت عدة بحوث كان من بينها بحث أمام مؤتمر الاتحاد العالمى للمجالس الصحفية الذى انعقد فى القاهرة فى أبريل 2000 عن » الصحافة المسئولة وحق المجتمع وحرمة الحياة الخاصة« كما شاركت فى مناقشة بعض الرسائل العلمية والمؤتمرات المرتبطة بهذا الموضوع .
الحريات ليست مطلقة
ويظل الأمر حياً مستمراً ومتجدداً ، تتزايد أهميته فى كل مرة عندما تهتز قواعد المسئولية والمساءلة فى مواجهة ممارسة الحرية ، خاصة عندما تطلق لنفسها العنان بغير حدود أو ضوابط ، ولهذا وجبت العناية بالحرية والمسئولية فى مجال الصحافة والاعلام ، للإحاطة والتنبيه ودق ناقوس الخطر ، ويعبر عنها أحياناً ب«الحرية المسئولة» ومع ذلك يقع الخلاف دوماً بين الإفراط والتفريط ، وبين هذا وذاك هناك حقيقة ثابتة أن الحريات ليست مطلقة ، وأنها - أى الحريه - اذا كانت كلمه نفاذة براقة .. ومعناها ساحر ، فإنه يزداد بريقها فى مجال الرأى والتعبير ، وهى دوماً فى حاجه إلى حماية ، وإلا كانت بغير معنى ، ومن ثم تنقلب إلى فوضى تصيب المجتمع فى مقوماته وقيمه ومبادئه كما تصيب حريات وحقوق الآخرين، لهذا كانت ضرورة حمايتها أمراً مقضياً ، بتوفير الضمانات التى تحاط بها ، بالواجبات والالتزامات ومراعاة الحقوق الأخرى ، ومن هنا كان التأكيد على أن الحرية دوماً تقابلها المسئولية، حماية للحرية ذاتها .
ولعل ما شاهدناه ونشاهده هذه الايام من تجاوزات ازدادت ضراوة ، حتى شهد بذلك رجال الصحافة والإعلام أنفسهم ، أسفاً وتضرراً ، واحساساً بالخطر على حرية الصحافة والإعلام ذاتها ، وهى تهدد أمن المجتمع ومقوماته وقيمه وأخلاقه ، وتهيئ الناس للوقوع فى المغالطات والاستنفار أو إلهائهم عن قضايا المجتمع أو إفساد الأخلاق ، أو خلق الصراعات وتطاير الشظايا وإشعال الحرائق ، فى مرحلة هامة يمر بها الوطن ، تقتضى الاتحاد والائتلاف والبعد عن الخلاف والإنقسام ، خاصة اذا كانت مسئولية الاعلام والصحافة هى التنوير والمعرفة ، والتعبير عن الرأى العام وصياغته وتكوينه ، لمصلحة الوطن والمواطن وبالنقد الموضوعى البناء ، اذ سجل التقرير الاستراتيجى للأهرام فى عدده الجديد الصادر 2015 تحليلاً موضوعياً أميناً عن » الانفلات الإعلامى » ، موضحاً مظاهرة وأسبابه وآلياته وطبيعته بعد ذلك الفهم الخاطئ لحرية الإعلام من جانب بعض الإعلاميين ، على مستوى الإعلام الحكومى والخاص ، فإتجه البعض إلى الإثاره وتصفية الحسابات على حساب المصلحة العامة ، واتجه البعض الآخر إلى تغليب المصالح الخاصة ، واتجه آخرون إلى تقسيم المصريين وإيقاع الخلاف بينهم رغم أن الإعلام مسئول عن تشكيل ما يهم الرأى العام بقصد البحث عن الحلول دون إثارة ، ومسئول عن إعادة الثقة بترسيخ الحيدة والنزاهة بعد أن انصرف الناس عن المشاهده ، كما سجل التقرير أيضاً دور الإعلام المصرى فى مواجهة العنف والإرهاب وضرورة التحول الرشيد للإعلام الحكومى إلى إعلام الخدمة العامة لتحقيق الحرية المسئولة، والحفاظ على الوحدة الوطنية وتماسك المجتمع والمنافسة والتطوير وتعزيز المسئولية المهنية الوطنية ومشاركة الجمهور .
