لطالما تصفحت (الجريدة الرسمية) كلما أردت التدقيق فى احدى فقرات قانون أو قرار مما تصدره الدولة، ولطالما دونت بعض انطباعات عن أعداد هذه الجريدة منذ أن أطلقها الشيخ رفاعة الطهطاوى فى عام 1828 باسم (الوقائع المصرية). ومن ثم فان بينى وتلك المطبوعة علاقة وعِشرة تشهد عليها دراسات وبحوث أكاديمية كانت فيها مرجعاً لى أنظر اليه بكل اعتبار. ولذلك لم أصدق نفسى حين أعطانى الدكتور ابراهيم فوزى وزير الصناعة الأسبق عدد الجريدة الرسمية الصادر فى 5 مايو 2015 ولفتنى الى ملاحظة عجيبة فيه تحت عنوان رئاسة مجلس الوزراء: (استدراك). وكلمة أستدراك- كما تعودناها- ينشرها المصريون فى اعلانات النعى حين يفوتهم نشر اسم لأحد أقرباء أو نسايب الفقيد، أو حين ينكشف زواج المتوفى من امرأة أخرى فتقوم التى لم ينشر اسمها بعمل استدراك أو نعى كامل آخر. ومن ثم فحين تستدرك الحكومة التى لم يتوف بها قرايب ونسايب كما ليس لها- بالطبع- زوجة ثانية، فلابد أن يكون الأمر متعلقاً بمجرد كلمة فى قانون أو سطر فى قرار، أما الذى لاحظته فى عدد (الجريدة الرسمية) الذى أعطانى اياه دكتور ابراهيم فوزى هو أن الاستدراك أستغرق عدة صفحات، فيما شغل النصف الصحيح ما يقل عن نصف عدد تلك الصفحات. الأمر يتعلق بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 17 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام قانون شركات التوصية والأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، وقانون الضريبة العامة على المبيعات، وقانون ضمانات وحوافز الاستثمار وقانون الضريبة على الدخل. والاستدراك يتعلق بوجود أخطاء مادية فى بعض المواد..وفى نهاية الصفحات التى تعرضت للأمر سطرت الجريدة جملة: (لذا لزم التنويه). أى تنويه؟..كل ذلك تنويه؟..إذن ماذا نقول عن الجريمة؟ الجريدة الرسمية مكتوب على صفحتها الأولي: (جمهورية مصر العربية- رئاسة الجمهورية) .. أيعلم أحد فى هذا البلد السعيد معنى أن تصدر وثيقة عن رئاسة الجمهورية فيها هذا الحجم من الخطأ المروع الذى استدعى كل ذلك (الاستدراك). اننى أرفع الأمر للرئيس السيسى وأطالبه بحساب من تسبب فى تلك الفضيحة. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع