السياسة تلعب دائما لصالح الاقتصاد.. هكذا يجب ان نتعلم.. وليس ذلك بجديد علينا بالطبع.. فمن المؤكد أننا نعيش في عصر تقول احداثه ان السياسة والاقتصاد وجهان بعملة واحدة وان المصالح هي التي تحكم العالم.. وفي السياسة لا يوجد مكان للاخلاق والفضيلة والتسامح.. فالبقاء للاقوي أو للمصالح الاقتصادية. هذه مقدمة ضرورية لندرك أهمية ما نتعرض له اليوم علي صفحات سياحة وسفر وهو ما يمكن أن نسميه معركة أو حرب تكسير العظام بين أكبر شركتين لتصنيع الطائرات في العالم وهما اير باص وبوينج.. فدول الاتحاد الأوروبي تدعم شركتها ايرباص.. وأمريكا هي الأخري تدعم شركتها بيونج.. وهذه الدول تستخدم الاساليب المشروع وغير المشروعة من أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية. فالحرب هنا علي مليارات الدولارات بل أكثر من هذا.. فالأرقام تقول أن حجم سوق صناعة الطائرات في العشرين سنة المقابلة سيصل إلي ثلاثة تريليونات من دولار.. وحاليا لنا ان نتخيل ان ايرباص وحدها حققت العام قبل الماضي ايرادات بلغت نحو27 مليار يورو.. ولذلك علينا ان نقدر أهمية وخطورة هذه المعركة في سبيل ان تتمكن إحدي الشركتين من تكسير عظام الأخري لصالح اقتصاديات هذه الدول. المهم اننا نقول هذا الكلام اليوم لأنه. يلوح في الأفق هذه الايام نزاع تجاري جديد علي الجيل التالي من طائرات ايرباص بعد ايام من اعتبار حصول الشركة علي مساعدة اوروبية امرا غير مشروع, لكن يبدو ان أكبر وأغلي خلاف تجاري في العالم سيهدأ في نهاية المطاف عبر المفاوضات. وكان تمويل طائرات ايه350 الجديدة محورا لشكاوي وشكاوي مضادة من الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة نيابة عن ايرباص وبوينج بالرغم من انه لم يتم التطرق اليه في التقرير الذي أصدرته منظمة التجارة العالمية أخيرا عن المساعدات المالية الأوروبية. وبينما يبحث كل من الطرفين عما اذا كان سيستأنف الحكم الذي اعتبره كل طرف في صالحه يشير منطق عملية التقاضي امام منظمة التجارة العالمية الي ان المفاوضات كما تشير ايرباص ستقدم الحل في النهاية. ولم يتضح بعد كيف يمكن للاتحاد الاوروبي إلغاء أو حتي السعي لاسترداد التمويل الذي اعتبر غير قانوني خلال فترة وجيزة. وتثور تساؤلات حول ما إذا كانت الولاياتالمتحدة اذا ماسمح لها في النهاية برد انتقامي سترغب في فرض عقوبات بعشرات المليارات من الدولارات علي اكبر شركاء تجاريين لها وعلي حلفائها في اوروبا. وتنطبق نفس الحجج علي تداعيات الدعوي التي رفعها الاتحاد الاوروبي ضد مساندة الولاياتالمتحدة لبوينج, ومن المتوقع صدور الحكم المبدئي في نهاية يونيو المقبل. ويعود الخلاف الحالي الي انهيار اتفاقية للطيران المدني في عام1992 بين القوتين التجاريتين, وتعتقد ايرباص ان الحل سيتضمن ابرام اتفاقية جديدة اذا ما تم التوصل الي اتفاق يتماشي مع قواعد منظمة التجارة. وقد يشمل هذا لاعبين آخرين في سوق تقدر قيمتها بثلاثة تريليونات دولار خلال العشرين عاما المقبلة مثل: البرازيل والصين وكندا وروسيا وهي دول تخشي بوينج ان تستخدم مساعدة غير عادلة اذا لم تكبح منظمة التجارة جماح الاتحاد الاوروبي. وساق الجانبان مئات الأمثلة علي المساعدة المالية لتطوير طائرات جديدة من قروض