كما عبّر عن هذا التجاوز والانفلات كذلك ، اصدارات بعض الصحف ، والتعليقات والبرامج بالإعلام ، تأكيداً لما نشاهده ونراه على الشاشة الصغيرة كل يوم أو ما نقرأه بالصحافة على صفحاتها من خروج عن دائرة المسئولية ، وتجاوز التعبير والنقد ضد قيم المجتمع ومبادئه ومقوماته الأساسية ، بل وتمتد أحياناً إلى إطلاق أخبار كاذبة غير صحيحة أو غير دقيقة ، وهو ما عبرت عنه صاحبة الجلاله نفسها، ووصفتها بأنها صحافة المال السياسى «جريدة الشروق» ، وفضائيات الأكاذيب «جريدة الأهرام» وأن الإعلام أصبح فى غرفة الإنعاش «جريدة الوطن» وأنه فى حاجة إلى من ينقذه فانصرف الناس عن المشاهدة، وتغاضى بعضهم ومنهم مسئولون كبار عن الشكوى والمخاصمة ، درءاً لمزيد من التصادم والتصاعد وتشابك الأزمات .
مواجهة الانفلات
لهذه الأسباب كانت مواجهة الانفلات والتجاوز واجبة حماية «لحرية الصحافة» والإعلام، وهى تأتى أولاً بمبادرة ممن يحملون فى أعناقهم حمايتها وحريتها وأخلاقياتها والالتزام بمواثيق شرفها، وهو ما يعنى أن حمل مسئولياتها يقع على عاتقها والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم لأداء واجباتها ، لأنه وبحق كما أشار جيمس كوبر » أن الصحافة اذا كانت خادما أمينا ، فإنها فى ذات الوقت سيد مرعب ، واذا كانت حارسة للمجتمع وحقوق الناس ، فإنها فى حاجة إلى من يحرسها ويراقبها ،
وهى أيضاً اذا كانت حرة فإن عليها أن تراقب نفسها بنوع من الرقابة الذاتية، وكان ذلك كله السبب فى ميلاد المجالس الصحفية لعدد كبير من الدول ، والحاجة إلى رأى جماعة المواطنين لتدعيم مسئولياتها والنقد الذاتى والرقابة الذاتية، فكان ميلاد المجالس الصحفيه منذ أكثر من قرن من الزمان عام 1912 فكانت النرويج والسويد تحديداً من أوائل الدول التى أخذت بالمبادرة وقتها ، كما كان صندوق ميليث ، الذى استهدف تشجيع الأداء المسئول للصحافة دون انتهاك لغيرها من حريات ، ومن بعد صندوق القرن العشرين وهى مؤسسة فى نيويورك بتمويل » مجلس الصحافة القومى للصحفيين، يختص بالإعلان عن المسئولية الصحفية وحماية حرية الصحافة وأن يكون هناك حرس للقائمين على حراستها حماية للثقة فى الصحافة والإعلام ، لأن الثقة فيها أعلى فى نظرهم من الثقة فى البنوك ذاتها ، ولهذا فإن مدى نجاح الصحافة والإعلام فى حماية نفسها وتدعيم حريتها يرتبط بمدى قدرتها على إعلاء قواعد المسئولية والحساب بشجاعة وبغير انحياز.
