حمل الخطاب الشهرى الثانى للرئيس عبد الفتاح السيسى العديد من الرسائل حول قضايا كانت موضوع جدل فى الفترة الأخيرة، وجردا سياسيا لنشاط مؤسسة الرئاسة، وما حققته على أكثر من صعيد داخلى وخارجي، وقد تباينت ردود الأفعال من جانب القوى السياسية، سواء بالنسبة للقضايا التى حملها الخطاب أو تلك التى لم يذكرها بالمرة وتحديدا فى ملفات عالقة مثل الانتخابات البرلمانية. فمن جانبه اعتبر سكرتير مساعد حزب المصريين الأحرار، الدكتور أيمن أبو العلا أن الخطاب أتى فى توقيت سياسى موات ومناسب ليقطع الطريق على المشككين فى الانجازات التى تقوم بها الدولة المصرية خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى أن تأكيد الرئيس ضرورة مواجهة البيروقراطية المتفشية فى الجهاز الإدارى للدولة، يعد أحد الشواغل الرئيسة للدولة، وأن الرئيس حدد ملامح مواجهة الدولة المصرية للإرهاب الذى يواجهنا وإعلانه للقبض على عدد كبير من الإرهابيين خلال الشهر الماضي، مضيفا أن مصر نجحت اخيرا فى القضاء على عدد كبير من البؤر الإرهابية.
وتابع أبو العلا أن الرئيس أثنى على جهود أهالى سيناء على وقوفهم بجانب الدولة المصرية ضد التيارات الإرهابية والمتطرفة، وأن الرئيس قدم أيضًا كشف حساب عن المشروعات المنتظر الانتهاء منها وأهمها مشروع قناة السويس، ومصارحته بالأوضاع التى تمر بها البلاد على المستوى الاقتصادى والسياسى والأمني، مؤكدا أن الرئيس أثبت انحيازه للفئات محدودة الدخل وذلك وضح من خلال إعلانه عن مبادرة مكافحة فيروس « سى» وإنتاج الدواء الخاص به. بينما أكد سكرتير عام حزب الوفد المستشار بهاء الدين أبو شقة، أن حديث السيسى يؤكد أنه يشعر بآلام وآمال المصريين، ويسعى جاهدا لتحقيق تطلعات هذا الشعب العظيم الذى عانى طويلا طيلة العصور السابقة، حيث أكد الرئيس ضرورة مكافحة الفساد بحسم. وأثنى رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، على مبدأ دورية الحديث حتى ولو اختلفنا أو كانت لنا ملاحظات على مضمونه لكن نهج التفاعل مع المواطنين والتواصل المباشر معهم والمصارحة والمكاشفة بحقيقة الأوضاع والقضايا المثارة على الساحة هو الأهم، وهو ما يستحق الثناء عليه. وأوضح أن الرئيس أكد استمرار الحرب على الإرهاب واقتلاع جذوره وتحديث الجهاز الإدارى للدولة وتفعيل دور الأجهزة الرقابية لتنفيذ الإرادة الشعبية فى القضاء على الفساد، وأشار إلى القضايا التى تتعلق بالخدمات والقرى الأكثر احتياجا وقضايا الأمن، والاستقرار، والاقتصاد، وحدد مواعيد إتمام المشروعات القومية وهى رسالة تعكس الثقة والإصرار على إنجاز المشروعات الحيوية فى أقصى وقت ممكن، إلا أنه انتقد ضمنيا عدم حديث الرئيس عن العديد من القضايا وفى مقدمتها ملف الانتخابات المثير للجدل، وقال: كنا نتطلع لأن نقف أيضا على حقيقة الأوضاع وكيفية الخروج من هذه المعضلة التى نحن بصددها الآن بشأن قوانين الانتخابات، إلا أنه فى النهاية تُعد فكرة الخروج والحديث للشعب الثمرة الكبيرة التى نتمنى أن تظل وينتهجها كل رئيس يحكم هذا الوطن. واتفق مع هذا التوجه أيضًا مساعد رئيس حزب النور نادر بكار، الذى رأى فى مضامين الخطاب تبلور رؤية واضحة للمشاكل وآليات حلها من جانب مؤسسة الرئاسة، ويرى من ينجز ومن يتحجج فلغة الحديث بالأرقام جيدة وهذا انتقال جيد. وأشار بكار إلى أنه لأول مرة يرى الرئيس يتحدث وأمامه لوحة تحكم ولديه كل المعلومات عن الدولة، مشيرا إلى أن هذه اللغة كانت مفتقدة من رئيس الجهاز التنفيذى بالدولة. وأوضح أنه عندما يتكلم الرئيس عن القرى الأكثر احتياجا والأسر الأكثر احتياجا فهذا جيد جدا، وأننا افتقدنا فى خطاب الرئيس الحديث عن الانتخابات البرلمانية، مؤكدا أن تدخل الرئيس لإجراء الانتخابات سيصلح العديد من المشكلات.
