حسمت الأزمة المالية العالمية, وتدخل دولة الفاتيكان, وأيضا التراجع القياسي لتدفق الناخب الايطالي علي صناديق الاقتراع, نتائج الانتخابات الادارية في ايطاليا لصالح تكتل يمين الوسط بزعامة رئيس الوزراء سلفيو بيرلسكوني. الذي حقق انتصارا تاريخيا مكافئا.. أيضا.. للتطرف اليميني الممثل في الفوز الكاسح لرابطة الشمال اللمباردية الانفصالية اليمينية المتطرفة والمعروفة بعدائها للأجانب وخاصة المسلمين منهم.. مما سوف يكون له آثار سلبية علي مستقبل الهجرة إلي ايطاليا. حيث عززت سياسة وزير الداخلية روبرتو ماروني أحد أقطاب رابطة الشمال المتشددة, ضد الهجرة والمهاجرين, والاعلان عن فتح عشرة مراكز جديدة لتحديد الهوية بالأماكن البعيدة عن التجمعات السكانية والقريبة من المطارات والترحيل الفوري للمهاجرين غير الشرعيين, مرشحي الرابطة الذين انتزعوا اقليم بيومنتي في الشمال, وضغوط دولة الفاتيكان ضد توجهات مرشحي تكتل يسار الوسط العلمانية, لفوز مرشح اليمين بمنطقة وسط ايطاليا في اقليم لاتسيو حيث ألقي الفاتيكان مجددا بثقله في الانتخابات المحلية الايطالية لترجيح كفة الأحزاب القريبة من التوجهات الدينية.. وقال رئيس مجلس الأساقفة الايطاليين الكاردينال انجلو بانياسكو ان الدفاع عن الحياة البشرية يأتي في المقام الأول, وهو من القيم غير القابلة للمساومة وبشكل خاص ضد جريمة الاجهاض الفادحة بجميع أشكالها, من هذا المنطلق ينبغي علي الكاثوليك التصويت في الانتخابات الاقليمية القادمة وفي هذا السياق رأي الكاردينال بانياسكو أن علي المواطن ان يدقق بعناية شديدة قبل خوض العملية الانتخابية, سواء كانت وطنية ام اقليمية مؤكدا أن الحدث الانتخابي هام جدا نوعيا, ولاينبغي اهماله تحت أي ظرف من الظروف واعتبر رئيس مجلس الأساقفة الايطاليين الكاردينال انجيلو بانباسكو أن موضوع الاجهاض سيلقي بظلاله علي خيارات من سيصوت في الانتخابات الادارية ودعا بانياسكو الناخبين الكاثوليك صراحة الي الأخذ بالحسبان تشريع استخدام عقار الاجهاض وانتشار مايسمي وسائل منع الحمل في حالات الطوارئ التي تهون من الاجهاض وهي مفردات تبنتها دعاية يمين الوسط.. وتصدت اليها برامج يسار الوسط بمفكرة اصلاحية طويلة الأجل. كما ساهمت الازمة المالية العالمية التي تصدرت الدعاية الانتخابية لمرشحي يمين الوسط, المشبعة بوعود القضاء علي البطالة, وزيادة المعاشات, وتحسين الخدمات الصحية, في فوز مرشحي يمين الوسط في أقليمي كالابريا وكمبانيا في الجنوب, وهي أقاليم ذات أصول يسارية. في حين وصفت الدوائر السياسية في روما, الغياب القياسي لنحو ثلث القوة الانتخابية عن صناديق الاقتراع بالنفور والغضب الشعبي ضد سياسة الحكومة اليمينية خاصة في مجال الخدمات الصحية والامنية, وغياب دور المعارضة اليسارية, مشيرة إلي ان هذا الغياب الذي يمثل نحو35% يعد هزيمة قوية لكلا التكتلين, فيما يعتقد بان هذا الاحتجاج السلبي كان من شأنه حال المشاركة في التصويت ان يفرض نتائج انتخابية مختلفة تماما عن تلك التي جاءت اليوم في غيابها. وبذلك حقق تكتل يمين الوسط بزعامة رئيس الوزراء الايطالي سلفيو بيرلسكوني انتصارا تاريخيا في الانتخابات المحلية الادارية, وانتزع أربعة أقاليم من11 يسيطر عليها تكتل يسار الوسط, محدثا تعديلا جوهريا في الخريطة الحزبية والسياسية في ايطاليا, التي كانت موزعة11 اقليما ليسار الوسط امام اثنين فقط ليمين الوسط, وأصبحت بعد الانتخابات وفوز يمين الوسط7 اقاليم لصالح اليسار, و6 لصالح اليمين وسجل التراجع في الاقبال علي الانتخابات رقما قياسيا بلغ64,2% بما يمثل غياب ناخب من بين اثنين عن التصويت. وبالفوز الساحق, غير المسبوق, لرابطة الشمال اللمباردية, يمكن تقسيم ايطاليا سياسيا إلي ثلاث مناطق, تخضع فيها منطقة الشمال باكملها للتطرف اليميني الممثل في الرابطة بالاشتراك مع تكتل يمين الوسط, وتبقي منطقة الوسط بدون اقليم لاتسيو متمسكة بوشاحها الاحمر اليساري, وينفرد تحالف يمين الوسط برئاسة بيرلسكوني بمنطقة الجنوب امتدادا من اقليم كمبانيا وعاصمته مدينة نابولي وحتي جزيرة صقلية. واكتسبت هذه الانتخابات أهمية اضافية باعتبارها جاءت في مناخ في غاية التوتر والاحتقان السياسي, بعد ان تلقت سكرتارية قصر رئيس الوزراء الايطالي سلفيو برلسكوني ببلدة اركوري القريبة من ميلانو مظروفا كان موجها اليه يحتوي علي مسحوق رمادي يشتبه في كونه بارودا, كما تلقت رابطة الشمال اللمباردية المتطرفة حليفة بيرلسكوني رسالة تحتوي علي عبوة ناسفة.. مما اثار حالة من التعاطف المفاجئ بين صفوف الناخبين اليمينيين المستائين من سلوكيات وفضائح رئيس الوزراء بيرلسكوني.