أما عن حرية الصحافة والإعلام ذاتها ، فإن مصدرها تلك الحقوق الأساسية لحرية التعبير .. وحرية الرأى .. وحق النقد .. باعتبارها من بين الحقوق الاساسية والطبيعية الملاصقه للإنسان ، ومن ثم تجد اصولها فى «القانون الطبيعى» السابق على المواثيق الدولية ذاتها ، واحكام الدساتير ونصوص القوانين، والتى يقتصر دورها على تأكيدها وحمايتها منذ العهد الأعظم Magna Carta واعلان الحقوق بالولايات المتحدة Bill of right .. واعلان الثورة الفرنسيه لحقوق الانسان .. هذا التطور الذى انتهى الى الاعلان العالمى لحقوق الانسان عام 1948 والحقوق المدنية والسياسية سواء كانت هذه المواثيق والاعلانات الدولية والاتفاقيات على المستوى العالمى أو المستوى الاقليمى أو التشريعات الوطنية.
وقد ترتب على اقرار تلك الحريات، والالتزام بها ، تدخل السلطة العامة لتعزيز الحماية القانونية لها، وألقاء الواجبات عليها ، لمباشرتها ، ويترتب على تلك الحماية القانونية اختلاطها بمعنى الحق وتداخلهما فى معنى مشترك .. لهذا كان الحق فى التعبير حقا دستوريا تلتزم الدولة بإقراره وتحديد مضمونه .. وبيان تلك الحريات والحقوق التى هى من واد واحد حيث تلتزم الدولة بتوفيرها والتمكين لها
التوازن فى النظام القانونى
وفى اطار الحماية المقررة لتلك الحقوق والحريات والتى منها حرية التعبير والرأى .. وحرية الصحافة والنشر والإعلام، ينبغى ان يتحقق التوازن فى النظام القانونى، وحماية المصالح الأجدر بالرعاية فى المجتمع ، بالنظر الى اهميتها وشدة الحاجة اليها ، سواء كانت تلك المصالح مصالح المجتمع العليا .. أو مصالحه العامة والجماعية أو مصلحة الافراد على السواء ، كما انه فى مجال التوازن يجب أن يتحقق المبدأ الذى يؤكد أن الحقوق والحريات ليست حقوقاً مطلقة لا حدود لها، وان ممارستها لا يجوز ان تخلو من الضوابط ، او أن يستقل صاحب الحق او الحرية بتحديدها .. فالحق فى التعبير مثلا لا تجوز ممارسته بصورة مطلقة مساساً بمقومات المجتمع واخلالاً بمبادئه العليا، أو المساس بالحياة الخاصة للمواطنين .. أو إخلالاً بحماية الحق فى الشرف والاعتبار ..اذ تجد الحرية دوما حدها فى حماية الحقوق والحريات الاخرى وغيرها من القيم الدستورية ،وهو ما ينبغى معه ان تقوم هذه الحماية بغير تصادم بينها، بل ينبغى ان تتضافر الجهود لتكون لها الحماية ، واذا كانت نسبية هذه الحقوق امراً مسلماً ، فان هذه النسبية ينبغى الا تبلغ مبلغ التقييد المرهق .. فلا يجوز تقييدها بأغلال تحد من ممارستها سواء ناتجة عن فرض قيود مسبقة على نشرها، أو عن طريق عقوبات تتوخى قمعها ، لانه اذا كفل الدستور حقا من الحقوق فإن القيود عليه لا يجوز أن تنال من محتواه إلا بالقدر والحدود التى ينص عليها الدستور ذاته .. لهذا فإذا كانت حرية التعبير والنشر لا يجوز المساس بها ، فإن ممارستها تتقيد بمراعاة الحقوق الاخرى حماية للنظام العام .. واحتراما لحرية الآخرين
المصلحة تستوجب حماية الحرية
وتستوجب المصلحة العامة دوماً حماية الحرية .. فى مواجهة الحقوق والحريات .. ومنها حق التعبير فى الصحافة والإعلام وغيرهما من وسائل التعبير علناً ، كما أن حقوق الإنسان وحمايتها لا يجوز التضحية بها فى غير ما ضرورة أو موجب لمصلحة اجتماعية أعلى منها يكون لها الاعتبار الأقوى .. لهذا كانت الحرية فى أبعادها الكاملة لا تنفصل عن حماية المجتمع ومصالحه أو حرمة الحياة الخاصة ، وكلما ازدادت الحماية تزايدت معها المسئولية وبدت هذه المسئولية حماية للحرية ذاتها وسبيلا لنفاذها، سواء فى حماية حقوق المجتمع ذاته أو فى حماية حرمة الحياة الخاصة وتطالعنا التشريعات .. وتتطور المواثيق لتؤكد لنا هذه الحقيقة ، لكن المشكلة تبدو عند الممارسة والخروج على قواعد المسئولية والحماية ، وتتعهد الدولة بحماية حرية الفكر والرأى والأبداع والمعرفة والملكية الفكرية ، وقد نجت جرائم السب والقذف من عقوبة الحبس ، إلا أن جرائم التحريض والعنف والتمييز أو الطعن فى الأعراض فقد ترك الدستور للقانون تحديد عقوبتها ، ومازال قانون العقوبات يحدد لها عقوبة الحبس وجوباً لخطورتها وضرورة حمايتها .
ولقد جمع دستور الثورة 2014، مجموعة من المواد بلغت نحو خمس عشرة مادة ، ترسخ جميعها لحماية الرأى والإبداع والصحافة والطباعة والنشر والإبداع والمعلومات واحترام الأمن القومى للبلاد ومقومات المجتمع المصرى وحقوق الأخرين ، ومن يتصور أن اطلاق حق الرأى والتعبير فى الاعلام والصحافة.. اطلاقاً بغير قيود .. يهددون حرية الصحافة ذاتها ، ويناقضون مبدأ مسئوليتها أو مساءلتها ، وهو المبدأ المقرر الذى لا تختلف عليه المبادئ والمواثيق الدولية التى تعمل على رعاية حرية الصحافة والإعلام وحماية أبنائها ، وهى قيم عليا لا تنفصل عن مبادئ الديمقراطية وقواعدها .
حماية دستورية
هذه الحرية فى مجال التعبير والإعلام والصحافة كفلها دستورنا الجديد 2014 فى مقدماته ومبادئه، وفى مواده ، بفصل كامل بالمقومات الثقافية ، وهى مبادئ وقواعد مقررة فى أى تنظيم ديمقراطى، لأنها تكفل تبادل الآراء وتفاعلها ، ومن خلالها يتم تلقى أو تبادل المعلومات أو الأفكار ، فهى قيمة عليا لا تنفصل عن الديمقراطية ، وعلى ضوئها تنمو الشخصية الفردية وتسهم فى الحياة العامة ، وقد أكدت هذه الحرية المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وعلى رأسها الإعلان العالمى لحقوق الانسان لسنة 1948 ( المادة 19 ) والاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 وتعد حرية الإعلام التى تتفرع عنها حرية الصحافة من صور حرية التعبير الأكثر أهمية والأبلغ أثراً ، ولهذا كفلها الدستور بنصوصه فحظر الرقابة على الصحف أو إنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإدارى واعتبرها تمارس رسالتها على الوجه المبين فى الدستور والقانون ، وأن الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام أحد أركان الديمقراطية ، على أساس أن حرية الإعلام تعنى حق الشعب فى تلقى المعلومات فى الشئون العامة حتى يتمكن من المشاركة السياسية بوصفها أحد دعائم الديمقراطية، ومن هذا المنطق ، فإن مقتضى واجب الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام إنارة الشعب بكل المسائل التى تحظى بالاهتمام العام وتحقيق مصالحه ، بقصد المصلحة العامة للوطن ، وحق المواطن فى المعرفة ، وإنارة السبل إلى الارتقاء والتقدم .