بدون فوائد والإنفاق علي بحوث عسكرية الي شق طرق بالقرب من مصانع يقولان انها تنطوي علي مساندة حكومية غير عادلة. لكن الشكاوي انصبت علي قضيتين أوسع, حيث تدفع الولاياتالمتحدة بان القروض التي يقدمها الاتحاد الاوروبي وألمانيا وفرنسا وبريطانيا واسبانيا الي ايرباص, وهي وحدة لشركة إي. أية. دي. اس. لتطوير طائراتها الجديدة, ليست تجارية, وبالتالي تعتبر مساعدات غير قانونية تضر بأنشطة شركات انتاج الطائرات الأمريكية. ويقول الاتحاد الأوروبي ان برامج بوينج للطيران المدني تستفيد بصورة غير عادلة من مليارات الدولارات التي تنفقها الحكومة الأمريكية علي الأبحاث العسكرية. ورحبت بوينج بالحكم الصادر يوم الثلاثاء ونقلت عن مسئولين قولهم ان الولاياتالمتحدة انتصرت في جميع القضايا الرئيسية. وذكرت ايرباص ان لجنة فض المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية عارضت70% من الشكاوي الأمريكية. وأثار حكم المنظمة الشكوك حول وضع مليارات الدولارات من القروض الأوروبية لأكبر طائرة في العالم وهي ايه380 العملاقة التي دخلت الخدمة قبل عامين. لكنها لاتزال بعيدة عن تحقيق ارباح لايرباص. وقالت مصادر مقربة من القضية ان جزءا كبيرا من القروض الحكومية التي تقدر الولاياتالمتحدة حجمها بنحو اربعة مليارات دولار كان يستهدف تقديم مساعدة غير قانونية لأنشطة التصدير. وأضافت المصادر ان فرنسا المسئولة عن نحو37.5% من العمل في أكبر مشروع صناعي اوروبي افلتت من انتقادات منظمة التجارة, مما يبقي علي الشكوك بشأن قروض بنحو2.5 مليار دولار. ورحبت ايرباص بالحكم الذي قضي وفقا لمصادر قريبة من التقرير بأن معظم المساندة التي قدمتها كانت محظورة او غير قانونية بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية حتي مع غياب برامج منظمة لتقديم المساعدة لإيرباص, ويجب وقف بعض هذه المساعدات خلال90 يوما. وبمجرد نشر التقرير ربما في نهاية مايو او مستهل يونيو المقبلين سيكون امام الجانبين30 يوما لاتخاذ قرار الاستئناف, علي ان يتم اصدار الحكم الجديد خلال60 يوما. ولن تضطر ايرباص لسداد القروض اذا ماخسرت الاستئناف, لكن قد تطالب بتعديل شروطها. وقالت بوينج ومشروعون امريكيون ان القرار الصادر يعني انه يجب علي الاتحاد الأوروبي اعادة التفكير في مساندته المزمعة لطائرة ايرباص الجديدة طراز ايه350 المنافسة لطائرة بوينج طراز787. وتقول ايرباص ان تقرير منظمة التجارة لايؤثر علي تمويل ايه350, واخيرا قال بيتر هاينتسه منسق شئون الطيران في الحكومة الالمانية ان برلين علي وشك تقديم1.1 مليار يورو للطائرة الجديدة. لكن السبب في ان قرار المنظمة لن يؤثر علي الطائرة ايه350 هو ان اللجنة التي طلب منها فحص التمويل حتي2006 قالت ان الطائرة الجديدة تقع خارج نطاق اختصاصها, ولأن منظمة التجارة تنظر في سوابق قانونية يمكن اعادة استخدام حجج ناجحة ضد تمويل طائرات اخري في اي نزاع جديد علي الطائرة ايه350. وعشية صدور الحكم عارضت بيونج ردا علي تصريحات هاينتسه دعوة اخري من ايرباص للتفاوض, لكن في غضون بضعة اشهر لن يكون النزاع قريبا من الحل. وقال مصدر قريب من التقرير هؤلاء الناس سيضطرون لإجراء محادثات سياسية. [email protected] المزيد من مقالات مصطفى النجار