وقد اتفق معهما فى هذه النقطة، ولكن بشكل أكثر حدة الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية، الذى أكد أنه كان من الضرورى أن يتعرض الرئيس السيسى للشأن السياسى والانتخابات البرلمانية، خاصة أنها ملفات تشغل الرأى العام المصري، لهذا كان من الضرورى ألا يتجاهلها الرئيس، واعتبر تجاهل ملف الانتخابات بالتحديد دليلا على استمرار حالة عدم وجود وضوح بالرؤية حول الانتخابات البرلمانية ومواعيد وتفاصيل هذا الملف برمته، وهو ما يزيد حالة الارتباك فى ملف الانتخابات البرلمانية.
بينما اعتبر عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبى هذا التجاهل مبررا بسبب التركيز على القضايا الأمنية والسياسية، وأكد أن خطاب السيسي، قدم كشف حساب للقضايا التى تمس حاجات الشارع المصري، من خلال تفاعله مع القضايا المثارة فى الأوساط المصرية، مستخدمًا الأرقام الملموسة، إنه بمثابة تفاعل محمود وإيجابى مع المواطنين من خلال حديثه عن القضايا التى تتعلق بالخدمات والقرى الأكثر احتياجا، والكهرباء، ومشروع قناة السويس، وكل ما يلمس حياة المواطنين ويعود عليهم بالنفع. وأوضح شكر، أن السيسى تجنب الحديث عن الانتخابات، والوضع السياسي، مما يعكس اتجاها قويا للرئاسة نحو قضايا الأمن، والاستقرار، والاقتصاد، دون أى إطار سياسي، مشدداً على ضرورة أن يطرح الرئيس إطارا سياسيا ورؤى سياسية حتى لا تظل إنجازاته فى مهب الريح.
إلا أن رئيس تيار الاستقلال نظر نظرة مخالفة لهذا التجاهل بوصفه عدم رضا الرئيس عن المشهد السياسى والحزبي. بينما دعا المستشار أحمد الفضالي، الأحزاب والقوى السياسية لاستثمار الخطاب، من أجل القيام بدورها فى محاربة الفساد والتصدى للمشكلات وكشفها، وعدم الوقوف فى موقع المتفرج. وأكد أن السيسى أعلن من خلال حديثه أن الحرب على الفساد قائمة، وهناك جهود كبيرة تبذل من قبل أجهزة الدولة، مشددا على أن الأحزاب مطالبة بتحمل مسئوليتها فى هذا الإطار والقيام بدورها الوطني، إلا أنه اعتبر أن تجاهل الرئيس للحديث عن الواقع السياسى المضطرب، يعكس عدم رضاه عن الحالة التى يرثى لها والتى وصلت إليها بعض القوى من تناحر وتنافر واستقطاب جعلها منغمسة فى مشاكلها الداخلية وصراعاتها الشخصية، متغافلة عن متابعة ما يجرى أو المساعدة فى دفع دفة البلاد للأمام.
ووصف رئيس حزب المؤتمر، عمر المختار صميدة الخطاب بكونه خطابا تميز بالمصارحة والمكاشفة، وأن الرئيس أعطى أملا جديدا للمصريين بحديثه عن المشروعات التنموية الجديدة التى ستعطى انطلاقة كبرى للاقتصاد المصري.
وقال المستشار محمد سليم البرلمانى السابق، أن حديث الرئيس السيسى عبر من خلاله عن اضطلاعه بالمسئولية تجاه المخططات التى تحاك ضد مصر والمنطقة العربية من تيارات ودول تسعى لإسقاط مصر وتقسيم المنطقة العربية، مؤكدا أن الخطاب كان شاملا وأجاب عن كل التساؤلات بالأرقام وتفاعل من خلاله مع الشارع المصري.