وإذا كان الأصل أنه لايجوز تقييد حرية الصحافة والإعلام حتى يظل عطاؤه متدفقاً دون انقطاع، فقد أكدت المحكمة الدستورية العليا أن الطريق إلى السلامة القومية إنما يكمن فى ضمان الفرص المتكافئة للحوار المفتوح ، ومن ثم كان منطقياً أن ينحاز الدستور إلى حرية النقاش والحوار فى كل أمر يتصل بالشئون العامة ، ولو تضمن انتقاداً حاداً للقائمين بالعمل العام ، إذ لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره حكماً ولو كان معززا بالقانون ، لأن حوار القوة إهدار لسلطان العقل ولحرية الإبداع والخيال ، وهو فى كل يولد رهبة تحول بين المواطن والتعبير عن آرائه ، مما يعزز الرغبة فى قمعها ، ويكرس عدوان السلطة العامة المناوئة لها ، ما يهدد فى النهاية أمن الوطن واستقراره، كما أكدت المحكمة الدستورية العليا أن الدستور كفل للصحافة حريتها، متوخياً دوماً أن يكرس بها قيما جوهرية يتصدرها أن يكون الحوار بديلاً عن القهر والتسلط ، ونافذة لإطلال المواطنين على الحقائق التى لا يجوز حجبها عنهم ، ومدخلا لتعميق معلوماتهم ، وأن الصحافة تكفل للمواطن دوراً فاعلا ، وعلى الأخص من خلال الفرص التى تتيحها له للتعبير عن الآراء التى يؤمن بها ويحقق بها تكامل شخصيته، فلا يكون سلبيا منكفئا وراء جدران مغلقة ، أو مُطارداً بالفزع من بأس السلطة وعداونها ، ومع ذلك فإن تلك الحرية ليست مطلقة ، فلا يجوز الانحراف فى ممارستها ومقتضياتها من خلال تجاوز أطرها الدستورية المقررة والا انقلبت على نفسها .
المسئولية الضمان الوحيد
فالمسئولية عند التجاوز فى النقد والتعبير والرأى هى الضمان الوحيد لحماية الحرية والداعم لانطلاقها ، وبقدر إقرار المسئولية تكون الحرية مضمونة بغير نقاش ، فالقانون حين يصون حرية الإعلام والصحافة يكفل فى الوقت ذاته عدم تجاوز هذه الحرية بما يضمن عدم إخلالها بما يعتبره الدستور من مقومات المجتمع ، ومساساً بالحقوق والحريات والواجبات العامة ، وبهذه المناسبة أكدت المحكمة الدستورية العليا أن الانحراف عن هذه القيم الدستورية أو التناقض معها يجعل حرية التعبير وما يقترن بها فوضى لا عاصم من جموحها تعصف بشططها ثوابت المجتمع ، وما أكدته محكمة النقض كذلك إن المشرع إذ يلتزم بالقيم الخالدة مناراً والأخلاق العامة نبراسا فقد نظم حرية التعبير للوقاية من سطوة أقلام قد تتخذ من الصحف أداة للمساس بالحريات أو النيل من كرامة الشرفاء ، فالحرية فى سننها لا تتصور انفلاتاً من كل قيد ولا اعتداء على حقوق الغير ولا تسلطاً على الناس وألا انقلبت إلى الفوضى بعينها .
والذين يرفضون دراسة الواقع وتطوره، وما جد عليه من تغير فى أحوال البلاد السياسية .. والاقتصادية .. والاجتماعية للوقوف على أسبابه ، وما آل إليه حال الإعلام والصحافة باعتبارهما أكثر استجابة لانعكاساته، ويرفضون الاعتراف بتلك التجاوزات، ويغضبون من الحديث فيها .. وأحياناً يدافعون عنها .. ظالمه أو مظلومه بل ويوجهون الاتهامات لمن يناقشها بصراحة وموضوعية ، هؤلاء يساهمون بقصد أو بغير قصد فى إثارة الفوضى والاضطراب ويضربون حرية الصحافة والإعلام فى مقتل .
والذى يقلقنا حالياً ويقلق المجتمع بأسره ذلك الذى يجرى فى مصر حتى وإن لم يكن فريداً أو غريباً ، وحدث من زمن بعيد فى المجتمعات الأخرى » الأمريكية والأوروبية .. وغيرها » لكن استمرار هذه الحالة تصاعدا دون وقفة موضوعية نتأمل فيها حال الصحافة والإعلام لتصحيح مسارها يزيد من حالة القلق والخوف على حرية الصحافة والإعلام ذاتها، وأولى الناس بهذه الوقفة الموضوعية هم «أبناء المهنة أنفسهم» وضمير الحكماء منهم، للوقوف صفاً واحداً ضد القلة حتى ولو كان واحدا منهم لأن هذا «الواحد» لا يأخذه الناس بذنبه أو بجريرته وحده، وإنما يصيب المجتمع الصحفى بأسره !!
والذى حدث فى المجتمع المصرى، حدث من قبل فى مجتمعات متقدمة بسبب تحول الاقتصاد والنشاط التجارى كله إلى الحرية الاقتصادية ، ورواج التجارة ، وتأثير قوة رأس المال والتجارة .. حيث توجهت الصحافة نتيجة لهذا التطور إلى الإثارة، والقصص والروايات وكأنها حقيقه، ورفع الشعارات والاتهامات، والاهتمام بالعناوين البراقة، والصور المفزعة، وأخبار الجريمة، واتساع دائرة الاتهام للجميع بهدف الاعلانات، والتوزيع والكسب، ولقد شجع ذلك اقتصاديات السوق.. وقوة رأس المال، وزيادة الإصدارات، حتى ولو كان ذلك على حساب القيم والأخلاق والمجتمع، لهذا وجد فى أمريكا عام 1833 على يد Benjamin day صحافة نيويورك فى new York world بل وتطورت إلى وجود ما يسمى « بالصحافة الصفراء» واستمرت عام 1833 على يد الناشر Pulitze صحافة نيويورك ورلد new York world التى تستند إلى شخصية كرتونية صفراء، وظهور صحيفة new York morning عام 1895 ، بل ظلت هذه الأحوال وانتشرت ووصلت إلى بريطانيا حتى ظهرت «صحافة الشيكات» لكن تصدت لهذه الظاهرة لجنة للدفاع عن حرية الصحافة عام 1947 من أساتذة فى علوم الصحافة وحكماء يشكلون لجنة للدفاع عن حرية الصحافة واحترام تقاليدها، لتكون صحافة حرة مسئولة، ثم تشكيل مجالس الصحافة لتضبط إيقاع المجتمع الصحفى ليعود إلى المشروعية ومواثيق الشرف وتقاليد الصحافة .. فكانت فى بريطانيا «اللجنة الملكية الأولى» عودة للمسئولية الاجتماعية للصحافة، وصاحب ذلك كثرة لجوء القراء إلى القضاء، الذى اتسمت أحكامه بالشده .. فكانت الأحكام مواجهة شديدة لهذا التجاوز، بلغ العقاب فيها بملايين الدولارات ، سواء على الناشر أو الصحفى .. قصها علينا كتاب بعنوان مقاضاة الصحافة عام 1986 » جرائم القذف ، ووسائل الاعلام ، والسلطة » لأستاذة القانون » رودنى سموليا » بجامعة أركنساس والناشر جامعة أكسفورد ، والكتاب ملئ بهذه القضايا المثيرة التى بلغت التعويضات فيها بالملايين !! ومن أجل هذا وجدت الرقابة الذاتية .. وضمير الصحفى .. ومسئولية الناشر ودور مجالس الصحافة .. وأخيراً أحكام القضاء التى أراحت الرأى العام ، وأعادت الثقة بين القراء .. والصحافة .
تعالوا بنا أيها السادة نتذكر كتاب «رفاعة الطهطاوى» الذى كتب عام 1833 عن حرية الصحافة ورسالتها ، وما كتبه شباب الحزب الوطنى عن حرية الصحافة، وهى مؤلفات منذ عام 1879 .. ثم تعالوا نتذكر الأحكام العديدة بالبراءة أو بالغرامة، أو بالإدانة مع وقف التنفيذ أى «لا حبس» ثم تعالوا بنا أيها السادة لنرى مدونات الأحكام العديدة التى تناشد أصحاب الأقلام الشريفة ، والدعوة إلى الإلتزام، وتشير إلى أن الحرية ليست للفوضى.. وتناشد مواثيق الشرف.. وتناشد جهد نقابة الصحفيين .. وتناشد المجلس الأعلى للصحافة !! ثم تعالوا بنا أيها السادة لنرى مجلس القضاء الأعلى وهو يناشد كل هؤلاء بجلسات متعدده ناشد فيها نقابة الصحفيين والمؤسسات الصحفية والمجلس الأعلى للصحافة وضع الضوابط والقواعد ما يرعى الحدود بين ما هو حل مسموح، وبين ما هو اجتراء مذموم، يشذ عما أخذت به الصحافة عهودا طويلة ، وأن يكون رجال الصحافة من أنفسهم رقيباً عليهم يكفيهم عاقبة انتهاك محارم القانون.
واذا كان هناك صور لبعض اصدارات تعبر عن حال الإعلام والصحافة عندنا هذه الأيام.. فهل يستمر ذلك الحال طويلاً.. فى هذه الظروف الصعبة وكيف لنا مواجهتها مثلما حدث فى تجارب سبقتنا لدول أخرى.. وماذا عن دستورنا الجديد ونصوصه فى حماية حرية الإعلام والصحافة.. وضمان تلك الحرية بقواعد وأحكام تضمن الحيدة.. والموضوعية.. واحترام ثوابت المجتمع وحقوق الأفراد وحرياتهم .
الرقابة الذاتية
أما عن المواجهة فتظل الرقابة الذاتية Self Controle .. وضمير الإعلاميين والصحفيين أنفسهم وقواعد المساءلة والحساب .. وإيقاظ الضمير الوطنى.. وتفعيل دور نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة، ووضع التشريعات التى أوجب الدستور اصدارها، اذ وضع الدستور أحكاماً جديده ولأول مرة .. مستهدياً فى ذلك بما جرى فى الدول الأخرى تدعيماً لحرية الإعلام والصحافة .. وضماناً لتلك الحرية ، ففى باب نظام الحكم بين السلطات الثلاث السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية ، ضم فصلاً كاملاً عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فى المادة 211 وما بعدها ، بإنشاء هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الأعتبارية والإستقلال الفنى والمالى والإدارى ، وموازنتها مستقلة، لتنظيم الإعلام والصحافة بأنواعها .. وأن هذا المجلس الأعلى المستقل ، مسئول عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام والحفاظ على استقلالها وتنوعها .. ومنع الممارسات الأحتكارية .. ومراقبة سلامة مصادر تمويلها .. ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام وسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها وحفاظاً على الأمن القومى .
كما خص الهيئة الوطنية للصحافة كهيئة مستقلة تقوم على ادارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة وتطويرها .. وضمان تحديثها وحيادها والتزامها بأداء مهنى وإقتصادى رشيد ، وكذلك فأن الهيئة الوطنية للإعلام بهيئة مستقلة تقوم عن إدارة المؤسسات الإعلاميه وتطويرها وتنمية أصولها وضمان استقلالها وحيادها والتزامها بأداء مهنى وادارى واقتصادى رشيد ويحدد القانون تشكيل الهيئة ونظام عملها والأوضاع الوظيفية للعاملين فيها وأن يؤخذ رأى الهيئة فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها .
وهكذا حدد الدستور مجلساً أعلى لتنظيم الإعلام .. والصحافة .. العام والخاص ليكون مسئولاً عن ضمان حرية الصحافة والإعلام والاستقلال والحياد .. وسلامة التمويل ووضع الضوابط والمعايير .. لضمان الالتزام بأصول المهنة وأخلاقياتها ومقتضى الأمن القومى .. فضلاً عن الهيئة الوطنية للمؤسسات الصحفيه المملوكة للدولة.. والهيئة الوطنية لمؤسسات الإعلام المملوكة للدولة ، وتبدو أهمية تطبيق هذه النصوص الثلاثة، كما تبدو أكثر أهمية تلك التشريعات التى سوف تصدر بإنشاء وتنظيم وتطبيق القواعد والقوانين المنظمة لحرية الإعلام والصحافة وضمان حريتها بالتزامها بأداء مهنى وأقتصادى رشيد .
والمشرع المصرى مدعو لدراسة تجارب الدول التى أخذت بالمجالس الصحفية وهى عديدة ومتزايدة منها على سبيل المثال «السويد عام 1912، والنرويج 1916» وغيرها مثل «الهند، واستراليا، وفلندا، ونيوزلندا، وأمريكا، وتركيا، وجنوب أفريقيا .. وغيرها» ويرأس هذه المجالس على اختلاف مسمياتها قضاة وصحفيون وأساتذة وممثلو الرأى العام ، كما كونت هذه المجالس اتحاداً عالمياً للمجالس الصحفية ، وعقدت من قبل مؤتمراً فى مصر خلال الفترة 27 ، 28 أبريل 2000 ، ناقشت عدداً من الموضوعات عن كيفية تدعيم حرية الصحافة والإعلام للنهوض بالمسئولة والحفاظ على قيم المجتمع وحريات المواطنين وكيفية النهوض بمسئوليتها كنوع من الرقابة الذاتية ، وبعد ذلك التاريخ الطويل للمجلس الأعلى للصحافة المصرى الذى يعود إلى 11 مارس 1975 ، ثم بعدها تغيرت الدنيا فصدر دستور 71 وتعديلاته عام 80 .. ثم قانون تنظيم الصحافة الصادر عام 96 ولائحته التنفيذية فى 30 يونيو من ذات العام ، وتراث المجلس الأعلى للصحافة وعدد لجانه وكيفية تشكيلها ، أى منذ نحو تسعة عشر عاماً !! ماذا كان له أو عليه .. من سلبيات أو إيجابيات وكيف عجز عن ترسيخ القواعد والأحكام لضمان الحرية .. والمسئولية فى ميثاق الشرف الصحفى الصادر فى 26/3/1998 وأيضاً قانون نقابة الصحفيين الصادر عام 1970 أى منذ خمسة وأربعين عاماً، ثم احترام ومراعاة دستور الثورة بما جمعه من نصوص .
ولم يعد الأمر بعد كل هذا الذى جرى فى مجال الإعلام والصحافة من تجاوزات .. لم يعد الأمر يحتمل الكلام أو يقف عند النصوص القائمة فى الدستور أنتظاراً لميلاد مجلس النواب المصرى الجديد ، لنضع مواد إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هيئة مستقلة استقلالاً فنياً وادارياً يتضمن تنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئى ، وتنظيم الصحافة المطبوعة الرقمية وغيرها ، ليكون مسئولاً عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام وضمان تعددها وتنوعها والحفاظ على أصول المهنة وأخلاقياتها ومقتضيات الأمن القومى ومنع الممارسة الاحتكارية ومراقبة سلامة مصادر تمويل المؤسسات ، اذ يجب إتخاذ المبادرات قبل فوات الأوان .. لتضميد الجراح ، وتدعيم الحريات .. بترسيخ المسئولية ..
كل ذلك فى عهد جديد يمنع التسلط والفساد ، فلا عودة للوراء فى ظل الحرية المسئولة وأولها ما يقع فى مجال الصحافة والإعلام لوضع الحدود الفاصلة بين الحرية والمسئولية .. حماية للمجتمع .. وحقوق الوطن وجميع المواطنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.